رفقا بأنفسكم عودوا إلى الإسلام.. فهو الدواء لكل داء أحمد اللويزة

سبحان الله! إن المرء ليعجب كل العجب وهو يتابع هذه الجهود التي تصرف لها الإمكانات المادية والمعنوية من أجل القضاء على ظواهر اجتماعية سلبية هي نتاج انحراف فكري وسلوكي وأخلاقي وعقدي، والتي كان السبب فيها العلمانيون التغريبيون الذين أمسكوا بحبال المبادرة فتبنوا نظريات تغريبية لا دينية للقضاء على هذه المشاكل التي تعرفها المجتمعات الإسلامية، فصاروا كمن يَسْبح ضد التيار أو يحارب طواحين الهواء، وذلك بالقفز على الأسباب الحقيقة التي تؤدي إلى ما تؤدي إليه من نقائص وطوام، والتغاضي عن الوسائل الحقيقية الكفيلة بمعالجة هذه الأمراض على كثرتها وتنوعها وذلك ضدا على الحقيقة والفطرة، ولا شك أن كل غيور على عقيدته وأمته ووطنه يشعر بمطلق الأسى وغاية الأسف على المنهج المنحرف في الوصول إلى ما يرتجى من إيجاد حل للقضايا المعروضة للنقاش، وانتشال الضحايا من أودية المعاناة.

المبادرة التي صارت حكرا على فعاليات مدنية وحكومية معلمنة في تناول قضايا اجتماعية لن تحقق ولو قدرا يسيرا من النتائج الايجابية؛ لأنها مبنية على محادة الله ورسوله ومخالفة هديه القويم وصراطه المستقيم، الذي تضمن القرآن والسنة معالمه، وبسطا كلياته وجزئياته، ترى نتائجه لائحة في الأفق قبل الشروع في تفعيل توجيهاته لمعالجة مشاكل الأمة بأقل تكلفة وفي أقل وقت ممكن، كيف لا وهو منهج رب العالمين الذي خلق الخلق وهو أعلم بما يصلح لهم مما لا يصلح {أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}.
لذلك أنزل الله كتابه موجها للفكر وهاديا للحق ومعالجا للمشاكل كيفما كانت، مصداق ذلك قوله تعالى: {إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} أقوم في كل شيء، ومن اتبعه هدي إلى صراط مستقيم ومن رام علاجه لكل الآفات والظواهر السلبية التي تعرفها المجتمعات وفق وأفلح. وما نزل إلا لهذا الغرض قال سبحانه: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً}؛ نعم هو شفاء لأمراض القلوب والأبدان والأخلاق والمعاملات…؛ لأن ورود كلمة “شِفَاء” نكرة تفيد العموم مضافة للمؤمنين فيه إشارة إلى أن المؤمن دواءه في كتاب الله وليس فيما عاداه. ومن ابتعد عنه بعدما أدرك ما فيه من الحلول الناجعة تاه في أودية المشاكل لا يبالي الله بأيها هلك.
فمن شرط الانتفاع بالقرآن اليقين فيه بأنه طوق النجاة من الهلاك والضلال بكل تجلياته تصديقا لقول ربنا {قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ}؛ إنه النور الذي يهدى الحيارى في دياجير الظلام؛ ظلام الفتن والمشاكل والمصائب التي يعيشها المسلمون في كل مكان وعلى جميع المستويات. فبدون هذا اليقين لن يتحقق علاج شيء لمن يتخير في شرع الله دون أن يدخل في السلم كافة بله من يتركه كلية مخالفين بذلك أمر الله عز وجل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً}.
إن المتتبع للإعلام الوطني وكيف يتناول القضايا الاجتماعية من زاوية نظر علمانية تغريبية إقصائية تُبعِد الدين كل البعد حتى لا تشم له رائحة في خلطاتهم العلاجية لقضايا كثيرة كأطفال الشوارع؛ والأمهات العازبات! (اللواتي وَلَدْنَ من سفاح) والسيدا؛ واللقطاء؛ والاغتصاب؛ والتحرش الجنسي؛ والرشوة؛ والمشاكل الأسرية والعائلية؛ والقروض.. واللائحة طويلة كلها تبقى بعيدة عن السبل التي تخول لها الفناء والزوال بإذن الله الذي يدبر الكون بمشيئته وإرادته، لكن القوم يعاكسون مجرى الرياح ويقعون صرعى تحت تأثير بريق التمويل الداخلي والخارجي، والتصرف في أموال كثيرة، والدخول في علاقات اجتماعية تخول لهم القفز على القوانين وضمان مناصب إدارية ومكانة سياسية وقضاء مصالح شخصية وعائلية، بينما الضحايا مطية ذلك يغرقون في مستنقع البلايا يحسبون سراب العلمانية ماء.
لذلك ولسنوات طوال خلت لم تبرح المشاكل الاجتماعية مكانها وإن تحركت فإنما إلى الأسوأ والأشر وليس لها إلا ذاك، لأن من رام الهدى في غير القرآن والسنة أضله الله، ومن ابتغى غير الإسلام بديلا فلن يدرك مبتغاه، ومن أعرض عن شرع الله فإن له معيشة ضنكا ولن يعرف غير التعاسة، لأن المشاكل تتناسل والظواهر غير الأخلاقية تتكاثر ولن تفلح المناهج العلمانية التغربية في مواجهة سيلها الهادر، ولن يقدر عليها إلا الحق الذي جاء به نبي الرحمة {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ}.
غير مفهوم أن يولي الغرب المغرور مكرها لا بطلا وجهه نحو بعض الحلول الإسلامية يلتمس فيها الخَلاص لأزماته المتعددة التي حارت حلوله الوضعية في علاجها، وصار يتبنى -مثلا- العفة كعلاج لكثير من مشاكله الأخلاقية التي أفرزتها حريته المفرطة العمياء، واستنجد بالبنوك الإسلامية ونظام المال الإسلامي لينقد به إفلاسه المستمر، مع دعوات هنا وهناك تدعو المرأة للعودة إلى البيت، وأخرى تدعوا إلى الحشمة في اللباس والفصل بين الجنسين في المدارس، بل وفي المقاهي والحافلات والمسابح، وغير هذا مما تتناوله قصاصات الأخبار، وحوته بعض الكتابات المنصفة، من ذلك قول برنارد شو بكل تجرد وموضوعية يفتقدها علمانيو العالم: “لو أن محمداً وجد في هذا العالم اليوم لاستطاع بقوة إقناعه أن يحل كل مشكلات العالم (وليس مشاكل المغرب فحسب) وأن يجعل الحب والسلام هم الحياة، ولاشك أن الإسلام ونبي الإسلام، استطاعا أن يجعلاني أقف باحترام شديد للرسالة ورسولها وتمنيت دائماً بأن يكون الإسلام هو سبيل العالم فلا منقذ له سوى رسالة محمد”. (الإسلام ورسوله في فكر هؤلاء؛ لمؤلفه أحمد حامد)، والحق ما شهدت به الأعداء.
فكيف لهم أن يعودوا للصواب ولا نعود نحن الذين رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا، أم أنه شعار للاستهلاك، والواقع يشهد له بالتجني والانتهاك. لقد حورب الدين وحشر في زاوية ضيقة في بلاد المسلمين تحت تأثير ضغط خارجي وهوى داخلي، ولم يعد بمقدور بعض الغيورين الذين يرون في الإسلام الحل الواقعي والموضوعي والناجع أن يأخذوا المبادرة لينتشلوا أبناء مجتمعهم الذين يعانون من الانحرافات المتعددة لأنهم محاربون بشتى النعوت والتهم التي لم يعد يخفَ بطلانها على ذي بصر وبصيرة، بل لا تحتاج للبصيرة لتدرك العديد من المضايقات التي تستهدف أصحاب النوايا الشرعية الغيورين على الإنسان والعمران.
وفي انتظار انفراج الغمة بمشيئة إلهية وقدر كوني ننظر إلى الواقع بعين الأسى والحزن على من أراد إصلاحه بالذي كان داؤه، ويترك الدواء جانبا يصدق فيهم قول الشاعر:
كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *