بعد تعرض مصر لانقلاب عسكري في الثالث من يوليوز، وبعد الموقف المخزي لبعض القادة العرب الداعمين للانقلاب، ثار العلماء ضد هذا الانقلاب داعين الجموع للحفاظ على الشرعية، وازداد الأمر تعقيدا بخطاب السيسي الداعي إلى خروج الجموع المؤيدة له لإعطائه تفويضا وأمرا لمحاربة “الإرهاب”، فجاءت ردود فعل كثيرة لعلماء وهيئات علمية كبرى.
حيث أصدر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بيانًا تحذيريًّا من الاستجابة لدعوة وزير الدفاع المصري التي تهدف لإشعال فتنة داخلية، وقال إن إصدار السيسي لهذا البيان يثبت للعالم أجمع بأنه انقلاب متكامل.
وشدد الاتحاد -الذي ختم بتوقيع رئيسه الدكتور يوسف القرضاوي- على “حرمة الاستجابة لأي نداء يؤدي إلى حرب أهلية، أو لتغطية العنف ضد طرف ما، مطالبًا جميع المصريين (شعبًا وأحزابًا وجيشًا وشرطة) بالحفاظ على أمن بلدهم العزيز على الجميع، ومنع كل ما يؤدي إلى حرب أهلية يكون الجميع فيها خاسرًا، فهذا واجبهم شرعًا ومصلحة، ولا يجوز العدول عنه”.
كما أصدرت الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح بيانًا أكدت فيه أن خطاب السيسي الأخير تقسيم للمصريين للحصول على موافقة على الانقلاب وهذه سابقة خطيرة في تاريخ المصريين..
وشددت الهيئة في بيانها على: “ضباط وصف وجنود الجيش المصري الوطني ألا يشاركوا في سفك دماء إخوانهم رجالا ونساءً من الشعب المصري بحجة طاعة الأوامر، فقد أجمع العلماء على أنه لا يقبل عذر الإكراه في القتل”.
وحذر بيان الهيئة من: “خطورة استعمال مصطلح الإرهاب والذي لم يتفق العالم حتى الآن على تحديد معناه، وإنما هو مصطلح فضفاض يستعمله الطغاة في إلصاق التُّهم وإعمال الكيد لأهل التديُّن وأصحاب المشروع الإسلامي”.
وبعد اشتداد الأمر خرج الشيخ أبو إسحاق الحويني ببيان له، جاء فيه: “وجب أن أبين ما أراه تجاه الأحداث الجسيمة التي تتعرض لها مصر، لا سيما بعد ما سمعت بيان الفريق أول عبد الفتاح السيسي منذ يومين… وقد فزعت أشد الفزع من هذا ورأيته أمرا منكرا لا يجوز شرعا ولا عرفا”، وذكّر المحدث بما فعله أبو مسلم الخراساني، الذي قتل أكثر من مائة ألف نفس لتوطيد ملك الدولة العباسية، ولم يتهنّ أبو مسلم طويلا بما فعل، فإنه لما ولي أبو جعفر المنصور خلافة الدولة بعد السفاح قتل أبا مسلم الخراساني ومضى إلى الله بأقبح حال وبدماء كثيرة في عنقه.
أما الشيخ محمد عبد المقصود عفيفي فقد مثل السيسي بفرعون، وقال: “سمعت اليوم أن عبد الفتاح السيسي (وزير الدفاع) أرسل سيارات الجيش في مختلف الأقاليم والمحافظات تدعو الناس للخروج فتذكرت قوله تعالى: {فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} الشعراء: 53-63.
كما استنكر العالم الموريتاني الشيخ محمد الحسن ولد الددو، دعوة السيسي للاحتشاد في الميادين، مؤكدًا أن خطابه تحريضي ومن سكت عليه فهو مشارك في إراقة الدماء.
وقال الددو: إن خطاب السيسي التحريضي منكر يحرم السكوت عليه، مضيفا أن دعوة قائد الانقلاب العسكري مستغربة أن تصدر من شخص في هذا الزمان حين يقول لشعب من 90 مليون نسمة أن يفوضه في قتل من شاء.
وطالب الشيخ جموع الناس برفض الخطاب والدعوة التحريضية بشكل كامل كونه كلام منكر ولا يحل للناس مجاملته ومن سكت عليه من الساسة والإعلاميين فهو مشارك في هذا الدم.
في حين دعا الشيخ الددو المعتصمين بميدان رابعة العدوية وغيرها من الميادين والذين خرجوا للمطالبة باستعادة الشرعية: “ليس لكم من وسيلة إلا الثبات من أجل تحقيق مطالبكم العادلة”.
كذلك قامت الرابطة الشرعية للعلماء والدعاة في السودان بمساندة الشرعية ضد الانقلاب في مصر ببيان لها جاء منددا بالتحالف بين الجيش المصري ورموز العلمانية والليبرالية للانقلاب على الرئيس المنتخب بإرادة شعبية.
وذكر البيان أنه يتوجب على جميع المسلمين إدانة هذا الانقلاب ورفضه، ودعم المتظاهرين السلميين المطالبين بعودة الشرعية، مؤكدًا أن السيسي قد أدخل مصر في نفق مظلم.
واستنكر البيان موقف شيخ الأزهر، والذي وصفه بالمتخاذل، مهيبًا بعلماء الأزهر الشرفاء دعم الشرعية والوقوف في جانب الحق.
كما طالب الجنود الشرفاء بعصيان أوامر السيسي في ضرب إخوانهم المسلمين السلميين، مذكرًا إياهم بحرمة الدماء.
ودعا البيان في ختامه حزب النور السلفي إلى التوبة من موقفه المتخاذل تجاه الحق والشرعية، لافتًا إلى أنه لا يمثل السلفيين في الداخل والخارج.
وأشير أنه توجد مواقف كثيرة لهيئات أخرى لا يتسع الحيز لسردها.