كثيرا ما حذر هذا العلماني الحاقد من اضطهاد الأقلية وحرمانها من حقوقها الأساسية وعلى رأسها حرية التعبير باسم الديمقراطية وقيمها وأسسها الفكرية والفلسفية حسب زعمه، أما إن أوصلت، نفس الديمقراطية، الإسلاميين إلى الحكم، فيجب أن يمارس عليهم الإقصاء والإرهاب الفكري، لماذا؟
لأنه حسب زعمه أيضا، يعتبر أن الأغلبية؛ عندما تكون إسلامية؛ ستمارس الاستبداد !
ولا ندري عندما تتبوأ الأقلية بأي طريقة كانت عرش الديمقراطية، هل ستكون غولا على الأغلبية، وهي التي تمارس استبدادها، وهي خارج الصناديق!
فالأقلية يجب أن تفرض قيمها؛ وهي أقلية؛ أما الأغلبية فإن فَعَلَت، فستكون بذلك تسلطت، وصادرت حرية الغير وحقه في التعبير، هذا هو منطق هذا الحاقد، بما هو علماني.
ولأنه لا يتكلم إلا ليتكلم، فإنه أصبح بقدرة قادر، وبعد أن كان منضويا تحت لواء الأقلية، ينعت السلفيين بالأقلية، بعدما كان يجمعهم في إطار واحد مع الإسلاميين الذين يشكلون الأغلبية، ثم بعد ذلك يتحدث عن عزوف الأغلبية الساحقة من المغاربة عن اللعبة الديمقراطية، ملمحا إلى أنه منها.
وفي سياق آخر فقد أفتى شيخ الضلال العلماني بأن عيد الأضحى ارتبط بسياق الحياة البدوية بجزيرة العرب، كما كانت تتم في إطار نسق ثقافي وبنيات اجتماعية، تفككت وانمحت بالتدريج، مع تطور الحضارة، وخروج الإسلام من موطنه الأصلي، وبيئته العربية الصحراوية؛ لهذه الاعتبارات في زعمه: على الدولة إلزام المواطنين بالذبح في الأماكن المرخص بها قانونيا والمنعزلة عن أحياء السكن.. حيث تتوفر الرعاية الطبية المطلوبة كما يتم في الدول المتقدمة، واعتبار أي ذبح للبهائم خارج ذلك الإطار خرقا للقانون يعاقب عليه.
ليتضح من هذه الفتوى أن همه هو اتباع أسياده حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخله معهم، بَاسِمَ المحيى، منشرح الصدر.
وإذا كان يدافع هنا عما سماه القانون، ويعبر عن سموه فوق الحاكم والمحكوم، فإنه في سياق آخر، على الرغم من زعمه بأن الحريات الفردية ليست حريات مطلقة، مادامت حريات مدنية داخل تنظيم اجتماعي، على الرغم من هذا فقد زعم أنه ليس كل قانون يحترم، ويحقق مبدأ التعايش، ويضمن الكرامة والمساواة والعدل.
إنه بهذا “يحترم” القانون و”يدافع” عنه، ويلزم الخصوم به، إذا وافق هواه الحداثي الكوني، ويرفضه ويقيم عليه الحروب، إذا كان بخلاف ذلك، فمن سيحدد القانون الصالح للبشر، وهو أصلا من وضعهم؟ يجيبك العلماني الحاقد، أن المعيار المحدد هو الضامن للكرامة والمساواة والعدل.
وهنا ينبجس السؤال المحوري المتمثل في من سيحدد ماهية الكرامة والمساواة والعدل؟
فيقفز العلماني متوثبا ليحاصرك بأنها المواثيق “الكونية”، ومنظومة حقوق الإنسان العالمية، ولا أدري من سلم له بها!! هو يرفض شرع رب العالمين، ونحن علينا الرضوخ لقوانين من وضع البشر، وأي بشر!
فهل من الكرامة أن تعتبر بكارة المرأة وشرفها مثل الزائدة الدودية؟
وهل من المساواة أن تترجل المرأة، ويتخنث الرجل؟
وهل من العدل أن نساوي بين شرع رب العالمين، وقانون المفسدين في الأرض أحفاد الذين قالوا: “إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ”، و”أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ”؟
الجواب بالنسبة له: نعم، لأن الديمقراطية في زعمه، نسق من القيم والمبادئ والقواعد والآليات التي لا يمكن التعامل معها بانتقاء، بينما هو يتعامل مع الإسلام، دين المغاربة، ليس بانتقاء وإنما بإقصاء. لماذا؟
لأنه يجعل من الديمقراطية دينا عوضا عن الإسلام، بدليل أن المتتبع لحصائد قلمه لن يجد أبدا ولو جزئية يدافع فيها عن الإسلام، في حين أخذته حميته الغربية، ودافع عن المنصرين المطرودين، حيث اعتبر الطرد تحريضا على كراهية الآخر بشكل واضح لا لبس فيه، معتبرا في الوقت نفسه، كتب الفقه والعقيدة، كتبا صفراء، أشبه بوثائق أثرية عن حضارة موغلة في البدائية.
أما أمازيغيته الضاربة في عصر الكهوف، والرسم على الصخر، فويل لمن يمنع انبعاثها من تحت أنقاض؛ لا يُعرف أصلُها ولا مَحْتِدُها، لأن مناه هو ومن يسانده، هو جعل شمال إفريقيا كله دولة أمازيغية موحدة، وآليتهم في تحقيق ذلك، ما يسمى بالكونغريس العالمي الأمازيغي، ليحل الاستبداد الأمازيغي، محل الاستبداد الحاضر، والاستبداد المفترض اللذان مافتئ يدندن حولهما. هذا الاستبداد الأمازيغي المتمثل في فرض الأمازيغة بالقوة على عموم شمال إفريقيا، إن نجحت الدولة الموهومة، وبعث دين الأجداد الوثني المغلف بالحداثة والديمقراطية والعلمانية وحقوق الإنسان كما يفهمها الأمازيغي المتطرف.
نعم، إنه يتملص من القول بالدولة الأمازيغية الواحدة في سائر شمال إفريقيا، ويتبرأ من ذلك تقية، إلا أنه في نفس الوقت، يشيد بالعلم الأمازيغي وحرف التيفيناغ والكونغريس العالمي الأمازيغي، ويستقوي بأمريكا والاتحاد الأوربي والأمم المتحدة، في أفق إحداث جيش أمازيغي؛ وحكومة أمازيغية؛ وبرلمان أمازيغي على غرار ما حدث في كردستان العراق بمساندة أمريكية أوربية أممية، بدليل “تنبؤه” بتغييرات ستعم أنظمة ومجتمعات شمال إفريقيا بعد الربيع العربي، الذي يسميه بالربيع الديمقراطي، وسيكون للأمازيغية دور ريادي في عملية التغيير المذكورة، وبذلك سيخرج الأمازيغ من هوامش الوصاية إلى مسرح الأحداث، في المنطقة بكاملها، أي شمال إفريقيا.
ومن حصائد يراعه، منهج الإقصاء الذي ينهجه مع الإسلام وأهله، حيث أصبح يلعب دور شيخ الإسلام والإمام الأكبر، وربما قاضي القضاة، وما هو إلا رويبضة، حيث يقول إنه: يتضح بأنّ بعض الخطباء -وخاصة منهم التابعون لبعض مكونات الحركة الإسلامية- يتجاوزون من على المنابر الدينية مهمة الوعظ الديني النظيف، والنهي عن الانحرافات سواء على المستوى الفردي أو داخل المؤسسات، والدعوة إلى الفضيلة، إلى التهجّم على حقوق الإنسان وتصفية الحسابات السياسية مع هذا الطرف السياسي أو المدني من داخل المسجد، وهي طريق تؤدي رأسا إلى الفتنة، ولا يمكن بحال اعتبارها تعبيرا حرا عن الرأي..
هكذا إذن أصبح مفتي الديار وصيا على الخطباء، يحدد لهم متى يتكلمون، وفي أي شيء يتكلمون، وكيف يتكلمون! بل ويحدد “فضيحته”، ما يسمى تعبيرا حرا، وما لا يندرج ضمنه! مع العلم أنه يعتبر تهجمه الدائم على الإسلام تعبيرا حرا.
هذه هي المبادئ التي علمتها له الديمقراطية وفلسفتها، والمنظومة الكونية وقيمها. هذا هو المنطق الذي يشترك فيه جميع بني علمان، والذي لا يمكن أن يوصف، إلا أنه خروج عن كل منطق، إلا منطق التسلط والتجبر والإرهاب الفكري، والإقصاء لكل ما هو إسلامي.
ولم يقف عند هذا الحد، بل تعدى ذلك إلى تحريض ما يسمى بالمنظمات الحقوقية ومكونات المجتمع المدني والسياسي، حيث دعاهم إلى متابعة ما يقال في بعض المنابر في المساجد والإذاعات وبعض القنوات التلفزية وبعض الجرائد.
ومن حصائده/مغالطاته الكثيرة، اعتباره أن الزعم بأن “الأمازيغ ضد التعريب” أفكار عادية، هكذا قولا واحدا مطلقا! وذلك بجعله حدا فاصلا بين الأمازيغ من جهة والإسلاميين والعربية من جهة أخرى، أي أن ما يحلم به طموحا، يجعل منه واقعا موجودا، ألا وهو أن يتماهى جميع الأمازيغ مع أفكاره المتطرفة الحاقدة على الإسلام والعربية.
هذه بعضٌ من حصائد هذا العلماني المتطرف الذي في زعمه، ما هي إلا حرية تعبير، ومن نازعه فيها فهو ضد حرية التعبير، وعدو للديمقراطية، ومناقض لحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها كونيا.
وأخيرا أذكر هذا العلماني الحاقد على الإسلام والمسلمين، والذكرى تنفع المؤمنين، أن حقده لن ينفعه، يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى بقلب سليم.
أذكره بقول المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه: “ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ كف عليك هذا وأشار إلى لسانه. قال: يا نبي الله !وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال: ثكلتك أمك يا معاذ! وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم؟!” صحيح الجامع.