عبد الرحمن عصفور*: سياسة النفاق السياسي التي تنتهجها أوروبا كانت واضحة منذ زمن للمسؤولين والنخب الأتراك
أستاذ عبد الرحمن لو تقربون القارئ المغربي، من التغييرات التي يحملها الاستفتاء الدستوري المرتقب في تركيا، ما الجديد الذي يحمله، وبماذا يعد الأتراك؟
الاستفتاء الدستوري يتعلق بقضية تغيير النظام في تركيا من النظام البرلماني إلى الرئاسي، وهذا ما يتطلع إليه الرئيس التركي. النظام الجديد يلغي رئاسة الوزراء مما يمنح الرئيس صلاحيات أوسع الأمر الذي تخشاه المعارضة لسببين.
الاستفتاء الدستوري يتعلق بقضية تغيير النظام في تركيا من النظام البرلماني إلى الرئاسي، وهذا ما يتطلع إليه الرئيس التركي. النظام الجديد يلغي رئاسة الوزراء مما يمنح الرئيس صلاحيات أوسع الأمر الذي تخشاه المعارضة لسببين.
الأول: سيطرة الحكومة التركية المتمثلة بحزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان تعني تقويض سلطات البرلمان.
الثاني: السلطة القضائية والتنفيذية تكون بيد الرئيس وهو المنصب الذي يشغله حاليا أردوغان، وبقاء السلطة في يده يعني تقدم حزب العدالة والتنمية في المراحل القادمة.
أما بالنسبة للتغييرات فتتمثل في إلغاء النظام الثنائي في تركيا، وبالتالي الحصول على المزيد من الأمن والاستقرار.. واتخاذ القرار سيكون بيد رئيس الجمهورية وهو من يتولى اتخاذ القرار وبالتالي لا يكون هناك صدامات في أركان الحكم في تركيا.
الموقف الأوروبي واضح منذ البداية، وهو يعتبر تركيا كدولة إسلامية تشكل خطرا على أوروبا المسيحية، هي حرب دينية لم تكن واضحة المعالم، لكن معالمها اتضحت وبرزت على السطح بشكل علني على لسان مسؤولين هولدنيين وألمان
هناك مستجد متعلق بالشباب، يمنح من بلغ الثمانية عشر عاما (18) حق الترشيح في البرلمان، وهو أمر يعتبره البعض جد خطير، لأن الشباب في هذا العمر لا يتمتعون بالنضج الكافي ولا يمتلكون الخبرة الكافية لخوض هذه التجربة.
كيف هي الأجواء في تركيا على بعد شهر من هذا الاستفتاء؟
الجميع يترقب ما ستؤول إليه الأمور في البلاد.. تجربة تركيا الديمقراطية ليست الأولى، فالقرار في النهاية بيد الشعب التركي.. هكذا كانت الأجواء قبل التصريحات التي أطلقتها هولندا، وبعدها، عموما الأجواء في تركيا طبيعية.
في الوقت الذي ادعت دول أوربية كهولاندا وألمانيا أنها ستقف موقف الحياد ولن تسمح بأي نشاط لأي جهة، تم السماح بأنشطة لعدة أحزاب تركية ترفض التعديلات، لماذا في نظركم هذا الانحياز من طرف دول أوربية عديدة؟
الموقف الأوروبي واضح منذ البداية، وهو يعتبر تركيا كدولة إسلامية تشكل خطرا على أوروبا المسيحية، هي حرب دينية لم تكن واضحة المعالم، لكن معالمها اتضحت وبرزت على السطح بشكل علني على لسان مسؤولين هولدنيين وألمان..
لا توجد حيادية أبدا، فمنذ البداية كان الموقف الأوروبي متذبذبا، ولم يبقيهم صامتين سوى خشيتهم من تسلل اللاجئين لأوروبا عبر الحدود السورية، وبعد الموقف الأخير لبعض الدول الأوروبية. قد تلغي تركيا اتفاقية اللاجئين مع الاتحاد الأوروبي.. وقد تتوجه تركيا للمحور العربي والسعودي، كبديل عن الاتحاد الأوروبي فضلا عن تعزيز وجودها في المنطقة العربية خاصة في سوريا والعراق.
كيف تلقى الشارع التركي هذه المواقف الأوربية؟
الشارع التركي تسوده حالة من الاستياء بسبب تلك التصريحات، حيث اعتبر أنصار الرئيس ذلك تدخلا في الشأن التركي، أما المعارضة فتعتبر دعاية مجانية للرئيس التركي.. ومن كان يريد التصويت بلا خرج في مظاهرات منددة للتصريحات الهولندية، ونكس المتظاهرون أعلام هولندا في السفارة بإسطنبول ورفعوا الأعلام التركية بدلا منها، وتم سحب السفير إبان تلك التصريحات.
كيف تتعاطى النخب مع سياسة الكيل بمكيالين التي تنهجها بعض الدول الأوربية، ونضرب مثالا بألمانيا التي تفتح المجال لحزب العمال الكردستاني، وتغلقه أمام حزب العدالة والتنمية، وتنتقد الوضع الحقوقي للصحافيين في تركيا، لكنه تنتهك حقوق الأتراك على أراضيها؟
سياسة النفاق السياسي التي تنتهجها أوروبا كانت واضحة منذ زمن للمسؤولين والنخب الأتراك، فقد خرج الرئيس التركي عدة مرات وندد بهذه السياسة منذ زمن.. وأكد مرارا على حرب بلاده ضد الإرهاب والتنظيمات المتطرفة التي تراها متمثلة بحزب العمال الكردستاني وتنظيم الدولة.
والشعب التركي شعب واع ومثقف بقدر يجعله يدرك من يقف حقيقة مع بلاده، ومن يحاول اللعب بأوراق خاسرة من أجل صناعة أجواء من التوتر في الشارع التركي، وظهر ذلك جليا بعد الانقلاب الفاشل الذي شهدته البلاد مؤخرا، والذي أكد سياسة الكيل بمكيالين التي نتحدث عنها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*إعلامي فلسطيني مقيم بتركيا