الحداثة

التعريف
الحداثة مذهب فكري أدبي علماني، بني على أفكار وعقائد غربية خالصة مثل الماركسية والوجودية والفرويدية والداروينية، وأفاد من المذاهب الفلسفية والأدبية التي سبقته مثل السريالية والرمزية.. وغيرها.
وتهدف الحداثة إلى إلغاء مصادر الدين، وما صدر عنها من عقيدة وشريعة وتحطيم كل القيم الدينية والأخلاقية والإنسانية بحجة أنها قديمة وموروثة لتبني الحياة على الإباحية والفوضى والغموض، وعدم المنطق، والغرائز الحيوانية، وذلك باسم الحرية، والنفاذ إلى أعماق الحياة.
والحداثة خلاصة مذاهب ملحدة خطيرة، ظهرت في أوروبا كالمستقبلية والوجودية والسريالية وهي من هذه الناحية شر لأنها إملاءات اللاوعي في غيبة الوعي والعقل وهي صبيانية المضمون وعبثية في شكلها الفني وتمثل نزعة الشر والفساد في عداء مستمر للماضي والقديم، وهي إفراز طبيعي لعزل الدين عن الدولة في المجتمع الأوروبي، ولظهور الشك والقلق في حياة الناس، مما جعل للمخدرات والجنس تأثيرهما الكبير.
التأسيس وأبرز الشخصيات
بدأ مذهب الحداثة منذ منتصف القرن التاسع عشر الميلادي تقريباً في باريس على يد كثير من الأدباء السرياليين والرمزيين والماركسيين والفوضويين والعبثيين، ولقي استجابة لدى الأدباء الماديين والعلمانيين والملحدين في الشرق والغرب. حتى وصل إلى عالمنا الإسلامي والعربي.
ومن أبرز رموز مذهب الحداثة من الغربيين
“شارل بودلير” 1821–1867م وهو أديب فرنسي أيضاً نادى بالفوضى الجنسية والفكرية والأخلاقية، ووصفها بالسادية أي مذهب التلذذ بتعذيب الآخرين. له ديوان شعر باسم “أزهار الشر” مترجم للعربية من قبل الشاعر إبراهيم ناجي، ويعد شارل بودلير مؤسس الحداثة في العالم الغربي.
الأديب الفرنسي “غوستاف فلوبير” 1821–1880م.
“مالا راميه” 1842–1898م وهو شاعر فرنسي ويعد أيضاً من رموز المذهب الرمزي.
الأديب الروسي “مايكوفسكي”، الذي نادى بنبذ الماضي والاندفاع نحو المستقبل.
ومن رموز مذهب الحداثة في البلاد العربية:
– يوسف الخال الشاعر النصراني وهو سوري الأصل.
– أدونيس (علي أحمد سعيد) نصيري سوري.
– د.عبد العزيز المقالح وهو كاتب وشاعر يماني.
– عبد الله العروي من الماركسيين المغاربة.
– محمد عابد الجابري من الماركسيين المغاربة أيضا.
-الشاعر العراقي الماركسي عبد الوهاب البياتي.
– الشاعر الفلسطيني محمود درويش.
– كاتب ياسين ماركسي جزائري.
– محمد أركون جزائري يعيش في فرنسا.
– الشاعر المصري صلاح عبد الصبور، مؤلف مسرحية الحلاج..
الأفكار والمعتقدات
نجمل أفكار ومعتقدات مذهب الحداثة كما هي عند روادها ورموزها وذلك من خلال كتاباتهم وشعرهم فيما يلي:
– رفض مصادر الدين، الكتاب والسنة والإجماع، وما صدر عنها من عقيدة إما صراحة أو ضمناً.
– رفض الشريعة وأحكامها كموجه للحياة البشرية.
– الدعوة إلى نقد النصوص الشرعية، والمناداة بتأويل جديد لها يتناسب والأفكار الحداثية.
– الدعوة إلى إنشاء فلسفات حديثة على أنقاض الدين.
– الثورة على الأنظمة السياسية الحاكمة لأنها في منظورها رجعية متخلفة أي غير حداثية، وربما استثنوا الحكم البعثي.
– تبني أفكار ماركس المادية الملحدة، ونظريات فرويد في النفس الإنسانية وأوهامه، ونظريات دارون في أصل الأنواع، وأفكار نيتشة وهلوسته، التي سموها فلسفة في الإنسان الأعلى (السوبر مان).
– تحطيم الأطر التقليدية والشخصية الفردية، وتبني رغبات الإنسان الفوضوية والغريزية.
– الثورة على جميع القيم الدينية والاجتماعية والأخلاقية الإنسانية، وحتى الاقتصادية والسياسية.
– رفض كل ما يمت إلى المنطق والعقل.
– اللغة -في رأيهم- قوة ضخمة من قوى الفكر المتخلف التراكمي السلطوي، لذا يجب أن تموت، ولغة الحداثة هي اللغة النقيض لهذه اللغة الموروثة بعد أن أضحت اللغة والكلمات بضاعة عهد قديم يجب التخلص منها، ومنه نفهم الهدف وراء الحرب الضروس التي تشن اليوم على اللغة العربية، لغة القرآن.
– الغموض والإبهام والرمز، معالم بارزة في الأدب والشعر الحداثي.
– ولا يقف الهجوم على اللغة وحدها ولكنه يمتد إلى الأرحام والوشائج حتى تتحلل الأسرة، وتزول روابطها، وتنتهي سلطة الأدب وتنتصر إرادة الإنسان وجهده على الطبيعة والكون.
ومن الغريب أن كل حركة جديدة للحداثة تعارض سابقتها في بعض نواحي شذوذها وتتابع في الوقت نفسه مسيرتها في الخصائص الرئيسية للحداثة.
إن الحداثة هي خلاصة سموم الفكر البشري كله، من الفكر الماركسي إلى العلمانية الرافضة للدين، إلى الشعوبية، إلى هدم عمود الشعر، إلى شجب تاريخ أهل السنة كاملاً ، إلى إحياء الوثنيات والأساطير.
ويتخفى الحداثيون وراء مظاهر تقتصر على الشعر والتفعيلة والتحليل، بينما هي تقصد رأساً هدم اللغة العربية وما يتصل بها من مستوى بلاغي وبياني عربي مستمد من القرآن الكريم، وهذا هو السر في الحملة على القديم وعلى التراث وعلى السلفية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *