آراء النخبة حول “انقلاب تونس” عبد الصمد إيشن

مازالت الكتابات والتحليلات تتواتر بعد إعلان الرئيس التونسي قيس سعيد، قرارات بإعفاء رئيس الوزراء، هشام المشيشي، من منصبه، وتجميد عمل البرلمان لمدة 30 يوما ورفع الحصانة عن النواب، وتولى السلطة التنفيذية حتى تشكيل حكومة جديدة.

وفي هذا الصدد، كتب أستاذ العلوم السياسية في معهد الدوحة للدراسات العليا، خليل العناني، “وأخيراً، فإن أي ادعاء بدعم الثورة لا يكون من خلال تقويض الحياة الديمقراطية، ولكن عبر مزيد من الإجراءات الديمقراطية التي تضمن عدم تغول أي من السلطات على الأخرى، وألا يتم التعدي على إرادة المواطنين مهما كانت الأسباب. صحيح أن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في تونس وصلت إلى مستويات غير مسبوقة من التدهور خاصة مع تداعيات كوفيد-19 وارتفاع عدد الضحايا من المصابين والوفيات، ولكن هذا لا يكون بتقويض مؤسسات الدولة بل دعمها وتقويتها لمواجهة هذه الأزمة.

وأضاف العناني، “من الصعب عدم وصف ما فعله سعيّد منذ 25 يوليوز وحتى الآن بشيء آخر، غير أنه انقلاب على التجربة الديمقراطية الوليدة، وانقلاب على الدستور الذي تم استفتاء الشعب عليه في يناير 2014. وقد استغل سعيّد تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية من أجل ترسيخ وضع جديد تكون الكلمة العليا فيه للرئاسة وليس للبرلمان والحكومة”.

ومن بين التحاليل المنتشرة، ما كتبه مستشار الرئيس التركي، ياسين أقطاي، حول “انقلاب” قيس سعيد. إذ قال في مقال له “كل هذه العوامل كانت تجعل من فرضية حدوث انقلاب واضح في تونس مستبعدة، إلا أن استخدام رئيس منتخب من أجل تنفيذ الانقلاب يُظهر حجم المخطط وخطورته. وإن حدوث انقلاب يقوده رئيس يتمتع بشرعية الانتخابات ضد برلمان منتخب؛ هي أولى عمليات اغتيال المسار الانتخابي، ولا يمكن أن يكون ذلك في صالح البلاد، أو في صالح الرئيس المنتخب، بل إنه سيقوض بشكل خطير شرعية الرئيس”.

وأردف أقطاي “ولا يمكن لأحد أن يزعم أنه تم تنفيذ هذا الانقلاب باسم الشعب التونسي أو لمصلحته، بل إن الهدف منه هو إنهاء التجربة الديمقراطية، وجعل الشعب التونسي يندم على مغامرته لتحقيق هذا الحلم”.

وختم ياسين أقطاي، مقاله بـ “وإن استخدام رئيس منتخب من أجل اغتيال الديمقراطية -نيابة عن فرنسا وبعض دول الخليج وأطراف انقلابية أخرى- يُظهر مدى الخبث والتفكير الشيطاني لمن خططوا لهذا الأمر”.

كما كتب المحلل السياسي البارز، ياسر الزعاترة يقول: “ما يجب قوله هو أن قوى الإصلاح أو التغيير تغدو يتيمة حين لا يتوفر لها ظهير خارجي، وتغدو أكثر يُتما حين يكون أكثر الخارج (الإقليمي والدولي) ضدها، وتغدو أسوأ من ذلك بكثير، حين تكون حصتها في الشارع غير قادرة على الحسم، كما هو حال “النهضة” راهنا، ثم يصير الوضع أسوأ وأسوأ، حين تتوفر قوىً خارجية تملك قابلية الدفع بلا حساب لكل من يعمل على التخريب عليها”.

وأضاف في مقال له بعنوان: انقلاب تونس.. ليس كمصر.. ثم إلى أين؟، “كل ذلك كان متوفرا في الحالة التونسية، ولا يشذّ عنه سوى موقف مختلف وقليل التأثير من قطر وتركيا، وقد كان لافتا أن إيران أيضا كانت ميّالة لسعيّد أيضا، وبالطبع تبعا لتأييده لنظام بشار من جهة، ولأنها تتفق مع “الثورة المضادة” ضد ربيع العرب، ولا تفضّل وجود أنظمة بروافع شعبية، فضلا عن أن تكون تلك الروافع إسلامية (سنيّة)”.

وزاد الزعاترة، “لقد كانت تونس آخر تجليات الربيع العربي الصامدة، مع بقايا في ليبيا ما تزال مستهدفة، ومطاردتها كانت جزءا لا يتجزأ من النشاط اليومي لقوى “الثورة المضادة”، والتي تضيف إلى إرادة تأديب الشعوب على ثوراتها؛ هوسا هستيريا بمطاردة “الإسلام السياسي”، بوصفه من تصدّر “الربيع”، وبوصفه المؤهل لتكرار التجربة”.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *