المنهاج الجديد لمادة التربية الإسلامية بين الثابت والمتغيّر الحسين باروش

إن الخوض في غمار تجديد المناهج والبرامج الدينية، وخاصة المقررات الجديدة في مادة التربية الإسلامية، ليس بالسهل اليسير ونحن في بداية الطريق لسبر أغوار الكلام عنها، إلا أني أجد نفسي مندفعًا للحديث عنه، أي عن التجديد، لا لشيء إلا لأنني طالب باحث مهتم بالقضايا التربوية عموما.

والكلام الذي سأورده إنما هو بمثابة تطفل على أصحاب المناهج والمختصين وفرسان الميدان، لكن لابأس من أن أدلي بدلوي عن هذه المسألة التي كان مقرر مادة التربية الإسلامية محورها.

إن هذه المرحلة الجديدة لتجديد البرامج والمناهج الدينية؛ هي مرحلة إشراق بين الجديد والقديم، وبين الثابت والمتغير، ذلك أن الخطاب الملكي الملقى بتاريخ فبراير 2016 بمدينة العيون، والذي ينص على “مراجعة البرامج والمناهج الدينية” من خلال التعليمات التي أصدرَها جلالته لكل من وزيري التربية الوطنية والأوقاف والشؤون الإسلامية لخوض التحدي الراهن والمتمثل في تأليف الكتب المدرسية، سواء تعلق الأمر بالتعليم العمومي، أو التعليم الأصيل، أو التعليم العتيق، قد جاء -أي خطاب الملك- بمناسبة تقديم الحكومة رؤيتها الاستراتيجية لإصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي بين عامي 2015 و2030، ولا يخفى مدى أهمية القضية التعليمية والتربوية في البلاد، والتي كان من ضمنها مقرّر مادة التربية الإسلامية.

وقد حدد الخطاب الملكي الأسس الكبرى التي انبنت عليها المراجعة والمتمثلة في “إعطاء أهمية كبرى للتربية على القيم الإسلامية السمحة، وفي صلبها المذهب السني المالكي الداعي إلى الوسطية والاعتدال، وإلى التسامح والتعايش مع مختلف الثقافات والحضارات الإنسانية”[1].

كما ركز الملك على القيم الأصيلة للشعب المغربي وهذا الطرح نراه متجسدا في الدستور المغربي، وكذا الميثاق الوطني للتربية والتكوين الذي لازال الوثيقة التربوية المعتمدة في السياسة التعليمية بالمغرب، حيث جاء في بداية صحفاته أي -الميثاق الوطني-: “يهتدي نظام التربية والتكوين للمملكة المغربية بمبادئ العقيدة الإسلامية وقيمها الرامية لتكوين المواطن المتصف بالاستقامة والصلاح، المتسم بالاعتدال والتسامح، الشغوف بطلب العلم والمعرفة في أرحب آفاقهما، والمتوقد للاطلاع والإبداع؛ والمطبوع بروح المبادرة الإيجابية والإنتاج النافع”.

كما نصت الوثيقة نفسها على مداخل أربعة للقيم وهي:

–    ” قيم العقيدة الإسلامية”.

–    “قيم الهوية الحضارية ومبادئها الأخلاقية والثقافية”.

–    “قيم المواطنة”.

–    “قيم حقوق الإنسان ومبادئها الكونية”.[2]

وتجدر الإشارة إلى أن الوثيقة الإطار للاختيارات والتوجيهات التربوية حددت مدخلا تربويا لجميع المناهج التربوية يتمثل في ثلاثة أبعاد هي: بعد تربية التلميذ على القيم (أربع مجموعات من القيم)؛ وبعد تنمية كفايات التلميذ (خمس مجموعات من الكفايات) وبعد تربية التلميذ على الاختيار واتخاذ القرار.[3]

وقد أكّد الملك، في خطابه، والوثائق التربوية، أيضًا، على مدى ضرورة التربية على القيم، ومحاولة إكسابها وترسيخها في ذهن المتعلم، وعلى أنّ هذا الأمر لن يتأتى إلا بتضافر جهود المؤسسات الأربع: الأسرة باعتبارها الحاضن الأول للطفل وفيها يتربى ويتعلم، ثم تليها المدرسة: وهي البيت الثاني لتعليم المتعلم وتربيته وتوجيهه، بحيث يكمل اندماجه أكثر، ويكون المدرس هو الأب الثاني له، وبعدهما يأتي دور المجتمع: بكل مكوناته وشرائحه، وفي الأخير تأتي المؤسسة الرابعة وهي الإعلام: الذي هو محضن انسجام وتكامل المؤسسات السالفة الذكر.

إذن وبعد الحديث عن السياق العام حول مراجعة المناهج والبرامج الدينية -مع العلم أنني متحفّظ على كلمة (مراجعة)، لأن الملك دعا إلى مراجعة البرامج والمناهج الدينية مع التركيز على القيم الإسلامية الأصيلة للشعب المغربي، فالمراجعة تقتضي تنقيح الكتب المدرسية لا تحيينها وإعادة تأليفها من جديد-، فإني سأركز الحديث على جوهر المسألة وهو تسليط الضوء على الثابت والمتغير في مراجعة المناهج وفق ما سنح لي، وتوصلت إليه، وذلك كالآتي:

–    المتغير: وسأقسمه إلى نقط إيجابية وسلبية:

_ الإيجابية:

v  الاستغناء على المجزوءات أو الوحدات وتعويضها بالمداخل (التزكية، الاقتداء، الاستجابة، القسط، الحكمة).

v  منهاج متكامل ومنسجم أفقيا من السلك الابتدائي إلى السلك الثانوي.

v  إضافة مكون القرآن الكريم بالنسبة للسلك الثانوي.

v  إضافة مكون السيرة في المنهاج الدراسي.

v  إدراج سور جديدة بالسلك الإعدادي.

v  تقليل الدروس في السلك الإعدادي.

v  إعطاء ساعتين للدرس الواحد خصوصا في السلك الإعدادي.

–    السلبية:

v  حذف دروس الإرث من السلك الثانوي.

v  حذف سورة الفتح.

v  الاستغناء عن تقسيم الدروس، وخاصة الروس التطبيقية، والأنشطة.

v  حذف الوحدة الاقتصادية.

الثابت:

v  اعتماد مداخل القيم.

v  الحفاظ على الوضعيات التعليمية.

v  الحفاظ على نفس سويعات السلك الثانوي (ساعتان للسلك الآداب، ثلاث ساعات للعلوم الإنسانية، ثم ساعة واحدة لشعبة العلوم).

v  الحفاظ على بعض السور خصوصا في السلك الإعدادي.

ختاما أودّ أن أناشد كل المسؤولين، وخصوصا الوزارة الوصية، بأن تسرع من وثيرة إخراج المذكرات الأساسية، لأنه لا يعقل أن نجد كتبا مدرسية بدون مذكرات تؤطرها وهي كالتالي:

– التوجيهات التربوية الخاصة بكل سلك.

– الإطار المرجعي.

– مذكرة التقويم.

فهذه بعض الملاحظات التي سنحت لي، ودونتها من خلال استقراء كل ما كتب وما قيل، فتقبلوها مني.

 

ــــــــــــــــــــــــــــ

[1]مقتطف من خطاب جلالة الملك، فبراير 2016، مدينة العيون.
[2]الميثاق الوطني للتربية والتكوين؛ القسم الأول: المبادئ الأساسية؛ المرتكزات الثابتة: المرتكز الأول ص 7.
[3]مجلة دفاتر التربية والتكوين؛ العدد 6/7 مزدوج خاص بالمناهج والبرامج؛ ص:32. مجلة تصدر عن المجلس الأعلى للتعليم. ماي 2012.
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *