(فلينظر الانسان مم خُلق) عبد القادر دغوتي

قال تعالى: “خلق الانسان من علق” (العلق2) في هذه المرحلة خلق الله تعالى الإنسان من ماء وهو المني، وخلقه خلقا بعد خلق عبر أطوار، كما قال جل وعلا: “يخلُقُكُم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث، ذلكم الله ربكم له الملك، لا إله إلا هو فأنى تُصرفون” (الزمر6).
فالطور الأول هو النطفة ثم العلقة ثم المضغة ثم العظام ثم اللحم، ثم ينفخ فيه الروح فيصير خلقا آخر.. قال سبحانه: “ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين، ثم جعلناه نطفة في قرار مكين، ثم خلقنا النطفة علقة فجعلنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسنُ الخالقين” (المومنون12ـ14).
ماء مهين:
تبين إذن أن الإنسان خُلق من تراب ثم من ماء وهو المني .فهل تفكرت أيها الإنسان في أصلك؟ إنه ماء. وأي ماء؟ ماءٌ وصفه الخالق سبحانه بأنه مهين، أي: حقير مستقذر .
قال جل وعلا: “الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلْق الانسان من طين ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين” [السجدة 7-8].
قال الشيخ السعدي رحمه الله: الماء المهين: هو النطفة المستقذرة الضعيفة” [تيسير الكريم2/506]. و”في غاية الحقارة” نفسه3/407.
وقال: “ألم نخلُقْكم من ماء مهين فجعلناه في قرار مكين إلى قدر معلوم فقدرنا فنعم القادرون” (المرسلات20ـ23).
وأحيانا يُذكر الله سبحانه الإنسان بأصله وهو ذاك الماء المهين، من غير أن يذكره بالإسم تنبيها للإنسان وتأنيبا له وتوبيخا حين يتكبر ويتعدى… كقوله تعالى: “إنا خلقناهم مما يعلمون” [المعارج39]، وقوله سبحانه: “قُتل الإنسانُ ما أكفره من أي شيء خلقه” [عبس17ـ18]. أي: ما أكفره لنعمة الله وما أشد معاندته للحق بعد ما تبين، وهو ما هو؟ هو من أضعف الأشياء، خلقه من ماء مهين..” (تيسير الكريم3/420).
وأحيانا يوجه الله تعالى الإنسان لينظر ويتفكر ممَّ خُلق، لعله يعتبر ويعود إلى رشده، كقوله جل وعلا: “فلينظر الإنسان ممَّ خلق” الطارق5، ثم يذكَره: “خُلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب” الطارق6ـ7.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *