تزداد معاناة المحاصرين في قطاع غزة في فلسطين المحتلة يوما بعد يوم وسط سكوت عالمي.. وصمت غربي.. وتفرج عربي.. وشماتة مدعي التقدمية.. ووجوم منظمة التحرير، والضحية شعب فلسطين الأعزل المحاصر اقتصاديا وعسكريا وسياسيا وغذائيا وصحيا، وأكثر الضحايا هم “الأطفال”!
إن المطلع على حقائق ذلك الحصار وآثاره ليتفطر قلبه من النتائج، وبنظرة أولية فقد خلف الحصار خسائر مالية مباشرة فاقت 750 مليون دولار، وأكثر من 140 ألف عامل تعطلوا عن العمل جراء إغلاق المعابر، و%80 يعيشون تحت خط الفقر، و%60 من أطفال غزة مصابون بأمراض سوء التغذية وفقر الدم، وأكثر من ثلث ضحايا الحصار هم من الأطفال!
ليس ذاك فقط، فقد بلغ عدد آبار المياه المتوقفة في غزة عشرة آبار، والباقي مهدد بالتوقف، وإجمالي آبار المياه تعمل 60% من الوقت وتتوقف 40%. أما محطة توليد الكهرباء فهي متوقفة بشكل كامل، ولنقص الوقود أغلق ثلاثون مخبزاً أبوابه، فضلا عن مخزون الدقيق الذي لن يكفي القطاع سوى أيام معدودة! والأسوأ من ذلك أن %40 من الأدوية الأساسية رصيدها صفر، والمستهلكات الطبية %80 رصيدها صفر!
إنها ليست أزمة واحدة بل سلسلة أزمات إنسانية بسبب الحصار القائم، وقبلها إجرامية الكيان الصهيوني، فالمعابر التجارية ومنذ الحصار المشدد الذي فرض على غزة منذ 14/06/2007 مغلقة بشكل عام، وما يدخل منها من احتياجات المواطنين تتراوح نسبته من 10% إلى 15% من احتياجات قطاع غزة والتي تقدر ب 600 شاحنة يومية، ومنذ 04/11/2008 أغلقت المعابر تماما!
ومع إغلاق المعابر توقف دخول الوقود الذي كان يورد عبر معبر «ناحال عوز» لمحطة توليد الكهرباء والاستخدامات المنزلية والصناعية والعامة، حتى نفد المخزون!
ومع نفاد الوقود توقف عمل محطة كهرباء غزة، والتي كانت تعمل بـ %50 من طاقتها الإنتاجية بسبب القصف الذي تعرضت له المحطة ومنع دخول محولات بديلة منذ عامين حتى الآن.
أما القطاع الصحي فالأدوية الأساسية تعاني من نقص أكثر من 40% من الأصناف، وخاصة لمرضى ارتفاع ضغط الدم والقلب والربو والسكري والأمراض المزمنة الأخرى، إلى جانب نقص الأدوية المكملة وخاصة لمرض السرطان والفشل الكلوي والكبدي. فضلا عن تعطل الأجهزة الفنية وغرف العناية المركزة!
ويبقى الغذاء ومشكلة البقاء أو الفناء، فأزمة الدقيق والمخابز تتفاقم حيث يعمل في غزة 47 مخبزا لإنتاج الخبز، أغلق 30 مخبزا منها أبوابه لعدم توفر الكهرباء أو الوقود.علما بأن غزة تحتاج إلى 450 طن دقيق للمخابز للمنازل.
أما نقص السلع فهي أزمة قادمة، فأهم السلع التي توشك على النفاد من الأسواق: حليب الأطفال والدقيق والأرز والبقوليات والزيوت والمجمدات والألبان واللحوم الطازجة والمواد الخام للصناعات المعدنية والبلاستيكية والكيمائية والإنشائية والورقية ومواد التغليف، إلى جانب الأدوات الكهربائية وأدوات الصرف الصحي وقطع غيار سيارات وزيوت سيارات..
ولم يسلم قطاع المياه والصرف الصحي من آثار الحصار، فمادة الكلور التي تستخدم في تعقيم مياه الشرب شبه مفقودة، وعدم ضخ مادة الكلور في آبار المياه يعني زيادة التلوث البكتيري في مياه الشرب وهذا يحدث مشاكل صحية كبيرة، علما بأن عدد آبار المياه في غزة تصل الى 145بئرا، ويبلغ استهلاك قطاع غزة يومياً 220 ألف لتر مكعب من المياه..
ونتيجة لإغلاق المعابر توقفت كل المساعدات سواء لوكالة الغوث أو لمنظمات إنسانية فلسطينية وعربية وإسلامية ودولية، ويبلغ عدد المتضررين مليون شخص، من ضمنهم 750 ألفاً من اللاجئين يتلقون المساعدات من وكالة الغوث ويعيشون عليها فقط، بسبب أوضاعهم الاقتصادية الصعبة، وقد توقفت هذه المساعدات الغذائية منذ نونبر الماضي!
فهل بعد ذلك تفكير في حجم المأساة أو تردد في تقديم المساعدة؟! بل قد آن الأوان للمسارعة بإغاثة الملهوف ومساعدة المحتاج كما أوصانا النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وتجاوز الشخصانية والهوى والارتقاء فوق الجراح، فإنها والله لعمري هي الرجولة والمروءة والعقل الراشد ما دام همنا رضا الله عز وجل.
من عاش على شيء مات عليه، ومن مات على شيء بعث عليه.