ملف العدد: (وقفات الشيخ باحو مع اتهامات “أبو حفص” رفيقي للصحابة)

لماذا اخترنا الملف؟

من أصول أهل السنة والجماعة محبة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ والترضي عنهم؛ والدعاء لهم؛ والكف عما شجر بينهم؛ قال أبو جعفر الطحاوي رحمه الله: (ونحب أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-؛ ولا نفرط في حب أحد منهم؛ ولا نتبرأ من أحد منهم؛ ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم؛ ولا نذكرهم إلا بخير. وحبهم دين وإيمان وإحسان وبغضهم كفر ونفاق وطغيان)اهـ.
نعم حبهم دين وإيمان وإحسان؛ وكيف لا نحبهم وندافع عنهم وهم نقلة الوحي وخير خلق الله بعد الأنبياء والمرسلين، وقد أدرج أهل السنة مبحث الصحابة في أصول المعتقد مخالفة منهم لمناهج أهل البدع والضلال الذين يقعون في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فمنهج أهل السنة وعقيدتهم الثناء على جميع الصحابة دون استثناء؛ وحبهم حبا شرعيا منضبطا بنصوص الوحي؛ دون إفراط ولا تفريط؛ فهم بشر يصيبون ويخطئون؛ لكن أفعالهم ومواقفهم صادرة عن دين وإيمان وإرادة للخير.
قال الإمام أحمد في السنة: “ومن الحجة الواضحة البينة المعروفة ذكر محاسن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم أجمعين، والكف عن ذكر مساويهم، والخلاف الذي شجر بينهم، فمن سب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أو واحداً منهم أو تنقص أو طعن عليهم أو عرض بعيبهم أو عاب أحداً منهم فهو مبتدع… لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً، بل حبهم سنة، والدعاء لهم قربة، والاقتداء بهم وسيلة، والأخذ بآثارهم فضيلة، وأصحاب رسول الله خير الناس، بل لا يجوز لأحد أن يذكر شيئاً من مساويهم ولا يطعن على أحد منهم بعيب ولا نقص.
إنما يعرف فضائل الصحابة من تدبر أحوالهم وسيرهم وآثارهم في حياة رسول الله صلى الله وعليه وسلم وبعد موته، من المسابقة إلى الإيمان والمجاهدة للكفار، ونشر الدين، وإظهار شعائر الإسلام، وإعلاء كلمة الله ورسوله، وتعليم فرائضه وسننه، ولولاهم ما وصل إلينا من الدين أصل ولا فرع، ولا علمنا من الفرائض والسنن سنة ولا فرضاً ولا علمنا من الأحاديث والأخبار شيئاً” اهـ.
وقد انتشرت مؤخرا بعض الأشرطة للأستاذ أبي حفص محمد عبد الوهاب رفيقي؛ أحد أبرز وجوه ما سمي سياسيا وإعلاميا وأمنيا بـ(التيار السلفي الجهادي)، سجلت إبان فترة سجنه؛ وقد حشاها -غفر الله له- بالطامات والطعون والاتهامات الخطيرة لبعض كبار صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلماء أهل السنة.
حيث ادعى -على سبيل المثال- أن (النصْب سرى في الأمة؛ سرى في كتب الأمة، سرى في مجالس الأمة، سرى في أدبيات الأمة)، واستغرب حكاية الإجماع على ترتيب الصحابة في التفضيل: أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي؛ وأن الجو السياسي هو الداعم له، وطعن في الصحابي الجليل كاتب وحي رسول الله صلى الها عليه وسلم معاوية ابن أبي سفيان؛ واتهم بعض أئمة أهل السنة كشيخ الإسلام ابن تيمية وابن العربي المعافري المالكي بتعمد ستر وطمس فضائل علي رضي الله عنه تأثرا بالوضع السياسي ومجاراة له..
وكم تمنينا لو تراجع الشيخ أبو حفص عما رمى به هذه الصفوة؛ وبين بوضوح عقيدته وموقفه من كل صحابة رسول الله وفق ما جاء في عقائد أهل السنة والجماعة، لكان حينها وفر جهدا كبيرا ووقتا كثيرا على كثير من المشتغلين بالعلم والدعوة إلى الله تعالى.
وعلى اعتبار أن المس بهذا الجيل الفريد والتنقص منه منكر لا يمكن السكون عنه؛ وسعيا إلى تنبيه الأستاذ أبي حفص إلى خطورة كلامه المسجل؛ انتدب الشيخ مصطفى باحو الباحث في العلوم الشرعية وصاحب المؤلفات المتعددة من قبيل: عقائد الأشاعرة؛ وعقيدة الإمام مالك السلفية؛ والعلمانية والمذهب المالكي؛ والعلمانيون العرب وموقفهم من الإسلام؛ والعلمانية: المفهوم والمظاهر والأسباب.. وغيرها؛ انتدب الشيخ باحو لنصيحة الشيخ أبي حفص وتنبيهه إلى خطورة الولوغ في هذا المزلق العقدي؛ عبر وقفات هادئة بين فيها المآخذ على الأستاذ أبي حفص.
وهي مآخذ تناولها بهدوء وبأسلوب علمي لم يحمله عليها كما عبر في وقفاته: (إلا الرغبة في القيام بواجب النصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي أوجبه الله على عباده، ولم أر لي عذرا في تركه، ولم يحملني عليه تشف بأحد ولا ترصد للعثرات ولا رغبة في لفت الانتباه).
وقد ارتأينا في جريدة السبيل اعتماد هذه الوقفات في ملف العدد لأن الشبه التي ألقاها الأستاذ رفيقي هي الشبه نفسها التي تروجها وتتعلل بها العديد من الفرق والجماعات الضالة التي تقع في عرض صحابة رسول الله وعلى رأسهم الرافضة وملاليهم وعمائمهم في إيران.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *