لقد نال (الأستاذ) رشيد نيني شهرة وإعجابا بسبب طرقه لمواضيع “الخبز”، ولعبه على الوتر الحساس عند كل مغربي، ولقد كان موفقا في جملة من أقواله ومسددا في عدد من طروحاته، لكن جواده كبا حين تعرض لأحد علماء بلده بما يخاطب به السفهاء واللصوص والمجرمين، بل سوّى بين دكتور عالم بالقرآن والسنة عُرف منذ عقود بالدعوة إليهما صابرا محتسبا، وبين سياسية تبرأت من أصلها، وتنكرت لدينها وأمتها، وأكلت بفرجها، وكأن الأستاذ رشيد لم يقرأ قول الله تعالى: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [القلم/35، 36].
والغريب أنه رغم كثرة السطور التي انتقد فيها الوزيرة بالنسبة للسطور التي اشتط فيها على الدكتور، فإنه استعمل في حق هذا الأخير من الألفاظ النابية ما لم يستعمل عشره في حق الوزيرة!
.. لقد اختل ميزانك يا رشيد ووقعت في الظلم الذي طالما نددت به حين تطاولت على الدكتور المغراوي في تخصصه، وأنكرت علمه بجهلك، وافتريت عليه أنه يسوي بين بنت التاسعة وبنت العشرين في القدرة على النكاح، وأنه يشوه الإسلام، وأنه دعا كل الأسر المغربية لتزويج بناتهن ذوات التسع، وأنه لا يحسن الكلام إلا فيما تحت السرة، (وليس: الصرة كما قلت!)، وأنه يتغاضى عن ظلم الحكام وجورهم ويتجرأ على الإفتاء في السفاسف والتراهات.
ومن افترائك على الرجل؛ أنك رميته بعدم إنكاره لقضايا الفساد السارية في المجتمع، وقد كنت كاذبا في ذلك كله، تزعم بأنه لم تصدر منه أي كلمة في الإنكار على المفسدين، وكأنك أحطت بكتبه ومحاضراته.
ألم تعلم يا نيني أن الجمعية التي يرأسها الدكتور المغراوي خرجت عشرات الحافظين لكتاب الله، وطبعت آلاف النسخ من المصحف الشريف، ودعت إلى آداب السنة المطهرة في كل مناحي الحياة، وحاربت الفكر الخرافي الذي ران على أذهان كثير من المغاربة ونشر بينهم الشرك والأوهام والجمود والتخلف، وأنها حاربت الفكر الاستغرابي الماسخ للشخصية والطامس للهوية، وحاربت الأمية في صفوف المئات من النساء، اللواتي لم يأمر واحدة منهن بالزواج وهي ابنة تسع.
وكم اهتدى بسبب دعوتها من منحرفين كانوا من قبل شؤما على مجتمعهم؛ فمنهم المخمرون ومنهم المرتشون ومنهم الزناة ومنهم اللصوص وقطاع الطرق … إلخ. إلخ. إلخ.
ألا تعد هذه خدمة للوطن والمواطنين يا نيني، ألا تعتبر هذا إسهاما في الإصلاح والتنمية؟
أم أن الأمر على حد قول الشاعر:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة **لكن عين السخط تبدي المساويا
لقد كان حريا بك لو تعقلت أن لا تدخل في حملة معادية لعلماء بلدك، وأن تشكر لهم جهودهم في دعوة الناس إلى كتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، وتكمل أنت المسار الإصلاحي بالإنكار على الظلمة وأرباب الفساد بالضوابط الشرعية.
لم يكن منك ذلك، ولكنك ازددت شططا وتطاولا على علم لا تحسنه حين استخففت بحكم رضاع الكبير كما استخففت بغيره من الأحكام الشرعية، ولو قرأت كلام العلامة المحقق أحمد ابن تيمية في المسألة لوقفت على مبلغ جهلك ومكمن ضعفك، إلا أن يكون ابن تيمية نفسه عندك متهما، فذاك شيء آخر..
أما قهوة الصباح فقد سقت المساءُ فيها قراءها سما زعافا، ولم يستح كاتبها أن يستلزم من الفتوى دعوة إلى اغتصاب الفتيات، ولقد زعم المسكين أن الدكتور المغراوي يعيش في القرن الواحد والعشرين بجسده لا بعقله، وسيشهد التاريخ للقرن الواحد والعشرين أن الدكتور حقق فيه ما لم يحقق شانئه عشر معشاره، وآنذاك سيعرف الناس من كان يعيش بعقله، ومن فقد عقله إلى درجة النطق بالسفه، والجهر بالساقط من الكلام.
أقلEوا اللوم لا أبا لأبيكم عليهم أو سدوا الباب الذي سدوا
فاتق الله يا رشيد واترك الكلام فيما لا تحسن، واعرف للعلماء قدرهم، فإن لحومهم مسمومة، وعادة الله في انتهاك أعراض منتقصيهم معلومة.