الاتحاد العالمي للفلول والاستئصاليين مصطفى الحسناوي

الارتباط وجدانيا بالشرق والتفاعل مع قضاياه، ليس نزعة إسلاموية خاصة بهم، كما يدعي الحداثويون، بل هو شأن حداثي علماني أيضا، يتفاعلون مع إخوانهم في المعتقد والمذهب، يفرحون لما يفرحهم ويحزنون لما يحزنهم، وتهفوا قلوبهم لما يقع ويحدث هناك، فقد عنون واحد منهم -وإن كنت لا أحسبه على أي توجه فكري، بل هو إلى التوجه الخبزي والشهواني أقرب-، مقالا بجريدة “الأحداث المغربية” عدد:4831 ليوم الخميس 29 نونبر، بعنوان “إلا مصر أيها الزاحفون”، معتبرا ما يقع في مصر كأنه يقع في بلدنا، وأنه يتابع ما يحدث هناك كأنه يتابع أحداث بلده، فقط لأن مصر قدمت كما هائلا من الممثلين والمخرجين والمغنيين والملحنين، وهي بهذه المنجزات العظيمة، حسب صاحب المقال، لا يجوز أن تسقط في يد جماعة دراويش الدين والسياسة، ليعبر عن غبطته وسروره، بما أسماه انتفاضة المصريين الأحرار ضد القرارات الديكتاتورية الجديدة للجماعة، وطبعا هو يقصد انتفاضة الفلول.
“السالب المصري يقاوم”، هو عنوان افتتاحية جمال زيدان بنفس اليومية في عددها 4840، السالب حسب جمال زيدان هم أيتام مبارك وفلول الطرح الاستئصالي التغريبي والعلماني، صاحب الافتتاحية المتعاطف مع الفلول، ختم مقاله بـ: “متفائل، لا خوف على أم الدنيا، أزمة وتعدي، قلوبنا مع السالب المصري”.
نفس المسار ساره يونس مجاهد، في مقال بعنوان: “الاستفتاء على الدستور أم على الشريعة” نشره بجريدة الاتحاد الاشتراكي عدد 10267، يوم الثلاثاء 11 دجنبر، مقال مليء بالمغالطات والانحياز ضد رغبة الشعب وإرادته وأغلبيته، بحجة أن الديمقراطية أتتنا أيضا بعدد من المستبدين كهتلر على سبيل المثال، إن يونس مجاهد لا يجد غضاضة ولا حرجا في الانقلاب على ديمقراطيته التي طالما دعا لها وبشر بها، لايجد غضاضة في لوم الشعب أن اختار من يحكمه، بحجة أنه شعب غير مؤهل وغير واعي، لا يجد غضاضة في لوم الديمقراطية لأنها تأتينا بالمستبدين على متن صناديق الاقتراع، وهو بذلك كمن يعبد صنما من تمر فيأكله حين يشعر بالجوع، لا يجد غضاضة في الوقوف إلى جانب الفلول لأنهم يقتسمون معه مشروع محاربة الشرعية والشريعة.
سعيد لكحل المعروف بعدائه لكل توجه إسلامي ولكل مشروع إسلامي، انتهى من كل قضايا الوطن وهموم المواطنين، وهفت نفسه لإخوانه وبني جلدته من التيار العلماني، فكتب مقالا بنفس فيه كثير من اللوم والعتاب لإخوانه العلمانيين، نشره في جريدة “الصباح” عدد 3936، يوم الإثنين 10 دجنبر، بعنوان: “مصر هذا مآل شعار الضرب معا والسير على حدة”.
العنوان شعار رفعه المتظاهرون والثوار بمختلف توجهاتهم ومشاربهم في الثورة التي أطاحت بمبارك، وسعيد لكحل يتأسف على التنسيق والتعاون بين الإسلاميين والعلمانيين في إسقاط مبارك، والذي عبر عنه هذا الشعار، لأن الثمار جناها الإسلاميون، وهو بهذا الفهم وبهذا المنطق يفضل بقاء نظام مبارك على أن يتحالف العلمانيون مع الإسلاميين لإسقاطه، وهو بنفس المنطق مع التحالف مع فلول النظام السابق لإسقاط الإرادة الشعبية والانقلاب عليها.
حيث تأسف على حصول الإسلاميين على الأغلبية في كل المحطات التي خاضوها بدأ بانتخابات الرئاسة ومجلس الشعب والعضوية في الجمعية التأسيسية، ويتوقع نجاحا للإسلاميين في معركة التصويت على الدستور، مكررا نفس الأسطوانة من أن الإسلاميين غير ناضجين وأنهم سينقلبون على الديمقراطية، رغم أن ما نراه هو انقلاب علماني على الديمقراطية، وتحالف علماني بين العلمانيين من جهة وفلول الأنظمة المندحرة من جهة أخرى. وأهمس في أذن لكحل وأصحابه، أن الإسلاميين في أي معركة خاضوها بأي أسلوب وبأي وسيلة، منتصرون لا محالة لأنهم ضمير الأمة وروحها ووجدانها وعمقها.
فلول الحقبة الماضية المعروفة بفسادها وإفسادها وعلاقاتها المشبوهة مع الصهيونية والصليبية العالمية، وعلى رأسها عمرو موسى والبرادعي، وجدت الدعم والتأييد المالي من بعض دول الخليج، والدعم الإعلامي والفكري، من التيار العلماني بكل تلاوينه وطوائفه ومواقعه، والدعم الشعبي من متعصبي الكنيسة القبطية ومريديها.
والنماذج التي مثلنا بها من دعاة العلمانية والحداثوية في المغرب، هي مجرد نسخة كربونية مما ردده أشباههم على طول عالمنا العربي والإسلامي في وسائل الإعلام، وقد اكتفيت بتلك النماذج، للإجابة على سؤال هل الارتباط وجدانيا بالشرق أمر خاص بالإسلاميين في المغرب كما تدعي التيارات العلمانية، أم أن العلمانيين لهم من ذلك نصيب، تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم، كانوا في الشرق أو في الغرب، لا يضرهم أن يتحالفوا مع الفلول أو يتلقوا أموال الخليج والبترول.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *