علماء المغرب لم يتخلوا أبدا عن المطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية إبراهيم بيدون

في إحدى ندوات الجمعية المغربية لمكافحة الإجهاض السري، قامت إحدى المتدخلات لتدلي بدلوها في موضوع إباحة الإجهاض، فكان من ضمن قولها وهي تبين للحضور أن نيل مثل هذه المطالب العلمانية في مجتمع كالمغرب مسألة وقت فقط، مذكرة بموضوع إدماج المرأة في خطة التنمية، وحتى توضح المتدخلة أن الحرج الديني في موضوع الإجهاض زائل لا محالة؛ قالت: ومن يطالب اليوم بتطبيق الشريعة الإسلامية؟!
وحق لها قول هذا الكلام؛ لأن الجو قد خلا لها ولأمثالها؛ إذ خفت صوت الحق وارتفع صوت الباطل؛ وكممت أفواه العلماء، وصار مطلب إعادة تطبيق الشريعة الإسلامية هو مطلب بعض الجماعات الإسلامية فحسب.
وحتى لا يظن العلمانيون أن العلماء تخلوا عن المطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية، أو أنهم استسلموا أو وافقوا على القوانين الوضعية التي تحكم في شتى مجالات الحياة إلا ما نذر منها، فسأنقل مجموعة من مواقف علماء المغرب حول هذه القضية، مكتف بذكر ما جاء في توصيات مؤتمرات رابطة علماء المغرب (1960م-1987م) باعتبارها لسان علماء المغرب آنذاك.
فقد دأب العلماء المنضوون تحت لواء الرابطة على التأكيد والمطالبة في ختام كل مؤتمر بتطبيق الشريعة الإسلامية، واستبدال القوانين الوضعية بالقوانين الشرعية التي ينص عليها كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك:

المؤتمر الأول 1960م:
1- الدستور المزمع وضعه:
أ. يجب أن ينص على أن دين الدولة الرسمي هو الإسلام وأن لغتها هي العربية.
ج. وعلى أن القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة المصدر الوحيد للدستور المغربي في جميع فروعه، ويعارض المؤتمر كل مادة تخالف الروح الإسلامية نصا ومفهوما.
2- المحاكم:
أ. يرى العلماء إسناد الوظائف القضائية وغيرها إلى رجال مسلمين أكفاء لهم معرفة تامة بالشريعة الإسلامية التي تساير التطورات والمقتضيات الزمانية والمكانية ولهم تجارب كافية مكتسبة من ممارسة العوائد الصالحة للمجتمع المغربي. (مواقف وآراء رابطة علماء المغرب من الـتأسيس 1960 إلى المؤتمر العاشر 1987؛ ص:99-100).

المؤتمر الثاني 1964م
التوصيات الخاصة بالقضاء والتشريع:
– بمراجعة جميع القوانين والإجراءات القضائية الجاري بها العمل لدى المحاكم المغربية، وذلك بعرضها على أنظار علماء مختصين في الفقه الإسلامي، حتى يساير جميعها أحكام الشريعة الإسلامية وتوجيهاتها.
– وإلى أن يعدل القانون الجنائي الحالي، يطالب المؤتمر بسن عقوبات زجرية وفق التشريع الإسلامي لكل مسلم صبأ عن دين الإسلام أو انتهك حرماته.
– إسناد مناصب المسؤولية عن شؤون القضاء والإدارة إلى أكفاء نزهاء متشبعين بروح الثقافة الإسلامية. (ص:138).

المؤتمر الثالث 1968م
– نطالب بعدم بيع المسلمين الخمر والإبقاء على التشريع القاضي بمنعه لأنه لا هوادة في الشريعة الإسلامية في هذا الحكم، والذي أفتى بجواز ذلك للتنمية الاقتصادية ليس عالما وإنما هو شيطان.. (ص:165).
– تجديد القيم الإسلامية بإحياء السنة وإماتة البدعة ومحاربة اللادينية والإلحاد والزندقة والانحلال الخلقي والاجتماعي.
– السعي لجعل القضاء أو التشريع في المغرب خاضعين ومستمدين من القواعد والأصول الإسلامية. (ص:181).
– وجوب عرض جميع القوانين المدنية والجنائية على أحكام الشريعة الإسلامية وتطهيرها من كل ما يخالف قاعدة أو أصلا من أصول هذه الشريعة. (ص:188).

المؤتمر الرابع 1971م
– ..إننا ما سكتنا قط على هذه المخالفات الصريحة لشريعة الإسلام، وما زلنا نندد بها وننبه على ما فيها من خطر على كياننا الوطني ومستقبل الوجود الإسلامي في هذه البلاد. (ص:210).
– يدعو المؤتمر إلى إعادة النظر في القوانين المغربية مدنية وغيرها، والتأكيد على مبدأ إسلامية القوانين بما يتفق والشريعة الإسلامية وخاصة في القانون الجنائي. (ص:233).

المؤتمر الخامس 1975م
– وإيمانا منها بدورها الطلائعي والتقدمي في تصحيح الأوضاع ومقاومة الانحراف، والرجوع إلى شريعة الإسلام الغراء والحكم بما أنزل الله.
– أن يحتفظ المجتمع المغربي بالطابع الإسلامي الصحيح المتمثل بصفة خاصة في التمسك بالعقيدة الإسلامية وتطبيق نصوص الشريعة والالتزام بمبادئ الإسلام ومثله العليا. (ص:293).
– جعل الشريعة الإسلامية المصدر الأول في كل تشريع والاستغناء عن كل القوانين التي صدرت مخالفة للشريعة، وأن يكون في مقدمة اللجان الواضعة للقوانين علماء متضلعون في الشريعة الإسلامية. (ص:297).
– وعليهم أن يحذروا أعداء الإسلام أفرادا كانوا أو هيئات، وأن لا يغتروا بشعاراتهم البراقة وأساليبهم المغرية التي تتنافى مع العقل والدين وأن يتمسكوا بتعاليم القرآن والسنة التي بها نجاتهم.. (ص:307).

المؤتمر السادس 1977م
– وليعلم المسلمون أن لا خلاص لهم من هذا المركب الشنيع (الضعف والانحلال والتخلف)، إلا إذا أعادوا النظر في نظامهم الحالي، وأخذوا بنظام كتابهم العالي وعادوا إلى أصالتهم والاعتدال بأنفسهم. (ص:333).
– بمراجعة جميع قوانين الدولة على مقتضى أحكام الشريعة الإسلامية.
– بإحداث قوانين لمعاقبة من سبَّ الدين.. (ص:347).

المؤتمر السابع 1979م
– إن رابطة علماء المغرب إيمانا منها بأن الشريعة الإسلامية تشتمل على جميع القواعد التي تحقق العدالة الإنسانية في كافة الميادين وتضمن للبشر ما يوصلهم إلى الخير والسعادة..
– وانطلاقا من هذا الإيمان العميق دأبت رابطة العلماء على أن توصي بالرجوع إلى الشريعة الإسلامية والعمل على استمداد جميع القوانين منها، وحرصت في إصدار توصياتها على أن تنادي بنبذ القوانين الوضعية الأجنبية التي لا تتلاءم مع مقوماتنا الروحية والخلقية ولا تتوافق في كثير من قواعدها مع الأحكام التي جاء بها الإسلام (ص392).

المؤتمر الثامن 1981م/المؤتمر التاسع 1984م
لجنة العدل:
بما أن الشريعة الإسلامية تعتبر الدستور الأول للأمة، لاشتمالها على كافة القواعد التي تحقق للبشرية وتضمن لبني الإنسان العدالة والخير والمساواة والرخاء.
وبما أنه لا مشروعية لأي قانون إذا لم يكن مستمدا من الشريعة الإسلامية ووفق قواعدها المرعية..
أولا: التعجيل بنبذ كل القوانين الوضعية المخالفة للشريعة الإسلامية في الشكل والمضمون، والمبادرة إلى تدوين القوانين في إطار الشريعة الإسلامية السمحة وأصولها، في مجالات القانون، تمشي مع طموح الأمة.. (ص:453) (ص:512 المؤتمر التاسع).

المؤتمر العاشر 1987
– إن شريعتنا الإسلامية جاءت متضمنة لكل الشرائع، فالقرآن تبيان لكل شيء وهدي ورحمة وبشرى للمسلمين..
فعلى المسلمين حاكمين ومحكومين، رؤساء ومرؤوسين، الاحتكام لشريعة الله في كل المجالات {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (ص:554) (ص:562).

هذه نتف من توصيات مؤتمر رابطة علماء المغرب، تتضمن إصرار العلماء على المطالبة دائما بتحكيم شريعة الله في جميع مجالات الحياة، ونبذ القوانين الوضعية المخالفة لها، وهو الأمر الذي حرص على الدعوة إليه أيضا مجموعة من العلماء الذين لم ينضووا تحت لواء الرابطة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *