من هو “فريدريك إيبرت”؟ وما حقيقة المؤسسة الممولة لدراسة القيم والممارسات الدينية في المغرب؟

مول دراسة “القيم والممارسات الدينية في المغرب” مؤسسة “فريدريك إيبرت”، وهي تنسب لألماني من الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني، ترأس الحزب وحَرَّفَهُ عن خط الدفاع عن العمال والفلاحين الذين كان يدَّعي تمثيلهم، وَقَفَ مع حزبه موقفا مساندا للحرب العالمية الأولى 1914-1918، التي هي حرب إمبريالية معادية للشعوب لإعادة اقتسام مناطق النفوذ في العالم، وصوَّت في “الرايخشتاغ” (البرلمان الألماني) مع القانون الذي اعتمَد ميزانية الحرب العدوانية آنذاك، وفي 1919م وقف بصورة سافرة في معاداة الحركة العمالية والفلاحية الألمانية التي لعب دورا دمويا في قمعها هو وحزبه.
وضَع “إيبرت” هذا نظام المؤسسة الداخلي سنة 1925م وهي سنة انبعاثها، وكانت مهمتها التوجيه السياسي للشبان الألمان المنحدرين من الأوساط العمالية واستقطابهم للحزب الاشتراكي الديمقراطي بواسطة تقديم الدعم المالي لهم.
تَضَخَّمَ دور مؤسسة “فريدريك إيبرت” إثر الحرب الإمبريالية العالمية الثانية واتخذت حجما دُوَليا ظل يتوسع باطراد.
ومنذ ستينات القرن العشرين شرَعت حكومة ألمانيا الفدرالية (أي الغربية آنذاك) في تخصيص جزء من ميزانية المعونة الخارجية لتمويل صناديق مؤسسات عديدة من بينها “فريديريك إيبرت ستيفتونغ F.E.S”، إلى جانب ما كان يصرفه لها الحزب الاشتراكي الديمقراطي حتى تغطي مصاريف ترويج سياسته ونشر فكره التوسعيين، وقد عُرفت منذ ذلك التاريخ بتمويلها لمنظمات غير حكومية وحكومية في البلدان الإفريقية حديثة الاستقلال حينذاك.
ولا تُخْفِي المؤسسة سعيها إلى ترويج الخط السياسي الذي وَرِثَ مواقف باعث المؤسسة المدافع عن ربط سياسة ألمانيا بسياسة الولايات المتحدة الأمريكية وخاصة إثر إقرار مشروع “مَارْشال” الأمريكي لإعادة إعمار ألمانيا والذي حوَّلها إلى قاعدة ارتكاز أمريكية بعد الحرب الإمبريالية العالمية الثانية.
وتشير العديد من الأدبيات التي تعرِّف بالمؤسسة إلى عملها على ترسيخ مبدأ “التفاهم” و”الشراكة” على المستويين الإقليمي والدُّوَلي، وإدارة الدورات التكوينية التي تندرج في نفس الاتجاه الفكري السياسي، محاولة منها ردم ما يشق بين الشعوب والأمم المضطهدة من ناحية، وقوى الاحتلال من ناحية ثانية من تناقضات وصراعات.

مكاتب “فريديريك إيبرت ستيفتونغ F.E.S” في الوطن العربي
للمؤسسة مكاتب بالوطن العربي فهي موجودة في كل من المغرب وتونس ومصر وفلسطين والسودان والأردن ولبنان واليمن. ويشمل نشاط المؤسسة منذ سنة 2000م أكثر من مائة 100 دولة وهو ما يساوي عدد فروعها، تتولى فيها تمويل أنشطة وبرامج سياسية ونقابية ومهنية وثقافية وعلمية واجتماعية بتغطية مصاريفها من إقامة المشاركين وأكلهم وتنقلهم وتوفير تجهيزات مكتبية وقرطاسية ومطبعية، ووسائل سمعية بصرية، إضافة إلى التكفل بدفع أجور كراء المحلات، والهاتف والتراسل الإلكتروني، وسداد نفقات السفر إلى خارج الحدود، والإقامة أو استقبال الوافدين، وكذلك تزويد المؤسسات ومسؤوليها بوسائل النقل والاتصال ومنها السيارات والشاحنات وغيرها.

وهي تتوسط مع هياكل الاتحاد الأوروبي ومؤسساته لتحصل منه على تبرعات تموِّل بها مشاريع مشابهة بمساعدة نواب الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني في البرلمان الأوروبي.

نشاط “فريديريك إيبرت ستيفتونغ” في المغرب

سجلت مؤسسة “فريديريك إيبرت” تواجدها في المغرب في دجنبر 1984م، وهي تعمل بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات المجتمع المدني ووسائل الإعلام والنقابات، لأجل تطوير وترسيخ الديمقراطية بالمفهوم الغربي ودعم دولة القانون عن طريق التكوين والتربية.
ومنذ سنة 2003م يلعب مكتب “فريديريك إيبرت ستيفتونغ، F.E.S” دور المكتب الجهوي الذي ينسق نشاطات الجمعية، بهدف إشراك الفاعلين غير الحكوميين لبناء الشراكة الأورومتوسطية.
إن دعوى ترسيخ قيم الديمقراطية في المغرب يبقى الهدف المعلن الذي يبرر تمويل هذه المنظمة لدراسات مثل دراسة القيم والممارسات الدينية عند المغاربة، أما الهدف المضمر فيتمثل في عملها على تشريح الجسم المغربي والبنية الاجتماعية وجمع كل المعطيات التي تكشف نقط القوة والضعف في المجتمع المغربي، مما يخول للجهات التي تهمها علمنة النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي دوليا ومحليا من وضع استراتيجية مناسبة للهيمنة على البلاد والعباد.

التمويلات الضخمة من أجل التمكين لسياسات قوى الاحتلال التوسعية
تعتمد مثل هذه المؤسسة على تمويلاتها الضخمة، فتتوجه لبلدان ما يسميه الغرب بالعالم الثالث، لتفرز منها مجموعات من الأشخاص الحركيين، وخاصة العلمانيين المتكتلين في تشكيلات اليسار الانتهازي، وذلك بهدف تأطيرهم وتنظيمهم وتوجيه ممارساتهم، ثم دفعهم لتحمل المسؤوليات القيادية في الأحزاب والمنظمات والجمعيات والاتحادات والروابط والهيئات المهنية منها وغير المهنية، ومراكز البحث العلمي التي ينشطون بها، وعلى اختلاف مجالات نشاطها، وخاصة في قطاع ما يسمى بالمنظمات غير الحكومية، وذلك حتى تتمكن من مواطئ أقدام تعمل من خلالها على الترويج لسياسات قوى الاحتلال التي تحتضنها، وعلى تيسير تنفيذ مخططاتها في إحكام السيطرة على الأمم والأوطان والشعوب.
وعلى الرغم من الاستقلالية الشكلية التي تتباهى بها مثل هذه المؤسسة فإنها ملزَمة لدى الأطراف التي تسلِّمها الأموال وتتحكم فيها بصفة مباشرة أو غير مباشرة بتقديم تقارير دورية عن أنشطتها وعن علاقاتها بالجمعيات التي تعمل معها، وعن مختلف قياداتها حتى تدعم من تراهم ضامنين أكثر من غيرهم لتكريس برامجها، وتعزز مكانتهم داخل منظماتهم، بحيث يتحولون إلى زبائن سياسيين تتمثل مصالحهم الحقيقية في الحفاظ على مصادر تمويل متدفقة وسخية ما أمكن، وهو ما لا يمكن أن يتحقق إلا بملازمتهم الدفاع عن مواقف محددة ومُسَطَّرة مسبقا.
وبالمقابل فإن تلك المؤسسات لا تلتزم بتقديم بيانات واضحة عن أحجام المبالغ التي تدفعها لهذه الجمعية أو هذا الاتحاد، خاصة وأن أكثر التمويلات تتم نقدا وبصفة شخصية مباشرة دون تقديم وصولات أو فواتير أو مستندات صرف مهما كان نوعها.

الخطر الذي تمثله المؤسسة
إن الخطر الأكبر الذي تمثله المؤسسة ونشاطها هو ما تنسجه من علاقات خارجية مع الأوساط المشبوهة في البلدان الإمبريالية، فللمؤسسة مكتب في الكيان الصهيوني يتماشى نشاطه مع سياسة تسوية الصراع العربي الصهيوني عبر تصفية المقاومة واستبدالها بالمفاوضات، والقبول بالاحتلال، والاعتراف بالكيان الصهيوني الغاصب والتطبيع معه.
أما تجاه إخواننا الفلسطينيين فإنها تسعى إلى دفعهم إلى ما تسميه “الحوار” و”التعاون الإقليمي”، وما تزعم أنه استفادة من بناء الشراكة الأوروبية المتوسطية (انظر موقع المؤسسة الرسمي على شبكة الإنترنت http://www.fes.org.ma/bureaux_fes.htm) والذي لا يعني في الحقيقة إلا التعاون مع الصهاينة الغاصبين، والعمل على تصفية المقاومة الوطنية والإسلامية بادعاء إرهابيتها تماشيا مع مواقف الاتحاد الأوروبي والابتزاز الصهيوني والأمريكي.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *