ارتفعت صيحات المطالبة بتجديد التراث منذ الغزو الغربي لأراضي المسلمين، حيث سعت نخبة الغرب إلى العمل على تحريف التراث وتشويه الأفكار وتغيير القناعات، لتضمن الانتصار في المعركة الحقيقية.
فبعد أن عمل المستشرقون عقود عديدة للتمكين لهذا المطلب رفعه بعدهم عصابة العلمانيين بدعم وتشجيع من الحكام المستبدين، فـ”مزاعم التجديد التي رفع هؤلاء لواءها، كشفت الحقيقة جلية، وهي أن التجديد لديهم، يعني تطوير الدين على طريقة عصرنة الدين ليواكب الواقع المادي”.
وفي نقاط مختصرة فالتجديد عندهم يعني:
– هدم العلوم المعيارية: أي علوم التفسير المأثور وأصوله، وعلم أصول الفقه، وعلم مصطلح الحديث.
– ويعني رفض الأحاديث الصحيحة جزئيا أو كليا، بحجة ضرورة ملاءمتها لعقولهم ولمصلحة الواقع، وظروف العصر الحاضر.
– ورفض السنة غير التشريعية، أي فيما يخص شؤون الحكم والسياسة، وأمور الحياة والمجتمع عموما..
– التجديد عندهم يعني الانعتاق من إسار الشريعة إلى بحبوحة القوانين الوضعية، التي تحقق الحرية والتقدم، ولذلك هاجموا الفقه والفقهاء بلا هوادة.
– والتجديد عندهم يعني فتح باب الاجتهاد بحيث “يكون فيه لكل مسلم نصيب، وحق الفقه في الإسلام أن يكون فقها شعبيا”.
– التجديد عندهم يعني الدعوة إلى اجتهاد جماعي شعبي، يرد للأمة حقها الذي كان يمارسه عنها الفقهاء، ويمكن أن يصبح إجماع الأمة المسلمة، وتصبح أوامر الحكام، أصلين من أصول الأحكام في الإسلام.
– الاجتهاد والتجديد عندهم يعني تحقيق المصلحة وروح العصر، يقول حسن حنفي: “وما يهمنا هو روح العصر، وما نهتم به من مشاكل العصر، لذلك فنحن نهتم بالأمثال العامية وبسير الأبطال، كما نفعل تماما مع النصوص الدينية، وبالأغاني الشعبية” (ماذا يعني اليسار الإسلامي، حسن حنفي).
– فالاجتهاد بالنسبة لهم على نحو طريقة الاجتهاد عند المستشرقين، يقول المستشرق “جيب”: “تعود الكلمة الفصل إلى ضمير الشعب بمجموعه، إن صوت الشعب -معترف به في الإسلام الحنيف- على أنه يأتي بعد صوت الله وصوت النبي صلى الله عليه وسلم، والمصدر الثالث لليقين الديني”. (انظر العصرانيون الجدد بين مزاعم التجديد وميادين التغريب لمحمد حامد ناصر)هه.
هذا هو التجديد لدى العلمانيين والعصرانيين اليوم، بل يزعم بعضهم إمكانية أن يكون مجدد القرن الخامس عشر منهم…