لماذا اخترنا الملف؟

في الوقت الذي تتراجع فيه بلد الحريات (فرنسا) عن بعض الحريات الفردية التي ثبت بالتجربة والواقع أنها تجارب فاشلة كبدت المجتمع خسائر فادحة على المستوى البشري والصحي والأمني؛ وأن هذه المطالب الحقوقية تمس بكرامة الإنسان وحقه في العيش الكريم، في هذا الوقت نجد بعض المتشبعين بالفكر المادي ومن أشربوا في قلوبهم العلمانية يصرون على تبني طرح رجعي تخلى عنه من نظر لهذا المذهب.
فقد عبرت وزيرة حقوق المرأة الناطقة الرسمية باسم الحكومة الفرنسية، نجاة بلقاسم، أنها تتمنى أن تعمل فرنسا على إيجاد كافة السُّبل المساعدة على إلغاء البِغاء في البلاد من خلال فتح وَرْش لمدارسة حيثيات هذه الظاهرة.
وسبق لعدة أحزاب فرنسية كالحزب الاشتراكي وحزب الخضر، وأن طالبوا بشدة السنة الماضية بتمرير قرار ينص على إلغاء البغاء في فرنسا من أجل الوصول في نهاية المطاف إلى مجتمع بعيد عن ممارسة الدعارة.
واقترح النائب الاشتراكي الفرنسي “دانييل بوسكيه”، إضافة بُند جديد لقانون العقوبات الفرنسي، يجعل من “اللجوء إلى الدعارة” جريمة يعاقب عليها القانون بدفع غرامة قدرها 3000 أورو والسجن لمدة ستة أشهر، يضاف إليها شهور من إعادة التأهيل عبارة عن إقامة إجبارية تعمل على التوعية في المجال الصحي.
فحين يتراجع منظرو العلمانية في الغرب عن بعض مطالب الحريات الفردية؛ وفرض مزيد من القيود عليها؛ نجد أبناء جلدتنا يسيرون عكس التيار: تيار أمتهم وبلدانهم الأصلية، وأيضا عكس تيار أولياء نعمتهم وأساتذتهم وقدواتهم، ويصرون على استنساخ التجارب الفاشلة للغرب الاستعماري واستنباتها في بلداننا، وجعلنا نسلك نفس مسالكهم ونتبع سننهم.
وهكذا في حركة بهلوانية خارج السياق والتاريخ والهوية رفعت بعض الأصوات عقيرتها بالمناداة ببعض الحريات الفردية الأنانية والمريضة من قبيل الحق في الإجهاض والحق في الإفطار العلني في رمضان والحق في الارتداد عن الإسلام والحق في التصرف في الجسد وممارسة الجنس خارج مؤسسة الزواج.
كل هذه الطوام تفتقت عنها هذه الذهنية العبقرية والمفكرة والمناضلة، وهي نفس العقلية التي تتهم الإسلاميين بإشغال الناس بنقاشات وقضايا بعيدة عن همومهم وقضاياهم ومشاكلهم، لكنها لم تجد حرجا ولم تعدم صفاقة في طرح هذه المطالب الخاصة بها وحدها، وتنصيب نفسها مدافعا عن الشعب، رغم أنها حفنة من العلمانيين مكن لها إعلاميا واستفادت من الدعم الداخلي والخارجي، حتى أصبح صوتها النشاز عاليا، ومن أجل تسليط الضوء على هذه الدعاوى واستنهاض الهمم وتبصير الرأي العام اخترنا هذا الملف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *