صفقة القرن.. أموال عربية للتوسع وإحكام السيطرة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية

مصطلح “صفقة القرن” تردد عام 2006 عبر ما عُرف بـ”عرض أولمرت” أو “تفاهمات أولمرت وعباس”، وما تسرب حينها من أنها “اتفاقيات رفّ” تنتظر الانتخابات الإسرائيلية ونتائجها آنذاك.

وقد كشف محمد المدهون، الوزير السابق ورئيس مؤتمر الأمن القومي الفلسطيني، أنه في ظل سقوط حل الدولتين؛ يوجد عود على بدء إلى ما قبل “أوسلو” في أجواء استنساخ أو استحضار لروايات السيناريو المأمول إسرائيليا عبر مشاريع التوطين منذ خمسينيات القرن الماضي.

ومن هذه المشاريع مشروع توطين 60.000 فلسطيني في سيناء أيام عهد جمال عبد الناصر الذي نجحت غزة في إفشاله، ومشروع “آلون” للتوطين في سيناء تحت مبرر “عجز السلطة المصرية عن فرض سيطرتها الأمنية على سيناء”.

وهناك خطة “يوشع بن آريه 2003” بتمديد حدود غزة حتى العريش، ومشروع “غيورا آيلاند 2004” الذي دعا مصر للتنازل عن 600 كلم2 من سيناء لصالح التوطين، مقابل حصولها على 200 كلم2 من صحراء النقب ومزايا اقتصادية.

وصفقة القرن مقترح وضعه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، تهدف الصفقة بشكل رئيسي إلى توطين الفلسطينيين في وطن بديل، خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإنهاء حق اللجوء للاجئين الفلسطينيين في خارج فلسطين.

ووفق ما تم تسريبه تتضمن الصفقة ما يلي:

1- إقامة دولة فلسطينية تشمل حدودها قطاع غزة والمناطق (أ/ب) وأجزاء من المنطقة (ج) في الضفة الغربية.

2- توفر الدول المانحة 10 مليارات دولار لإقامة الدولة وبنيتها التحتية بما في ذلك مطار وميناء بحري في غزة والإسكان والزراعة والمناطق الصناعية والمدن الجديدة.

3- وضع القدس وقضية عودة اللاجئين سيؤجلان لمفاوضات لاحقة.

4- مفاوضات حول محادثات سلام إقليمية بين إسرائيل والدول العربية، بقيادة المملكة العربية السعودية.

في 14 من أبريل 2019 كشفت صحيفة “واشنطن بوست” أن صفقة القرن لا تنص نهائيا على إقامة دولة فلسطينية، وأنها تشتمل على بعض المقترحات العملية لأجل تحسين حياة الفلسطينيين على المستوى الاقتصادي، لكنها لا تضمن إقامة دولة فلسطينية صغيرة بجانب إسرائيل.

د. مصطفى البرغوثي، الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، أعرب أن ما نشر من تفاصيل حول الخطة يؤكد أنها ليست سوى خدعة كبرى للتغطية على تصفية القضية الفلسطينية برمتها، والجميع يعلم أنه ما من بديل اقتصادي أو غير اقتصادي لحق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال.

وأضاف البرغوثي أن من المهم تحليل حقيقة الأرقام التي تم إيرادها وتضخيمها، وكذلك فهم المغزى السياسي الحقيقي للمشاريع التي ذكرت.

وأوضح البرغوثي ستة نقاط تتضمن الحقائق الرئيسية التي تكشف جوهر الخداع في الخطة المطروحة:

1- رقم خمسين مليار دولار الذي ذكر هو لمدة عشر سنوات أي بمعدل خمسة مليارات سنويا فقط.

2- رقم خمسين مليار كما ذكر كوشنر يحتوي أفخاخا خطرة فنصف المبلغ المذكور حسب تصريحات كوشنر، أي خمسة وعشرون مليار دولار سيكون قروضا بفوائد وليس منحا، وهذه قروض ستثقل كاهل الفلسطينيين إن نفذت الخطة بمزيد من الديون التي ترهقهم أصلا.

وبالإضافة إلى ذلك فإن 11 مليار دولار من المبلغ المذكور ستكون من رأس المال الخاص الذي سيسعى للربح وليس لدعم الاقتصاد الفلسطيني ومن المشكوك فيه أصلا أن يمكن جمع هذا المبلغ.

3- أربعة وأربعون بالمئة أي حوالي نصف الخمسين مليار (28 مليار) لن تعطى للفلسطينيين بل ستصرف في الدول العربية المجاورة (مصر والأردن ولبنان) بهدف توطين اللاجئين وتصفية حقوقهم الوطنية في العودة، ولإنهاء وجود وكالة الغوث الدولية، وهي في الواقع محاولة لسلب التبرعات التي تقدم حاليا لوكالة الغوث لدعم اللاجئين الفلسطينيين وتحويلها إلى أموال في خطة كوشنر لتصفية حقوق اللاجئين بعد تدمير وكالة الغوث وخدماتها الصحية والتعليمية.

4- بالتالي فإن المنح المقترحة للفلسطينيين لن تتجاوز ثمانية مليارات دولار لعشر سنوات، أي بمعدل 800 مليون سنويا وهو ما تدفعه في المعدل الدول العربية والأوروبية للسلطة الفلسطينية حاليا، أي أن المساعدات الموعودة هي نفس المساعدات الموجودة ولكن سيتم تقييدها ووجعلها مشروطة بتنازل الفلسطينيين عن القدس وعن حقهم في دولة وعن فلسطين بكاملها بقبولهم لضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية لإسرائيل.

5- ما طرحه كوشنر من مشاريع مقترحة لغزة موجه لفصل غزة بالكامل عن فلسطين، ولربطها بالكامل بجزيرة سيناء المصرية وهذا يستدعي يقظة فلسطينية ومصرية إزاء محاولات تحويل غزة إلى مشكلة مصرية وفصلها بالكامل عن فلسطين.

6- مصدر معظم الأموال المذكورة الدول العربية، ولكن إن كانت الدول العربية تنوي دعم فلسطين فلماذا تحتاج أن تجعل دعمها مشروطا بتنازل الفلسطينيين عن حقوقهم الوطنية بما في ذلك حقهم في القدس وحقهم في دولة، وحق اللاجئين في العودة، ولماذا تحتاج الدول العربية أن توجه مساعداتها عبر الولايات المتحدة وإسرائيل.

وفي الخلاصة قال  د. مصطفى البرغوثي أن هذه الخطة ليست لتحسين حياة الفلسطينيين أو معيشتهم أو حل مشاكلهم الاقتصادية، بل خطة لتدمير مستقبلهم الوطني وقدرتهم على البقاء في وطنهم فلسطين، وهي تمس بمصالح الفلسطينيين والشعوب العربية، وتسعى لدق إسفين بين الفلسطينيين والعرب، ولذلك يجب على الفلسطينيين والعرب رفضها جملة وتفصيلا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *