لا يستطيع إنسان في قلبه بقية رحمة أن يغمض له جفن، أو يرتاح له بال والشعب الليبي يتم قصفه بالطائرات والصواريخ والذخيرة الحية بهذه الطرق الإجرامية البشعة .
ولا يسع مؤمن متابع لما يحدث في بلاد المجاهد عمر المختار إلا أن يدعم ويساند إخوانه في الدين بكل ما أوتي من حول وقوة.
فما يصلنا عبر وسائل الإعلام العالمية يشيب له الولدان، وليس له توصيف إلا أنه مذابح جماعية وجرائم ضد مسلمين أبرياء عزل.
فنظام القذافي استأسد على شعبه عندما خاف على كرسيه، ولم يستأسد يوما على الطائرات الأمريكية التي قصفته من قبل ولا على الغرب الذين عاقبه اقتصاديا وسياسيا سنين عددا، ولا على الكيان الصهيوني الذي طالب بانضمامه لجامعة الدول العربية!!
لكنه صار اليوم أرنبا وديعا أمام أمريكا؛ وسلَّمهم منظومته النووية على طبق من ذهب، وراح يقبل الأيادي الغربية مقابل أن يعقدوا له العهد بألا يُمس كرسيه الحاكم في ليبيا .
وجرائم هذا الطاغية طالت آلاف القتلى الأبرياء العزل الذين أظهرت وسائل الإعلام صورهم وأعلنت مؤسسات حقوقية أعدادهم المتزايدة كل ساعة وحين، حتى ارتمى القتلى في طرقات طرابلس والبيضا وبني غازي والزاوية؛ وغيرها من المدن.
لا نستطيع تصور تلك القيمة الغالية للكرسي التي يستبيح هذا الطاغية أمامها كل هذه الأرواح، وأي أثر أسود تركه في نفوس أبناء شعبه، وأي بصمات وحشية سطرها على صفحات التاريخ !
فالقذافي خرج للناس تارة بنفسه وتارة على لسان ولده يهدد شعبه بالقتل وبحرق ليبيا، ويخون الشعوب المجاورة ويهدد بحرق النفط وبالحرب الأهلية إذا مُس كرسي الحكم!
فأي نوع من الكراسي تلك؟
أليست تفنى وتبيد؟
أليس أصحابها يموتون ويقبرون ويكفنون في ثياب واحدة، ويدفنون في بطن الأرض، ويهال عليهم التراب، فلا يبقى لهم منها شيء؟!
أليسوا يظنون أنهم سيحاسبون ويعاقبون، فتكون كراسيهم شاهدا عليهم بسبب ما اقترفوه في حق شعوبهم من تقتيل وتعذيب؟!
أفلا يفيق هؤلاء من سكرتهم ويؤوبون من غفلتهم، كم من القتلى والشهداء يكفيهم مقابل تلك الكراسي؟
وكم يكفيهم في مقابلها من الجرحى والمبتور أطرافهم والفاقدي أعينهم وآذانهم؟
كم يكفيهم من أيتام الأطفال وأرامل النساء حتى يشبعوا؟
وكم يكفيهم من تدمير المؤسسات والبيوت حتى يطمئنوا؟!
كنا نستغرب ونستنكر قبل أيام ما حدث في مصر من سلوك البلطجية وعتاة الإجرام ممن أرادوا قمع الثوار والإضرار بهم، واليوم نحن أمام مذابح جماعية ضد الشعب الليبي المسلم، وأمام استعانة بمجرمين مرتزقة جاءوا من إفريقيا ليقتلوا ويخربوا ويغتصبوا نساء أبناء شعب ليبيا الأحرار ويبيدوا شبابه.
وإذا كان نظام القذافي يستطيع أن ينكل بشعبه بهذه الطريقة أمام أعين العالم كله، فكيف كان يفعل معهم في غياهب سجونه ومعتقلاته؟! (مذبحة ليبيا.. الدماء الطاهرة في مقابل كراسي الحكم؛ خالد روشه).
أما الغرب الذي كان متحالفا من نظام القذافي المستبد في السابق فقد تخلى عنه بعد مضي أكثر من خمسة عشر يوما على اندلاع الثورة؛ حيث أسفر اجتماع مجلس الأمن الدولي على إصدار قرار بفرض حزمة من العقوبات في حق القذافي وعدد من المقربين منه تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة دون التهديد باستخدام القوة العسكرية، مع إحالة ممارسات النظام في حق المتظاهرين إلى المحكمة الجنائية الدولية، وحظر سفر الزعيم الليبي معمر القذافي وأعضاء عائلته والمقربين منه وتجميد أرصدتهم.
فيوما بعد يوم ومن خلال ما يتكشف أمامنا من أحداث وما تطرأ على مجتمعاتنا من متغيرات؛ يتأكد لنا أن دماء المسلمين لا تساوي عند الغرب وحكوماته شيئا، فهمهم الوحيد الحفاظ على مصالحهم؛ ومصالحهم فقط، فرد الفعل الغربي إزاء ما حدث في ليبيا أتى متأخرا جدا؛ تماما كما حدث إبان الإرهاب الصهيوني لقطاع غرة؛ لم يحركوا ساكنا حتى سقط آلاف القتلى العزل؛ ولو أن الأمر كان يتعلق بالدولة اللقيطة دولة الكيان الصهيوني؛ لكان الأمر مختلفا تماما.
ولتجلية الصورة أكثر حول هذا الملف؛ وبيان عاقبة الظلم والطغيان والتذكير ببعض رموزه؛ وكشف حقيقة القذافي السفاح؛ والغرب المتواطئ معه؛ ارتأينا فتح هذا الملف.