الأهداف الغربية من تعمد الإساءة إلى المقدسات الإسلامية

الغرب يرمي من وراء هذه المنهجية المنظمة في النَّيل من مقدسات المسلمين وعقائدهم إلى عدة أهداف، منها:

1- جس نبض الشارع العربي والإسلامي
الغرب يسعى لمعرفة حرارة التدين في الشارع المسلم والمصادر التي تقود إلى توهج هذه الحرارة، والعوامل التي تؤثر فيها، على نحو ما تفعل الدولة الصهيونية بالنسبة للمسجد الأقصى؛ حيث تختبر نوايا المسلمين تجاه مخططاتها الرامية إلى تقويض المسجد الأقصى المبارك؛ وبناءً على ردود الأفعال، تحدد إحداثيات أفعالها المقبلة.

2- جعل الإساءة إلى مقدسات المسلمين أمراً طبيعياً
الغرب يعمل على امتصاص ردود الفعل الشعبية المندفعة عقب كل حادثة، ثم يعاود الإساءة مرة أخرى؛ حتى يتكون شعور داخلي لدى المسلمين بكون هذا الأمر طبيعياً ومتقبَّلاً، وهو ما قد يكون له التأثير في منزلة هذه المعتقدات والمقدسات لدى المسلمين على مرور الأجيال؛ فيتم تذويب معالم الدين رويداً رويداً حتى تظهر أجيال ممسوخة خجولة من هويتها وانتمائها الديني، وتجري لاهثة وراء الغرب وقيمه الخاوية التي يستعلي بها.

3- تكوين رأي عام غربي مناهض للإسلام
يسعى الغرب جاهداً لتكوين رأي عام معادٍ للإسلام والمسلمين، من خلال المس المباشر بمقدسات الدين، وإظهار الإسلام على أنه نموذج للرجعية والتخلف، وأن دعاته همجيون لا يؤمنون بحرية الرأي والمعتقد.
ودافع الغرب في ذلك هو إجهاض أي توجه يقود الشعوب هناك لرؤية الإسلام بوجهه الحقيقي كما أنزله الله، والخوف من أسلمة القارة الأوروبية، وهو الأمر الذي لم يعد خافياً على أحد حتى نطقت به أفواه الغرب أكثر من مرة؛ منهم رئيس الحزب النصراني الاشتراكي والحليف الرئيس في الائتلاف الحاكم الألماني “إدموند شتويبر”، وصرح به كذلك السكرتير الخاص للبابا بنديكت السادس “جيورج جاينزفاين” محذِّراً من ذوبان هوية القارة النصرانية.
فالغرب يسعى جدياً لفرز عالم اليوم بين “شرق إسلامي إرهابي مدمر” و”غرب نصراني ديمقراطي متحضر” وتأجيج الصراعات مع الإسلام بالنيل منه ووضعه في موضع العدو هو سبيلهم إلى ذلك.

4- الخشية من ركائز النهضة الإسلامية
الغرب يدرك جيداً أن نهضة هذه الأمة لن تكون إلا بالتمسك بمرجعيتها الدينية وهويتها الإسلامية، ومن ثم فهو يخشى من يقظة العملاق مرة أخرى، وهو ما قد يقوِّض أحلامه في سيادة الكون، وخاصةً مع التآكل الحادث في حضارته المادية التي أشقتْ الإنسانية؛ والتي باتت متطلعة للمنقذ من هذا الضلال والشقاء المزخرف بمادية طاغية استعبدت الإنسان الغربي وأنهكت قواه الروحية.
وبإدراك الغرب لتلك الحقيقة راح يقابلها بمحاولة القضاء على مرتكزات اليقضة التي تعرفها أمتنا والمتمثلة في ثوابت الأمة ومقدساتها؛ خشية القادم الذي يزيله عن كرسي الريادة ويضعه حيث مكانه الصحيح.
5- وضع الإسلام في صورة متدنية عن بقية المعتقدات
لا شك أن هذه الإساءة للمعتقدات الإسلامية يقابلها تشدد مفْرِط في أية إشارة أو عبارة تشكك فيما ترى الدولة الصهيونية أنه من مقتضيات وجودها أو تاريخها، ومن ذلك الحديثُ عن “الهولوكست” الذي كان السجن والملاحقة القضائية جزاءَ مَنْ تعرَّض له بالإنكار أو حتى مجرد التشكيك مهما علت منزلته وعلت قامته في العلم، وشيء من ذلك أيضاً لمن تعرّض للنصرانية أو المسيح عليه السلام، وإن كان التعرض لشخص المسيح عليه الصلاة والسلام يعد ناقضا من نواقض الإيمان في الإسلام.
من هنا ندرك رغبة الغرب في إخراج الإسلام من بين المقدسات، وجعله في منزلة متدنية عن بقية الشرائع، في محاولة لتهميش أتباعه وجعلهم خارج السياق التاريخي والحضاري كغيرهم من أصحاب المعتقدات المنكفئة على نفسها. (الإساءة إلى المقدسات الإسلامية منهجية الغرب وإستراتيجية المواجهة، عصام زيدان).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *