لاشك أن القيم الغربية بدأت تظهر لنا واضحة من خلال أفكار وأعمال ومواقف ومظاهر بعض شباب وشابات بلدنا إن لم أقل جلهم؛ إنها قيم الحب والغزل والفن التي صار اﻹقبال عليها بشكل لم نشهده من قبل. فما مصادر هذه القيم، وكيف انتقلت إلى مجتمعنا؟
بعد انتصار الثورة الفرنسية عام 1789م، وبداية ظهور الاكتشافات العلمية وما تلاها من بوادر الثورة الصناعية، دعا الفكر الفلسفي الغربي إلى تقديس العقل تقديسا مطلقا، وإلى فصل الدين عن الدولة، مثل المذهب النسبي القائم على الشك في الحقائق المطلقة، والنزعة البرجماتية أي النفعية، كما كثرت الدعوات إلى تحرير اﻷخلاق من سلطة المعتقدات الدينية، حتى لا تقوم على الخوف من عذاب جهنم، ولا على الطمع في نعيم الجنة، فضلا عن تحريرها من سلطة رجال الكنيسة.
يتضح إذن أن مصادر القيم الغربية تكمن باختصار في: العقل والنفعية (اللذة والسعادة) والمادية. وهي قيم بشرية وضعية عكس القيم الإسلامية السماوية المصدر والتي من أجلها بعث الحبيب صلى الله عليه وسلم حيث قال: “إنما بعثت ﻷتمم صالح اﻷخلاق” الحديث أخرجه أحمد في المسند (8729).
اﻵن تبين لنا ماهية القيم الغربية ، فكيف إذن غزت أفكارنا؟
المتأمل في البرامج والمقررات الدراسية يجدها مغزوة بتلكم القيم الخبيثة؛ ففي الصفحة 111 من الكتاب المدرسي السنة الأولى من التعليم الإعدادي الثانوي يواجهنا نص تحت عنوان وصف شخصية يتحدث عن فتاة غربية اسمها شاتيون؛ جاء فيه: (…عيناها سوداوان، وصغيرة الحاجب، ومنبسطة اﻷنف، وشفتاها حمراوان رقيقتان)1.
وفي الصفحة 179 من كتاب السنة الثانية من التعليم الإعدادي الثانوي نجد صورة باﻷلوان لشابة وهي شبه عارية وتحاور شابا.2
صحيح أن الوثيقتين اللاأخلاقيتين تتعلقان بالدرسين “وصف شخصية ومسرحية أنتيغون”، لكن من الذي دعا المؤلفين لوضعهما في الكتاب؟ هل انعدمت كل الوسائل التربوية لشرح هذين الدرسين، واضطررنا إلى هذه الوسيلة الملوثة؟
إن الدرسين يتضمنان قيم الخلوة والخلاعة والتبرج، تلكم القيم التي لها اﻷثر البالغ على نفسية وسلوك شبابنا وأطفالنا.
(لا يمكنك أن تكون سعيدا بدون رغبات عاطفية… إذ أنت أزلت حب الحياة… قمت بإزالة الملذات..)3.
هذا النص من الروايات المقررة للكاتب الفرنسي الخليع والماجن موليير، دعوة أخرى من بعض المربين إلى بناتنا البريئات لدفعهن إلى ولوج عالم التبرج والغواية؛ إن مضمون هذا النص محاولة ماكرة لإقناع طلابنا بأنه لا قيمة لحياتهم بدون قيم التمتع بملذات وإشباع الرغبات الجنسية، إن موليير يطلب من المرأة أن تدخل عالم الملذات والتبرج والانحلال الخلقي، ويدعو الشباب إلى الزنا والفساد.
ما هذه الدعوة الدنيئة التي يوجهها الكاتب الماجن إلى الناشئة؟ وما هي القيم والأفكار التربوية والأخلاقية التي يحتوي عليها هذا النص، والتي أخذت بمجامع لب أصحابها المربين، وأوحت إليهم بإقحامه في المقرر المدرسي؟
هل هناك أقبح وأشنع من أن يدعو إلى الرذيلة من يدعي القيام بمهمة التربية والحث على الفضيلة؟
يتبين مما سبق، أن الكتب المدرسية -بمختلف المستويات وعلى مر السنوات- لم تنج من القيم الغربية.
اﻵن وقد اتضح لنا سبب تغير أفكار ومواقف وسلوكات أطفالنا وشبابنا في المؤسسات والطرقات وغيرها إنها حملة علمانية ممنهجة تضرب قيمنا الإسلامية.
فمن يحمي مقرراتنا الدراسية؟
ــــــــــــــــــــــــــــ
1-Royaume du Maroc , Ministère de l’éducation national, «parcours, Manuel de français 1ère année du cycle secondaire collégial»
2- Royaume du Maroc , Ministère de l’éducation national, «Manuel de français 2ère année du cycle secondaire collégial»
3- Molière, Bourgeois gentilhomme,2eme scène