ارتفاع أسعار المحروقات.. أزمة مضاعفة (ع.إ)

 

منذ أن كشف عبد الله بووانو رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، خلاصات المهمة الاستطلاعية البرلمانية حول المحروقات التي ترأسها سنة 2018، وجدل أسعار المحروقات بالمغرب يعرف جدلا حاداً، بسبب ما تمثله قيمة الأخير في سلاسل الانتاج والاقتصاد الوطني، فالوقود هو عصب الحياة الاقتصادية، وبمجرد تغير سعره ينعكس الأثر مباشرة على أسعار كل المنتوجات التي يقتنيها المواطنون في الأسواق.

تقرير اللجنة البرلمانية، بيّن تسجيل فارق درهم إلى درهمين في اللتر كربح إضافي، بعد تحرير أسعار المحروقات، بالمقارنة مع ما تحدده تركيبة الأسعار المعمول بها، أي 60 سنتيم كهامش للربح في اللتر الواحد.

أما بالنسبة لحكاية 17 مليار درهم وكيف توصلت المهمة إلى تحديد هذا المبلغ، فبين بووانو في عرضه الذي ألقاه في اللقاء الدراسي الذي نظمته المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، ومنتدى أطر وخبراء الحزب، حول تقرير مجلس المنافسة بخصوص المحروقات والسير التنافسي للسوق، أنه تم أخذ الكمية المستهلكة من الغازوال والبنزين سنويا على المستوى الوطني والمقدرة ب6.3 مليون طن، وأن كل طن يحتوي على 1250 لتر، وبعد ذلك تم ضربها في درهم كأقل تقدير، لننتهي إلى 7.8 مليار درهم سنة 2016 ومثلها سنة 2017 بالإضافة إلى الأشهر الأولى من سنة 2018، لنتحصل على مجموع هو 17 مليار درهم أي 1700 مليار سنتيم.

ولكن المنتقدون لهذا الوضع، يسجلون عدم مصداقية خطاب الحكومة، لما ترجع ارتفاع أسعار المحروقات للسعر في السوق الدولية، ولكن بمجرد انخفاض البترول دوليا لا يلمس المواطن المغربي الانخفاض في محطات الوقود.

أضف إلى كل الملاحظات السابقة، ما يتسببه إغلاق مصفاة سامير لتكرير البترول، من ارتفاع في الأسعار وارتهان للسوق الوطنية للخارج، إذ لو تم فتح المصفاة من جديد لوفر المغرب العملة الصعبة وانعكس الأثر مباشرة على أسعار المحروقات بمحطات الوقود. وهو ما يوضحه، الحسين اليماني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز، بأن “سامير قادرة على توفير كل الحاجيات الوطنية من المواد البترولية و50% من الغازوال ومع فائض للتصدير في الكروزين والبنزين الخامّ”، مشددا، على أن “عودة المصفاة لتزويد السوق ستساهم في الرفع من المخزون الوطني للمحروقات وستخفض الأسعار بأكثر من درهم واحد عن السوق الدولية، وبالتالي الحد من إنهاك القدرة الشرائية للمواطنين والمستهلكين”.

وفي نظر اليماني فإن “الحل لوضع حد للارتفاع غير المبرر لأسعار المحروقات يمر عبر إلغاء التحرير وإطلاق سراح التكرير وتفكيك معاقل التحكم والاحتكار في السوق”، موضحا  في السياق نفسه على أن “التسقيف المزعوم دون جدوى، ويهدف في العمق إلى شرعنة الأرباح غير الشرعية”.

وباتت اليوم أصابع الاتهام موجهة للحكومة في موضوع ارتفاع أسعار المحروقات، خاصة أثناء الجلسات الأسبوعية لمساءلة الوزراء، حيث شدد النائب البرلماني رشيد حموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، في إحدى الجلسات، على أن الأسعار لاتزال اليوم تمتص جيوب المغاربة، مؤكدا في سياق تجديد التأكيد على الموقف المبدئي للفريق، تجاه ارتفاع أسعار المحروقات، قوله في الأول لما ارتفع الثمن ساءلنا الحكومة، وقالت إن أسعار الخام على مستوى العالم ارتفعت وثقنا فيها، ولما انخفضت لم ينعكس ذلك علينا وطنيا، وتساءلنا لماذا؟ وقالت الحكومة، إن المشكل ليس في غلاء المواد الأولية، بل في التكرير والتخزين، فيما قلنا لها من جهتنا، نحن أيضا لدينا مؤسسة للتكرير والتخزين، ينبغي إيجاد الحل لها، وأجابت الحكومة على هذا المستوى، بأن التكرير لم يعد مشكلا قائما.

وتابع رشيد حموني قائلا في تعقيبه الإضافي: “لم نفهم هذا التناقض، مضيفا في السياق ذاته قوله أنا لا يهمني سوى المواطن مشيرا إلى أن الدولة “كانت قد رفعت دعوى مستعجلة وحكمت باستعمال تلك الخزانات التي لم يستعملها أحد، وحتى السانديك عاد للإلغاء”. متسائلا لمصلحة من يتم ذلك؟ متابعا قوله: “أنا عندي الجواب وهو أن اللوبيات اليوم، والتواطؤات هي من وراء ذلك لا في الحكومة السابقة ولا الحالية”.

فهل تستطيع الحكومة اليوم أن تخفض نسبة الضريبة على استيراد المحروقات ليتمكن المواطن المغربي من ضمان قوته نتيجة عودة الأسعار إلى حالها؟ أسئلة مشروعة يطرحها المختصون والخبراء في الشأن الاقتصادي بالمغرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *