نحن الآن لسنا مطالبين برسم صورة جديدة للمرأة، فهذا لا يجوز، وكل ما هو مطلوب منا أن نزيل الغبار عن الصورة الأصلية القديمة وإعادتها جديدة كما جاءت في الكتاب والسنة وهذا هو معنى التجديد في الإسلام، إذ معناه الرجوع إلى الإسلام كما كان في ابتدائه، أو قل كشف الغطاء عن القديم الأصيل، قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم، عليكم بالأمر العتيق) وصدق الإمام مالك رحمه الله القائل: (لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها).
إن صورة المرأة في الإسلام صورة ناصعة لا نظير لها وإنه لمن المحزن حقا أن معظم المسلمين يجهلون تفاصيل هذه الصورة، مع أنهم يرددون صباح مساء القول بتكريم الإسلام للمرأة وإنصافه لها ورفعته لشأنها، لكنهم لا يعلمون تفاصيل هذه الصورة من جهة، وهم يتصرفون بغير ما يريده الإسلام من جهة أخرى؛ الشيء الذي أضر بالمسلمة وجعلها تعاني من أوضاع سيئة، وترتبت على ذلك مفاسد منها: انتشار الحركة النسوية المعادية للإسلام، المحادة لتشريعاته جهلا وعدوانا، وقد جندت نفسها لتطبيق القناعات الغربية، التي تتلى عليها بكرة وأصيلا، وقطع الطريق على من ينادي بتطبيق الشريعة!
..من هنا جاء هذا الملف، ليلقي أضواء على هذا الموضوع في خضم الحديث المتزايد عن قضية المرأة، والتي أضحت من أهم وأخطر جيوش العولمة الاجتماعية الغربية الزاحفة لاقتحام حصون المجتمعات الإسلامية وغيرها، رافعة رايات: (إنقاذ المرأة) و(تمتيعها بحقوقها) و(رفع الظلم عنها والتمييز ضدها)…وما الأمر في حقيقته إلا تكريس للهيمنة الأمريكية، والتي يريد أصحابها فرض وجهة نظرهم على شعوب العالم، وإلزامهم بقناعاتهم، ولو كانت متنافية مع مبادئهم وقيمهم!
وغير خاف أن هذا الاهتمام ليس غيرة على المرأة العربية والمسلمة بقدر ما هو تأمين للمصالح، وتحقيق للمطامح؛ وإلا فأين انتصارهم للمرأة البوسنية والشيشانية والفلسطينية والعراقية …، ولو أرادوا تخليصها لفعلوا، ولكن لا مغنم لهم في ذلك، وإنما الغنيمة في تغريب المسلمة وفصلها عن دينها..