المرحلة الثانية… أولاً: السوفسطائيون

أشهر فلاسفة السوفسطائيين:

1ـ بروتاجوراس (484 ـ 410 ق.م)1
يعد بروتاجوراس من أشهر الفلاسفة السوفسطائيين، وتعد آراؤه مصدرًا لمذهب هـؤلاء الفلاسفة، وقد ألف بروتاجوراس كتابًا بعنوان “الحقيقة”، شكك فيه في وجود الآلهة، واعتبر الإنسان مقياس الأشياء جميعًا، ولكون الناس كثيرين فإن إحساسـات النـاس متعددة ومتناقضة أحيانًا، والحواس هي وسيلة الإدراك الوحيدة ومالا يدرك بهـا فلـيس موجودًا.
ومما جاء في كتابه قوله: (لا أستطيع أن أعلم إن كانـت الآلهـة موجـودة أم غيـر موجودة، فإن أمورًا كثيرة تحول بيني وبين هذا العلم، أخصَّها غموض المسألة وقصـر الحياة.(
ومن أقواله أيضًا: (المعرفة نسبية وليست مطلقة، وإن لكل قضية جانبين يناقض أحدُهما الآخر، ولا شي‏ء أصدق من شي‏ء، لكنه قد يكون أفضل منه بالقياس إلى منظور الفرد).
أراؤه الفلسفية
-1إن الحقيقة المطلقة غير موجودة، لأن الحقائق تتعدد بتعـدد الأشـخاص واخـتلاف أحوالهم.
-2 يمتنع وقوع الخطأ، لأنه يمكن أن نتصور في شيء ما خلاف ما نتصوره عليه فـي وقت ما، فالحق يتعدد.
-3إن الفرد مقياس الخير والشر والعدل والظلم.
2 ـ جورجياس (375 -480 ق .م)
ألف جورجياس كتابًا باسم “اللاوجود” أثار فيه جملة مزاعم، ومن أقواله أنه: (لا يوجد شي‏ء، وإذا كان هناك شي‏ء، فإن الإنسان قاصر عن إدراكه، وإذا افترضنا أن الإنسان أدرك ذلك الشيء؛ فإنه لا يستطيع إبلاغه إلى الآخرين).
فرق السفسطائية
والسفسطائيون يمكن القول بأنهم يندرجون جميعًا تحت ثلاث فرق:
-1 اللاأدرية :(Agnosticism) وهم يؤمنون باستحالة التعرف على وجود الله، والتوصل لهذا الإيمان ضمن شروط الحياة الإنسانية، ومن أقوالهم: (نحن شاكون وشاكون في أنا شاكون)، وهؤلاء هم الشكَّاك في الحقائق.
2- العنادية: وهم الذين يقولون ما من قضية بديهية أو نظريـة إلا ولهـا معارضـة أو مقاومة لمثلها في القوة والقبول عند الأذهان.
3- العِندية: وسموا بذلك لأنهم يرون أن الحقائق حق عند من عنده حق، وهـي باطـل عند من عنده باطل، وأن مذهب كل قوم حق بالقياس إليهم، وباطل بالقيـاس إلـى خصومهم، وقد يكون طرفًا النقيضين حقًا بالقياس إلى شخصين، وليس فـي نفـس الأمر شيء بحق.
يقول أحمد شاهين: (السوفسطائيون ثلاثة أقسام؛ العِندية، والعنادية، واللاأدرية: فالعندية ترى أن حقائق الأشياء تابعة لعقائد المؤمنين بها لأنهم أقيسة الحقائق، والعنادية تجزم بأن لا حقائق في الكون؛ لا في ذاتها ولا بالقياس إلى المؤمنين بها، وأما اللاأدرية فهي التي تتوقف عن الحكم في كل شيء؛ فهي لا تجزم بوجود ولا بعدم)2.
ويقول عبد القادر بدران: (وهم فرقٌ ثلاث:
إحداهن اللاأدرية: سموا بذلك لأنهم يقولون: لا نعرف ثبوت شيء من الموجودات ولا انتفاءه، بل نحن متوقفون في ذلك.
الثانية: تسمى العنادية نسبة إلى العناد؛ لأنهم عاندوا فقالوا لا موجود أصلاً وعُمدَتهم ضرب المذاهب بعضها ببعض، والقدح في كل مذهب بالإشكالات المتجهة عليه من غير أهله.
الثالثة: تسمى العندية نسبة إلى لفظ “عند”؛ لأنهم يقولون أحكام الأشياء تابعة لاعتقادات الناس، فكل من اعتقد شيئًا فهو في الحقيقة كما هو عنده وفي اعتقاده)3.
وقد ظهر فلاسفة نصبَّوا أنفسهم لمعارضة السوفسطائيين وبيان ضلالهم، ومـن هؤلاء الفيلسوف اليوناني سقراط، الذي ذاع صيته واشتهرت فلسفته.
وهذا ما نستهل به في المقال القادم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

-1 ولد بروتاجوراس في مدينة أبديرا حوالي عام 480 ق.م، ولقد طاف في أنحاء اليونان ثم استقر به المقام في أثينا، ووضع كتابًا بعنوان “الحقيقة”، وقد أتُهم بروتاجوراس بالإلحاد، وحكم عليه بالإعدام، وأحرقت كتبـه علنـًا ففـر هاربًا، ومات غرقًا أثناء فراره سنة 410 ق.م.
-2 راجع السوفسطائيون في نظر العرب: مقال في مجلة الأزهر، العدد21، ص(760-763).
-3 ذكره في حاشيته على روضة الناظر وجنة المناظر لابن قدامة، ص (246-247).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *