ماذا جنى الغرب العلماني من وراء إباحة “الإجهاض الآمن”؟!

يعتبر الاتحاد السوفييتي -سابقاً- أول دولة في العالم أباحت الإجهاض بمجرد طلب الحامل، حتى مع عدم وجود أي سبب طبي، وكان ذلك في 1920م، وقد أدى ذلك إلى انتشار الإجهاض بدرجة كبيرة؛ جعلت السلطات هناك تتراجع عن قرارها في عام 1936م، عندما أصدرت قانوناً يحدد الإجهاض بالأسباب الطبية.

وعندما انتشرت موجة الإجهاض مرة أخرى قام الاتحاد السوفييتي سنة 1955م بإباحته. وبلغت حالات الإجهاض آنذاك ما بين مليونين وثلاثة ملايين حالة سنوياً، وذلك حتى إحصائية عام 1983م.
وتعاني روسيا اليوم من ضعف كبير في نسبة الولادات، مقابل ارتفاع خطير لمعدل الإجهاض، حيث تجرى سنويا في هذا البلد أكثر من مليوني عملية إجهاض، وتقابل كل 100 ولادة جديدة 67 عملية إجهاض، ويعيش 20% من الأزواج الروس من دون أطفال.
فحسب ما صرح به بافيل أستاكوف، الممثل عن حقوق الطفل لدى الرئيس الروسي، فخلال سنة 2009 أجريت في روسيا حوالي 90000 عملية إيقاف الحمل الطوعي لنساء تقل أعمارهن عن 19 سنة!!
الأمر الذي دفع بعض الديمغرافيين إلى الشعور بالقلق حيال نسبة الولادات الضئيلة في البلاد.
أما في بريطانيا وبعد تطبيق قانون إباحة الإجهاض إلى 169.362 عملية إجهاض في عام 1973م!!
وتمثل غير المتزوجات أعلى نسبة للإجهاض، فالمجموع الكلي للإجهاض ازداد من 63.400 عام 1971م إلى 121.800 عام 1992م، لكافة الأعمار من قبل غير المتزوجات، أي تضاعف العدد خلال عشرين عاماً.
وأما المجموع الكلي لكافة الأعمار والحالات الاجتماعية فقد ازداد من 133.100 عام 1971م إلى 182.800 عام 1992م، أي بزيادة 5%، ثم أعطيت صلاحية الموافقة على إجراء عملية الإجهاض إلى مديري المستشفيات (من غير الأطباء) بدلاً من الأطباء المتخصصين، مما أدى إلى زيادة عدد عمليات الإجهاض. (التايمز البريطانية عدد 3 يناير 1995م، انظر: المرأة المسلمة في وجه التحديات المعاصرة).
بلغت حالات الإجهاض في إنجلترا ومقاطعة ويلز سنة 2009 189.000 حالة؛ بانخفاض طفيف عن العام الذي سبقه، منهن أكثر من 63 ألف امرأة سبق أن تخلصن من حملهن مقارنة بنحو 52 ألفا في العقد الماضي، أي بزيادة تصل إلى 22%.
وأجريت 18.000 حالة إجهاض لفتيات تقل أعمارهن عن 18 عامًا، بمن فيهن ألف حالة لمراهقات تصل أعمارهن إلى 14 عامًا فأقل.
وذكرت صحيفة صنداي تلغراف أن المراهقات البريطانيات أخذن يقبلن بشكل متكرر على عمليات الإجهاض، وسط استياء العاملين في خدمات استشارات الحمل من اتخاذ مثل هذه العمليات كوسيلة للتخلص من الحمل.
أما في الولايات المتحدة الأمريكية فإن حالة إجهاض الحمل الأولى تتم بناء على رغبة الحامل ودون الحاجة إلى إذن، ثم بدأت عمليات الإجهاض في الستينات بناء على اقتراح الأطباء والمتخصصين لإنهاء حالات الحمل لجنين مشوه أو في حالة وجود خطورة على حياة الحامل. ثم تدخلت الحركات النسوية في محاولة للحث على زيادة السماح بعمليات الإجهاض لإنقاذ آلاف المراهقات من استخدام العيادات غير المرخصة وبصورة سرية، لما فيه من أثر سلبي على صحتهن مما قد يكلف بعضهن حياتهن.
وقد أجازت بعض الولايات في عام 1973م الإجهاض في مراحل شروط قانونية أخرى، وذلك بناء على قرار المحكمة العليا الأمريكية.
وقد أدى هذا القرار إلى إجهاض أكثر من 15 مليون حالة إجهاض في الفترة من عام 1973م إلى 1983م، أي في خلال عشر سنوات فقط كما ذكر ذلك الرئيس الأمريكي السابق رونالد ريجان، وهو عدد يعادل عشرة أمثال الأمريكيين الذين لقوا حتفهم في جميع الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة الأمريكية. (مقال بمجلة هيومان لايف الفصلية، بعنوان: الإجهاض وضمير الأمة)، وانظر: أفول شمس الحضارة الغربية لمصطفى فوزي غزال 2/95-96).
وهو ما جعل الرئيس الأمريكي نفسه يعارض الإجهاض في مؤتمر السكان بالمكسيك 1984م، حيث قال:
(إن الولايات المتحدة ستقف بشدة ضد أي برنامج أو توصيات تتضمن تحديداً للنسل، أو إرشادات، أو معلومات عن الإجهاض..).
تلك كانت نظرة موجزة عن تاريخ الإجهاض في بعض الدول الغربية الكبرى؛ وما جنته هذه الدول من وراء إباحة الإجهاض، ليتضح لنا أن المقاربة العلمانية لمحاربة الظاهرة قاصرة ولا تفي بالغرض على الإطلاق، وأن الأساليب والوسائل التي يركزون عليها لتنظيم الأسرة من تربية جنسية -وفق الطرح العلماني طبعا- ورفع الحياء بين الشباب، وتوزيع حبوب منع الحمل والواقي الذكري.. لا تزيد الأمر إلا تعقيدا والظاهرة إلا انتشارا، “وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا، وَإِذًا لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا، وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *