أمام مقر وكالة «فرنس برس» بالرباط نظم يوم الجمعة الماضي حقوقيون وصحافيون وفنانون وممثلون وكتاب ينتمون إلى الفصيل العلماني وقفة تضامنية مع قتلى المجلة الفرنسية «شارلي إيبدو«؛ ورفع المتضامنون مع قتلى المجلة الساخرة بالأديان شموعا وأوراق كتب عليها «charlie Je suis».
وما أثار الانتباه وشدَّ الأذهان أن هذه الفئة حينما يتعلق الأمر بقضايا وطنية أو إسلامية؛ كالفيضانات الأخيرة؛ والاعتداءات الصهيونية المتكررة في فلسطين؛ وما يقع في سوريا والعراق ومصر من ظلم وقتل ودمار، نلمس حينها من أغلب هؤلاء إما حيادا باردا، أو تصغيرا وتقليلا من حجم الجرم المقترف، أما عندما يمس الغرب ولو حتى قبل التبين والتثبت؛ أو ظهرت أدلة واضحة تبعث على الريبة والشك؛ وأن الجريمة فبركة مخابراتية بامتياز، ترى الاصطفاف الكامل والتأييد غير المشروط لكل خطوات أصحاب العيون الزرقاء ومبادراتهم!
وقد تفاعل عدد كبير من القراء المغاربة مع هاته الوقفة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وشريط نشرته هسبريسTV، وعملت من خلال طريقة عرضه وتوظيف الموسيقى الحزينة على دغدغة عواطف المتابعين، والتركيز على عاطفتهم بدل عقولهم.
إلا أن كل القراء تقريبا كان لهم رأي آخر؛ ورفضوا بكل قوة التضامن مع «شارلي إيبدو«؛ واختاروا التعبير عن مواقفهم بطرق متباينة، ولغات مختلفة، فقال أحدهم باللهجة الدارجة:
»واش هاد الناس عارفين اش كايديروا ولا الريح اللي جا كايديهم!! كنحسوا بيهم وحنا ماكاينش اللي يحس بينا!! واش نساو هاد الناس بللي ديك الصحيفة كتسب الرسول صلى الله عليه وسلم والدين الإسلامي ومستعدين يطبعوا مليون نسخة الأسبوع القادم من نفس العمل. أنا ضد الإرهاب ولكن أنا ماشي شارلي، وللأسف اكتشفت دابا أن فيديوهات الجريمة كلها مفبركة! ربما قربات عندهم الانتخابات و بغاو يديرو بحال السيناريو تاع اوباما و بن لادن».
وكتب آخر: «سأتضامن مع المسلمين في بورما في غزة في سوريا في العراق في نيجيريا في إفريقيا الوسطى لأنهم لم يجدوا من يتضامنوا معهم وهم أيضا يموتون كل يوم أنا لست شارلي».
وعلق أحدهم بالفرنسية فقال:
Des visages sans expression, signe qu’il s’agit là d’une pièce de théâtre à la française. Ils ne parviendront jamais à nous faire gober leurs mensonges qu’ils partagent avec les “enfants des missions française”. Il suffit d’écouter les intervenants pour savoir quelle couche sociale du peuple marocain partage leur “malheur” préfabriqué. Des visages de momies mal emplâtrées, des marocains qui ne vivent pas les pieds sur terre. Voilà la vraie image de ces hypocrites qui ne ratent jamais une occasion pour exprimer leur lâcheté au nom des droits et des “démocraties”, ne laissent jamais passer une occasion de se prosterner devant leur grand-mère la France aux seins taris. Je n’ose penser rencontrer l’un d’eux dans la rue car ce sont des têtes qui voltigent en dessus des lois , ceux qui croient qu’il peuvent tout se permettre , même de s’aligner du mauvais coté
في حين كتب بكل سخرية معلق فقال: «واش شي فرانساوي كتب شي نهار je suis Argana ولا je suis hôtel casa d’España».
قال مغربي بكل وعي وغيرة:
«-أنا لست شارلي
-أنا سوري داخل سوريا أموت بالقصف والبراميل المتفجرة ولاجئ أموت بالبرد والتشرد.
-أنا فلسطيني محاصر في وطني أموت و أعاني من الاحتلال
-أنا صومالي محاصر بالجوع والإرهاب
-أنا يمني يحاصرني و يقتلني الإرهاب والحوثي
-أنا عراقي أعاني من الإرهاب والاحتلال
-أنا مسلم من افريقيا الوسطى و-من بورما أموت بأبشع الطرق
-أنا لبناني… أنا مصري… أنا تونسي… أنا جزائري… أنا مغربي… أنا عربي… أنا مسلم… أنا إنسان…
فهل من مساواة في التعاطي مع الظلم والقتل والإرهاب أيها -الإعلام الحقير و-العالم الأحقر» اهـ.
تعليقات كثيرة تكشف أن الرأي العام الوطني له ضمير حي وعاطفة مرهفة لكنها منضبطة بعقيدة راسخة لا يقبلون المساس بها، وخطوطا حمراء لا يقبلون تجاوزها؛ من أهمها المس بجناب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرغم تقادم حادث استهزاء أسبوعية «شارلي إيبدو« برسول الله صلى الله عليه وسلم، والتعتيم الإعلامي الكبير فيما يخص جوانب مهمة للغاية في هذا الموضوع، إلا أن الرأي العام الوطني الذي أدان الإرهاب بكل أشكاله رفض التعاطف مع المجلة التي أهانت مقدسات الأمة وحمَّلها المسؤولية الكبرى فيما وقع؛ كما وضع أكثر من علامة استفهام حول الرواية الرسمية التي تسوقها فرنسا.