لماذا اخترنا الملف؟
قبل أن تصبح العَلمانية عقيدة سياسية لدى عدد من النخب في الوطن العربي الإسلامي، لم يكن أحدٌ ينظر بنوع من الريبة للعلاقة بين الدين والسياسة، بين الروحي والزمني كما يحلو للبعض تسميته.
للمتسائل أن يتساءل: متى بدأ هذا التناقض المصطنع بين حقلين لم يُعرَف لا في متن الإسلام ولا في تجربته خصامٌ بينهما؟
تُؤرّخ أغلب القراءات لبداية هذا الخصام بـ”تشكيل الظاهرة الاستعمارية” بتعبير عبد الوهاب المسيري، حيث دخل المستعمِر ليس محملا بعتاده الحربي فحسب، بل بنموذجه في التفكير والتشريع والإدارة والحكم؛ ذلك هو نموذج التجربة الغربية القائمة على “الدهرانية” بتعبير طه عبد الرحمان، وهي الفصل بين ما هو من الدين وما هو من الدنيا.
ومنذ حصول الدول العربية على استقلالها، وهي تمشي على قدمين، قدم من الإسلام وأخرى من الحداثة. أما نخبها فقد انقسمت طرفين، طرف يدعو إلى تحكيم الشريعة في شؤون الحياة العامة والخاصة والرجوع إلى ما قبل الاستعمار، وطرف آخر يدعو إلى تعزيز “التحديث” وإقامة قطيعة كلية مع مرحلة ما قبل الاستعمار.
وقد ارتأينا في هذا الملف أن نرجع إلى “العلاقة بين الدين والسياسة بالمغرب قبل الاحتلال”؛ لعل المغاربة يعرفون طارئية العَلمانية وأصالة الصدور عن شرع الله واستفتاء الفقهاء في قضايا الدين والدنيا، ومنها قضايا السياسة.