أزمة غالي بين المغرب وإسبانيا وقائع وأحداث أحمد السالمي

 

تعيش العلاقات المغربية الإسبانية توترا تصاعدت أحداته أواخر شهر أبريل الماضي، حيث أصبحت العلاقة مفتوحة على احتمالات متعددة، يبقى المستقبل وردة فعل كل بلد هي الكفيلة بتحديد وجهتها.

فبعد الفعل المتهور الذي قامت به إسبانيا باستقبالها لزعيم عصابات البوليساريو، للاستشفاء على أراضيها من فيروس كورونا سرا، الأمر الذي كشفته المخابرات المغربية وأغضب الرباط كثيرا وأدخل علاقته بمدريد في نفق مظلم.

ويعتبر يوم 21 أبريل 2021 يوم تصدع العلاقة بين المغرب وإسبانيا، بعد تخطيط مدريد مع جنرالات الجزائر لتهريب زعيم عصابات البوليساريو لأراضها سرا عن المغرب، وبهوية وجواز سفر مزور ينتحت اسم “محمد بن بطوش”.

مباشرة بعد ذلك وبالضبط في 23 من نفس الشهر قام محامو ضحايا بن بطوش بتقديم طلب للمحاكم الإسبانية من أجل تفعيل مذكرة توقيف صادرة في حق مجرم الحرب إبراهيم غالي، بعد يومين في 25 أبريل يعرب المغرب عن أسفه لتصرفات الحكومة الإسبانية ويستدعي سفيرته لطلب توضيحات حول القضية.

وفي فاتح ماي أصدرت الخارجية المغربية بلاغا شديدة اللهجة أعلنت فيه أن المغرب ما زال ينتظر توضيحات وتفسيرات مقنعة لموقف الحكومة الإسبانية بخصوص القضية ومسألة محاكمة المدعو إبراهيم غالي بناء على شكايات الضحايا.

لتدخل الأحزاب المغربية بعد ذلك على خط هذه الأزمة، حيث أصدرت بيانا مشتركا يوم 8 ماي بعد اجتماع عقدته مع سعد الدين العثماني رئيس الحكومة، تذكر فيه أن استقبال إسبانيا لرئيس جبهة “البوليساريو” الانفصالية، يعد عملا “مرفوضا ومدانا” ويتناقض مع جودة العلاقات القائمة بين المغرب وإسبانيا.

وبعد ذلك في 10 من ماي شددت جميع مكونات مجلس النواب أغلبية ومعارضة، على أن استقبال إسبانيا لزعيم جبهة “البوليساريو” يعد “سلوكا مرفوضا” ويمس بقيم حسن الجوار.

وبعد ضغط المغرب المتواصل قبل القضاء الإسباني بشكوى قدمها الخبير السياسي الإسباني المعروف بيدرو إغناسيو ألتاميرانو إلى قاضي التحقيق بمحكمة مالقة في 24 أبريل الماضي ضد غالي، ليتم فتح ملف مجرم الحرب في 19 من ماي 2021، بقرار من قاضي المحكمة الوطنية الإسبانية، سانتياغو بيدراز.

وفي اليوم الموالي 20 ماي قال ناصر بوريطة وزير الخارجية المغربي، أن المغرب لا يقبل الازدواجية في اللغة والمواقف من طرف إسبانيا وأن عليها أن تعي جيدا أن مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس.

ثم أصدرت الخارجية المغربية بيانا مطولا في 31 ماي جمعت فيه أسباب الأزمة مع إسبانيا، معتبرة أن الأزمة ليست مرتبطة فقط بقضية دخول أو استقبال مجرم الحرب غالي، بل بتصرفات ومؤامرات تقوم بها إسبانيا ضد قضية الوحدة الترابية المغربية وسيادته على أراضيه.

وتم مثول غالي أمام قاضي التحقيق بالمحكمة العليا الإسبانية في فاتح يونيو عبر تقنية الفيديو من المستشفى الذي يعاجه فيه، ليقرر بعد ذلك القاضي عدم اعتقال غالي ضدا على مطالب محاميي الضحايا، ويسمح له بمغادرة إسبانيا، ليتوجه مباشرة في نفس اليوم إلى الجزائر.

وكعادة العسكرتارية الجزائرية التي لا تفلت فرصة تغيض فيها على المغرب، وتنتقص من وحدته الترابية، إلا وتدخل غمارها، حيث قام الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في 2 من يونيو مرفوقا برئيسه وزير الدفاع شنقريحة، بزيارة إبراهيم غالي بنبطوش، في المستشفى الذي نقل إليه بالجزائر بعد مغادرته إسبانيا.

بعد هذه الأحداث المتسارعة، بنبطوش دخل في سرية، وخرج علانية بعد شعوره بالخطر الذي حاصره، جراء التصعيد المغربي الذي لم تضع الدبلوماسية الإسبانية له حسابا بعد انكشاف أمرها، ومحاولتها إرضاء جميع الأطراف، لتخرج هي المستفيد الوحيد في هذه الأزمة، إلا أن اليقظة الاستخباراتية المغربية بعثرت جميع أوراقها، وجعلتها تبحث عن مخرج مستنجدة بالاتحاد الأوربي وغيره من الدول الأخرى، لتلطيف الأجواء مع المغرب، الذي جعل الحل الوحيد هو اعتراف إسبانيا النهائي بمغربية الصحراء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *