صحافة اليسار تكذب القرآن الكريم، هل نحارب الإرهاب بالموسيقى أم نحارب الإسلام بالتفسخ ؟
مرت على أحداث 11 شتنبر2001, أربع سنوات وبضعة أشهر تخللتها أحداث إرهابية دامية نفذتها جماعات متطرفة في بعض البلدان الإسلامية منها بلادنا المغرب, مما جعل أوراق ملفات كثيرة تتبعثر, وموازين عديدة تختل وتخسر, وأعطت للحاقدين على الإسلام وأهله الفرصة المثلى لحربه واستضعاف حزبه بدعاوى مختلفة, مرة باسم تجفيف منابع الإرهاب المادية والفكرية، وأخرى باسم الإنفتاح والتعايش والتنمية….، حتى أصبح المسلم الذي يريد امتثال أوامر ربه والإذعان لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم يعيش حالة من القلق الدائم، ولَّدها الهجوم الشرس للعلمانيين بمختلف مشاربهم وما خولته لهم وسائل الإعلام الوطنية من إمكانيات مادية ومعنوية وذلك لقلب مجموعة من المفاهيم والقناعات الأصيلة عند المغاربة والتي ظلت من الثوابت منذ دخل الإسلام المغرب.
ومن تلك المفاهيم الملتبسة: ربطُ إعفاء اللحية والحجاب بالتطرف والإرهاب، فأصبح عند بعض الناس -والحمد لله أنهم قلة- كل من أرخى لحيته إرهابيا أو مشروع إرهابي، وكل من لبست النقاب إرهابية، وقد ساهم في إيجاد هذا الانطباع -بالإضافة إلى عداء وتشغيب العلمانيين-، انتسابُ مرتكبي الجرائم الدامية إلى بعض التيارات الإسلامية، وكذا القوة الشديدة التي شابت الحملات الأمنية ضد الأشخاص الذين أدينوا في ملفات أحداث 16 ماي المؤلمة.
فرغم وجوب الضرب على يد كل من تورط في تلك الجرائم البشعة أو شارك فيها، فإنه تبقى توسعة دائرة الاشتباه عاملا يزيد من انتشار الفكر المتطرف ويُعطي لضعاف العقول مسوغات لأعمال شغب أخرى -لا سمح الله- حيث تتم قراءة كل رد فعل غال أو انتهاك للحقوق سافر كما لو كان حربا تقوم بها الدولة على الإسلام وأهله حتى ولو كان ذلك الانتهاك اجتهادا شخصيا من طرف بعض القائمين على ملفات مكافحة التطرف.
إلا أن المشكلة ليست في الخروقات والانتهاكات التي أسفرت عنها تلك الحملات الأمنية فقط، وإنما المعضلة الكبرى تتمثل في الاستغلال البشع من طرف العلمانيين سواء اللبيراليين أو الاشتراكيين والذي أصبحت مظاهره لا تخفى حتى على الغافل من الناس.
أحداث 16 ماي والعدوان العلماني السافر على الإسلام
منذ فجر الاستقلال ما فتئت الأحزاب اليسارية تتناسلُ وتفرِّخ أحزابا ومنظمات وجمعيات تروج للفكر اليساري والشيوعي المنحرف عن هدي القرآن والسنة، وكان العلماء يتصدون إلى الهجمات الهمجية التي كان يشنُّها العلمانيون اليساريون على الدين وأهله ومن يراجع كتب ومقالات العلماء المغاربة الذين كانت تضمهم وتؤلف بينهم “رابطة علماء المغرب” التي نتمنى أن تعود للدفاع عن حرمة الدين وهوية البلاد، يدرك حدة الصراع الذي كان بين الإلحاد الشيوعي اليساري العلماني وبين العلماء والدعاة، وتوالت الأحداث وتتابعت الوقائع وسقط صنم الاشتراكية والشيوعية وانصهر الكل في بوتقة العلمانية الليبرالية، وجاءت ثالثة الأثافي, أحداث 16 ماي الأليمة لينتفض العلمانيون من لبيراليين جدد واشتراكيين قلبوا معاطفهم وركبوا قطار الثقافة الأمريكية بمسوح اشتراكية بالية ما زالت تقتات من تاريخ الستينيات والسبعينيات والثمانينيات، تستمد منه مشروعيتها ومسوغ وجودها رغم سقوط اديولوجيتها المادية العفنة, انتفضوا انتفاضة من كان يبحث عن مستمسك يبقيه على قيد الحياة فجاءت الأحداث الإرهابية الدامية ليُدخِلوا الإسلام في قفص الاتهام وليُصرح كبراء أحزابهم أن: “ليس في القنافذ أملس فالإسلامي المتطرف لا يمر إلا عبر الإسلامي المعتدل”، وتنادى القوم إلى التصدي لكل مظاهر التمسك بالسنة النبوية, فصار النقاب والحجاب -وهما يمثلان الحايك وجلباب المرأة المغربية- لباس الأفغان وأصبح اللباس المراكشي”الذراعة” والجلباب الرجالي المغربي عندما أضيفت إليهما اللحية وقص الشارب مستوردين أيضا من بلاد الأفغان، وأصبحت المساجد منابت للإرهاب, ودور القرآن محاضن للإرهابيين, فهكذا فجأة أصبح لباسنا إذا ما كان مصاحبا لـ”نَغْمَوَتاي” لباسا مغربيا تقليديا وإذا صاحبته سنة النبي صلى الله عليه وسلم أصبح إرهابيا.
فإذا افترضنا جدلا أن “الذراعية المراكشية” والنقاب المغربي هما لباس الأفغان, فهل سراويل “دجينز” “ومي فونتر” أي: التنورة القصيرة واللباس الكاشف الفاضح المستورد من بلاد العلمانيين الأوربيين والأمريكان هو من يُمثل اللباس المغربي الأصيل؟
فلماذا هذا التلبيس العلماني الماكر؟
وما علاقة اللباس بالإرهاب؟
ولماذا لا يربط العلمانيون بين ضفائر وقبعات الصهاينة السوداء ولحى أعضاء حزبي “الليكود وشاس” وبين مجزرة الحرم الإبراهيمي في القدس السليبة وما يقترفه الصهاينة من جرائم إرهابية في حق الأطفال والنساء؟
تكذيب العلمانيين للقرآن الكريم
ربما ظن من لا يتابع ما تنشره الصحافة العلمانية أن مثل هذا العنوان افتراء على بني علمان، لكن الأمر ليس كذلك، فالصحافة العلمانية ما فتئت تنكر المعلوم من الدين بالضرورة، فالحجاب الشرعي عندها عادة اجتماعية، والخمر لم يحرمها الإسلام، والردة عن الإسلام حرية للاعتقاد، أما التلبيسات وتزوير التاريخ وتبني أفكار المستشرقين الصليبيين عن الإسلام فلا يكاد ينحصر، وأما الدعوة إلى الشذوذ والعهر والتسيب فهذا ما لا يحتاج إلى تمثيل.
إن عداء العلمانيين لأحكام الدين وللهوية الإسلامية واضح مكشوف ينشره العلمانيون كل يوم على صفحات جرائدهم لا يخاف كُتابُه العقوبة القانونية المتعلقة بزعزعة عقيدة مسلم، لهذا وحتى يستبين القارئ الكريم حقيقة العلمانيين نسوق إليه مرغمين ما جاء في مقال معنون بـ “الصحاح في نقد الملاح” وهو غيض من فيض بحار العداء للإسلام وأهله والتي تطفح بها جرائد العلمانيين ومنها جريدة “الأحداث المغربية” التي نشرت المقال المذكور في عددها 2606 بتاريخ 21 مارس 2006، يقول المقال:” .. دعونا نلتفت إلى ظاهرة مهمة وحيّة وشديدة التأثير في الحياة العربية المعاصرة الآن، وهي ظاهرة الغناء العربي الشبابي الجديد، الذي أخذ يستقطب مجموعات كبيرة من الشباب والشابات في كافة أنحاء الوطن العربي، ويؤثر تأثيراً ثقافياً واضحاً في الجيل العربي الطالع من حيث أنه يشبكه ويهمكه في الحداثة الفنية وفي الليبرالية الاجتماعية، التي قد تؤدي إلى الليبرالية السياسية، ويبعده عن مصائد شبكات الإرهاب التي تصطاد الشباب وتجندهم لمزيد من العمليات الإجرامية في المستقبل، فهل هذا الغناء الجديد، سلاح حاد في وجه موجات الإرهاب التي تجتاح العالم العربي من أقصاه إلى أقصاه، وعلينا أن نشجعه، فالوقوع في غرام نانسي عجرم أو أليسا، أو روبي أو هيفاء وهبي، أفضل بكثير من الوقوع في شِباك ابن لادن والظواهري والزرقاوي، بل أكثر أماناً وأمناً للشباب الموعودين بحوريات خيالية وسحرية في الجنة من طراز هذه الحوريات الحقيقية؟”.
فلينظر القارئ المغربي المسلم، ولينظر كل غيور على دينه وبلاده كيف صار كلام الله تعالى وما أخبر به سبحانه خيالا وسحرا عند العلمانيين، فالحور العين نصت عليها سورة الرحمن إذ قال سبحانه يعد المؤمنين: “حور مقصورات في الخيام فبأي آلاء ربكما تكذبان، لم يطمثهن إنس قبلكم ولا جان فبأي آلاء ربكما تكذبان”، وليمعن القارئ الكريم النظر في قول “الأحداث المغربية”: “..الموعودين بحوريات خيالية وسحرية في الجنة من طراز هذه الحوريات الحقيقية؟
فالحوريات الحقيقية عند أصحاب “الأحداث” هن: “نانسي عجرم” و”أليسا”، و”روبي” و”هيفاء وهبي” والذي وصفهن المقال نفسه في موطن آخر بقول مُسَوِّدِه: ” وجيل نانسي عجرم من المغنيات الراقصات هنَّ “عوالم” القرن الحادي والعشرين، وهنَّ نموذج للنساء الفاتكات للرجال بجمالهن وسحرهن، فلا يبعثن في الناظر غير المتعة الجنسية، و”الفن هو هذا الخيال الجنسي”، كما يقول الناقد المسرحي الأمريكي جورج ناثان، والجنس هو محرك رئيسي في الحياة العربية المنغلقة منذ 14 قرناً وإلى الآن.”
فماذا تعني هذه المدة 14 قرنا أليست ترمز إلى بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وسيادة نظرة العفة والحياء الإسلامية التي يحاربوها العلمانيون؟
وهل نحارب الإرهاب بالموسيقى أم نحارب الإسلام بالتفسخ؟
ولينظر القارئ الكريم أيضا إلى حقيقة الحداثة، والليبرالية الفنية التي يتحدث عنها العلمانيون والتي يبشرونا بأنها ستقودنا إلى الليبرالية السياسية.
خدعة التنوير والازدهار والتقدم والرقي
إن الشعارات التي يرفعها الكثير من أدعياء الإصلاح اليساريين العلمانيين لا ينبغي أن تنطلي على مغربي مسلم، فعند تمحيصها وإرجاع النظر في حال أصحابها وحقيقة مرجعيتهم الفكرية وتاريخ ومواقف المؤسسات التي يعملون في إطارها, ينكشف لك بعد التمحيص والدرس أن أغلبها مبني على ما أسس عليه العلمانيون الأوربيون مجتمعاتهم والتي وصلت إلى إباحة الشذوذ وحمايته، وتقنين البغاء ورعايته، وأن كل ما يدعون إليه لا صلة له بالإسلام ولا بطموحات المسلمين وقناعاتهم، ناهيك عن الكيد المبطن والعداء المدسوس وراء بريق العبارة, وإغراء الألفاظ، وتلميع الرموز.
فشعارات الانفتاح والتعايش ودعاوى التنوير والازدهار والتقدم والرقي تبقى في برامج العلمانيين “إيديولوجيا” يتوارون وراءها ويخدعون بها المواطن البسيط حتى يتمكنوا من الإجهاز على ما تبقى لديه من غيرة على دينه ووطنه، محاولة منهم في اللحاق بالدول الغربية في تقدمها وازدهارها.
فمن منا يكره التنوير والازدهار والتقدم والرقي والعزة والمنعة والتمكين؟ لكن دون ذهاب الدين ومعصية الله ورسوله.
ثم إذا كان فكر العلمانيين المتسلطين على وزارات الشباب والعدل والمالية على شاكلة فكر كتاب جريدة الأحداث التي تمثل الجناح الموالي لوزير إعداد التراب الوطني وهو من زعماء اليسار والأمين العام لأكبر حزب يساري بالمغرب, فإن السؤال الذي لا يطرح أبدا مع إلحاحية طرحه هو:
هل نحن بالفعل على طريق التنوير والازدهار والتقدم عندما نفسح المجال لثقافة الشذوذ والدعارة وحرية الكفر والزندقة أن تعيث في عقول أبنائنا وبناتنا والتي يروج لها العلمانيون ويناضلون من أجلها ؟