أي تواجد للمذهب المالكي في سياسة الدولة؟ (م.ح)

هل توجد سياسة للدولة خاصة بالمذهب المالكي، سياسة تضع أهدافا وترسم استراتيجية لتنزيلها وتحقيقها؟
إذا كنا نتحدث عن سياسة كتلك التي ترسمها قطاعات ووزارات أخرى، من قبيل الوصول لعدد محدد من السياح مثلا، أو عدد من الاستثمارات، أو عدد من المدارس أو مناصب الشغل، فقطعا لا نرى ذلك.
فعلى المستوى الإعلامي مثلا:
إذا ألقينا نظرة على أهم مواقع المؤسسات الدينية الرسمية كوزارة الأوقاف ودار الحديث الحسنية والرابطة المحمدية للعلماء، فباستثناء موقع وزارة الأوقاف، الذي خصص حيزا هامشيا اقتصر فيه على الحديث عن المذهب والتعريف به وبأصوله ورجالاته، وحيز آخر خاص بفتاوى المذهب، وهذان الحيزان لم يخصص لهما الموقع نافذة ضمن نوافذ الموقع الرئيسية.
باستثناء ذلك فإن الموقعين الآخرين، موقع الرابطة المحمدية للعلماء، وموقع دار الحديث الحسنية، لا ذكر فيها للمذهب، ولو من باب التعريف به.
ما قلناه عن الواجهات الإعلامية للمؤسسات الدينية الرسمية، نقوله عن المؤسسات الإعلامية الرسمية حتى المتخصصة منها، حيث نلاحظ أنه لا وجود لبرامج عن المذهب المالكي في القنوات الأولى والثانية وأخواتها، ولا حتى في قناة السادسة وإذاعة محمد السادس، إلا بعض الفتاوى على المذهب المالكي.
فهل يمكن الحديث عن مذهب مالكي، دون سياسة إعلامية مدروسة وواضحة المعالم، يتم من خلالها التعريف بالمذهب والدعوة إليه، في برامج تلفزية وإذاعية، ترفع الجهل عن المواطنين، وتستهدف الناشئة ببرامج للأطفال ومسابقات، وتجعل من المذهب موضوعا تداوليا بين جميع شرائح المجتمع.
على المستوى السياسي:
هل تضطلع الوزارة بمهمة تصحيح معتقدات الناس واختياراتهم الفقهية، وتجعل لذلك برنامجا أو مخططا، تشارك فيه الوزارات والقطاعات المختلفة من التربية والتعليم إلى الثقافة مرورا بالاتصال، وغيرها من القطاعات والمؤسسات؟ هل تضع البرنامج أهدافا للوصول للقرى والمداشر والأماكن النائية والبعيدة والمهمشة؟ هل تنشئ الوزارة مراكز ومراصد لتتبع مدى معرفة الناس بالمذهب والتزامهم به وتصحيح أخطائهم عنه؟ أي وجود للإشكاليات المرتبطة بالمذهب في مداخلات ممثلي الأمة؟
على المستوى القانوني:
الحديث طبعا عن وجود المذهب المالكي في التشريعات والقوانين العامة والخاصة الدستورية والجنائية، لتنظيم العلاقات بين المواطنين فيما بينهم، وبينهم وبين الأجانب، وبينهم وبين الإدارة، وتنظيم الدولة في علاقاتها الداخلية والخارجية، وتنظيم القطاعات الاقتصادية والتجارية والتعليمية والخدماتية، وغيرها من القوانين المنظمة للمحاكم والجنايات والعقوبات، كل ذلك يبقى من باب المستحيلات التي لا يمكن حتى مجرد التفكير فيها، لأن المذهب المالكي حينها سيوصف بالداعشية والإرهاب والإجرام والوحشية المخالفة للقوانين والمواثيق الغربية.
وهكذا يتضح أن المذهب المالكي مجرد شعار أجوف لا وجود له على أرض الواقع، ولا نية لتطبيقه أو حمايته أو التعريف به، ولا وجود له في سياسات الدولة على المستوى القريب ولا المتوسط ولا البعيد، لأنه مجرد شعار للاستهلاك والمزايدة والتوظيف السياسي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *