يعيش العالم، اليوم، على صفيح ساخن، حتى قال بعض المحللين والخبراء الاستراتيجيين إن الأمر أشبه بتسخينات قوى عظمى لحرب عالمية ثالثة، بل هناك من اعتبر “ظهور فيروس كوفيد-19” وانتشاره بداية لهذه الحرب.
ويعتبر الفيلسوف الروسي ألكسندر دوغين أحد أبرز المتحدثين عن سيناريو “حرب عالمية ثالثة” اندلعت أو اقتربت من الاندلاع، يخرج بين الفينة والأخرى ليقول: “لا بد للغرب أن يعرف قدره، ولا بد لغطرسته أن تقف عند حد ما”. إنها دعوة صريحة إلى عالم متعدد الأقطاب، تنتهي فيه هيمنة الغرب على العالم، ليس في الاقتصاد والسياسة وحدهما، بل في الثقافة أيضا.
لا نتفق مع دوغين في كل ما يدعو إليه، لا نتفق معه في عقيدته أو في بعض المساحات -جوهرية أو عرضية- من فلسفته؛ إلا أنه أقرب إلى المسلمين من فلسفة الغرب المادية وسياسته الهيمنية.
لا يناقض الدين ولا يرفضه، بل يدعو إلى عودة البشرية إليه. لا يقبل هيمنة الغرب على الأمة الإسلامية، كما هو موقفه من هيمنته على باقي الأمم والمجتمعات. يدعو إلى احترام الخصوصيات والثقافات والهويات، حتى تعبر كل هوية عن نفسها ودعوتها بعيدا عن قبضة الغرب. لا يقبل تجزئة الأمة الإسلامية وما تعرضت له من مخططات تخريبية أنتجها وأشرف عليه الاستعمار الغربي بنسختيه، القديمة والجديدة. يرفض الشذوذ والانحراف والاستهلاك الفاحش والأنانية، وكل ما يعمل الغرب على تصديره من آفات أخلاقية وقيمية. لا يقول، كما هو موقف عَلمانيينا وحداثويينا، بالفصل بين الدين والدولة، بل يرى ذلك شأنا داخليا خاصا بكل دولة حسب شروطها وهويتها؛ إلخ.
هذا ما نبهنا إلى دوغين وفكره، فطفقنا إلى التساؤل:
كيف وقع هذا التوافق بين المفكر (دوغين) والسياسي (بوتين)، أين نلتقي نحن مع دوغين؟ كيف أصبح فكره بهذا القرب إلينا؟ أين نحن وهو وأين الغرب؟
أسئلة وغيرها يجيب عنها هذا الملف.