الإسلام يصيب قادة القارة الأوربية بالخوف

اعتبر “جيورج جاينزفاين” السكرتير الخاص لبابا النصارى، في مقابلة مع مجلة “زودويتشه تسايتونج” الألمانية، أنه يتعين على أوروبا ألا تتجاهل المساعي الرامية إلى إدخال القيم الإسلامية في الغرب، وهو ما يمكن أن يهدد حتى هوية القارة, مشددًا على ضرورة عدم تجاهل الجذور المسيحية لأوروبا.
هذا التصريح الصادر من الفاتيكان، موطن الكاثوليكية في العالم، ليس غريبًا عن الكنيسة ولا عن قادة أوروبا على وجه الخصوص والغرب على العموم، على اختلاف توجهاتهم الدينية والسياسية.
فقد اجتمعت الرؤية الدينية الكنسية مع التخوفات السياسية المطردة من خطر العملاق الإسلامي الذي يهدد هوية أوروبا في معقلها, ويزعزع من قيمها المتهاوية في الأساس, وحضارتها الآخذة في الأفول.
ونمو النزعة المسيحية الأوروبية، في حقيقته, ليس وليد اليوم, فقد سبق وطرحه بابا الفاتيكان السابق “يوحنا بولس الثاني”، عندما صرح في إحدى مواعظه بأن “أوروبا بدأت تعي وحدتها الروحية، وتستند إلى القيم المسيحية.”
وظهر ذاك الطرح مرة أخرى مع تولى “بندكتس السادس عشر” منصب البابوية؛ حيث يولي موضوع “الجذور المسيحية لأوروبا” اهتمامًا خاصًا في أجندته؛ ففي محاضرة ألقاها أثناء لقائه في الفاتيكان بمجموعة من الكهنة الأرثوذكس اليونان صرح “بندكتس” بقوله: “علينا أن نواجه التحديات التي تهدد الإيمان، وننشر السماد الروحاني الذي غذى لقرون أوروبا؛ بإعادة التأكيد على القيم المسيحية”.
وسبق وأن صرح أسقف مدينة كولونيا الألمانية “يواكيم ميسنر” في مقابلة إذاعية أن: “هجرة المسلمين خلقت شرخًا في ثقافتنا الألمانية والأوروبية”.
وصدر ذلك الطرح سياسيًا أيضًا من قِبل قيادة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ في ألمانيا؛ حيث أكدت “أنجيلا ميركيل” على أن أولوية السياسة الحكومية الخارجية ستركز على العلاقة الخاصة مع الولايات المتحدة الأمريكية وتحديد هوية وماهية الاتحاد الأوروبي التي تقوم على الجذور والإرث المسيحي لأوروبا.
المدهش في الأمر أن العالم العربي والإسلامي يعيش في مرحلة تاريخية قاسية، فقد فيها موطن الرِّيادة, وانتشرت بين أوصاله نفخة “الوهن”, ورغم ما تمتلكه أوروبا والغرب عمومًا من قوة عسكرية باطشة واقتصاد مزدهر وحضارة يتغنون بها ليل نهار، إلا أن الرعشة من الإسلام ما زالت تتملكهم.
فالدول الأوروبية على اختلافها تشكل لها الجالية المسلمة هاجسًا ديموغرافيًا مقلقًا, فقد ظلت تعوّل أوروبا طيلة عقود من الزمن على قوة جاذبيتها وقدرتها على صهر الوافدين الجدد في بوتقتها البراقة, ولكنها تجلت خيبة آمالها حينما اكتشفت أن جهدها وتصوراتها أصبح هباء منثورًا؛ بعد أن اتضح لها أن المحرك الأساس لهؤلاء الوافدين هويتهم وثقافتهم الدينية، وليست الثقافة الأوربية التي حاولت أوروبا أن تصبغهم وتطليهم بها.
فالإسلام إذا لم يكن عدوًا مشتركًا، فهو على الأقل إشكالية مشتركة وصداعًا مزمنًا في قلب القارة الأوربية المرتعشة خوفًا على حاضرها ومستقبلها من الإسلام.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *