مُلاحظاتٌ صَغِيرَة ربيع السملالي

 

**هذه بعضُ الملاحظاتِ التي كنت أسجّلها بينَ الفينة والأخرى، على موقع (تويتر) في صيف 1440هـ 2019م، جمعتها ورتّبتها وهذّبتها وأرسلتها لجريدتنا الغرّاء (السبيل) لتذيعها بينَ القرّاء لعلّهم ينتفعون بها…والله من وراء القصد.

**  للأسف وجدتُ بعض الدّكاترة لا يُفرّقونَ بين الـمُؤرِّخ السُّوري محمود شاكر، صاحبِ كتاب (التّاريخ الإسلامي) الحافل، وشيخ العربية أبي فِهْر محمود بن محمد شاكر المصري، مؤّلف أباطيل وأسمار…

وبالمناسبة فالتّاريخ الإسلامي للشيخ السوري طبعه المكتب الإسلامي، وقد حُذفَ منه مجلدان.

**من لم يقرأ كتاب (روضة العقلاء) لابن حبّان البُستي فاته خير كثير وأدبٌ غزير.. فإنّه يُهذّب النّفس ويشحذ الهِمم… ويصقل المواهب.. ويُنظّفُ الفِطَر.. ويدفعُ إلى ارتقاء المعالي.. والانصراف عن سَفاسِف الأمور.. فهو مِهْمَاز لمن كان له قلب أو ألقى السّمع وهو شهيد.. أفضل طبعاته دار أروقة بالبحرين، دراسة وتحقيق الدكتور محمد عايش. فقد اعتمد فيها على ستّ نسخ خطية، إحداها تُمثّل الإبرازة الثانية للكتاب وتُنشر لأوّل مرّة. طبعته الأولى سنة 2017م…

**قالوا: عندما نجمعُ الكتب فإنّنا نجمعُ السّعادة.

قلتُ: ما نوعُ هذه الكتب؟ فإنَّ هناكَ كُتبًا تدفعك لتجمعَ التّفاهة، القذارة، الكآبة، الانحرافَ، والشّقاء في الدّنيا والآخرة. فأن تبقى جاهلاً على الفِطرة خيرٌ لك من كتب تُشكّك في وجود الله، وتجعلك تظنّ أنّ دين الإسلام مجردُ خرافة قد تجاوزها الزّمنُ..

**لا ينقضي عجَبي من ذكور وإناثٍ يحملونَ لقبَ (دكتور) في الأدب واللغة ويكتبون بلهجة عامية ساقطة، إقليمية لا تمتّ للأدب بسبب، ولا لغة القرآن بنسب..

**كان العلاّمة ابن جبرين -رحمه الله- يقرأ الكتابَ كاملاً قبلَ تقريظه، فإن لم يجد فيه ما يستحق لا يقدّم له، بخلاف أدعياء العلم الذين يُقدّمون لكتب لم يقرأوها، ولم يطّلعوا على كلّ فصولها، وهذا من الغِشّ الذي ابتليت به مكتباتُنا في هذا العصر، فكثير من القرّاء يغترّون بتقديم الأسماء الفخمة لمن دونها…

**لا حاجة لي بسيرتك الذاتية وأحوالك الشخصية، فحسبي أن أقرأ لك تغريدة أستفيدُ منها وأنصرفُ، ولا شأن لي بسلوكياتك لأنّني لست باحثًا لابنتي عن زوج حتّى أنقّب عن كُلّ صغيرةٍ وكبيرة.. والحقَّ ضالّةُ المؤمن، والحكمة قد تؤخذ من أفواه السّفهاء! وكما قال حد الكُتّاب: لا تتبنَّ الأفكارَ بحسب قائلها (إن أحببته قبلتها، وإن كرهته رفضتها) بل بحسب منطقيتها ومعقوليتها.

** ‏أنا من القرَّاء الذين لا ينخدعون بكلمة (الأكثر مبيعا) التي تكون على غلاف بعض الكتب، لأنني أؤمنُ أنَّ الكثرة كالشُّهرة ليست مقياسًا للعظمة أو الإبداع..فهناك أشخاص جَهَلَة أشهرُ من علماء راسخين في العلم ، وهناك كتب لا تستحق ثمنَ الحبر الذي كُتبت به أشهرُ من معجم الأدباء ووفيات الأعيان..

** من الجميل أن تكونَ لك مكتبة شخصية في بيتك، لكن من القبيح ألا تكون قارئًا جيّدًا لما حوته، وهل تعلم أنّ قراءة عشرين صفحة في اليوم (فقط) ستكون قد قرأت في السنة 7300 ص! وهو عدد لا يستهان به سيمنحك قراءة شرح رياض الصّالحين لابن عثيمين، وآثار الإبراهيمي ومقالات الطناحي..؟

**‏قد أسامح الجميع حين يخطئ في حقي، وقد ألتمسُ له سبعينَ عذرًا، وأنا مؤمن أن كل ابن آدم خطاء..إلا المنافقَ ذا الوجهين الذي يلقاني بابتسامة بلهاء ولسان كأنه الشهد من الثناء، حتى إذا انصرف عني ووجد القول ذا سعة مزّق عرضي تمزيقا، وأخذ يفري فيه فَرْيَ الأديم..

**‏من الطّرق الجيدة في القراءة، أن تجمع كتب عالم من العلماء أو أديب من الأدباء فتعكف على قراءتها، تدرسها وتكررِّها، وتستخرج دررَها، حتى إذا مرّت عليك بضعُ سنين وجدت نفسك قد أصبحت من أعلم الناس بذاك العالم أو الأديب، وقد يفتح الله عليك فتؤلف كتابا في علومه لم يُسبق إليه…

**‏المصائبُ تجمعُ المتخاصمين وقاطعي الرَّحم من أبناء القبيلة (في الغالب).

**‏‏إذا كانت الكتبُ كثيرةً جدا، ومن المستحيل قراءة كل ما جادت به القرائح البشرية، فمن الحمق ألا تقرأ من الكتب إلا النّطيحة والمتردية وما أكل السبع..

‏**الذي يقرأ كتابًا ويستفيدُ منه، ثم لا يذكر مؤلِّفَه بدعوةٍ في ظهر الغيب، ولا ينوّه به بين أصدقائه ومعارفه كالذي يأكلُ ويشربُ وينامُ قريرَ العين ثم لا يشكر الله على نعمه..وفي الحديث (لا يشكر الله من لا يشكر الناس). رواه أحمدُ وغيرُه وصححه الألباني.

**حينَ نعثرُ على نصٍّ فاخر في بطن كتاب يوافق هوًى في الفؤاد، ونريد نقله لإخواننا لا ينبغي أن نُصدّره بقولنا (كلام يُكتب بماء الذّهب) يكفي أن ننقلَه كما هو، والقارئ هو من سيقرّر بماذا سيكتبه، فما يدهشك أنت قد لا يقيم له غيرُك وزنًا ولا أدنى اهتمام..

**ثلاجة بطنك عامرة بكل لذيذ، وخزانة ملابسك ممتلئة عن آخرها! أما مكتبة فكرك وروحك وآدميتك فهي خاوية على عروشها! عندك مصحف قديم من عهد جدك، فما بالك أهملته وجعلت غبار الكسل والغفلة يستحوذ عليك! لو استيقظ جدك الآن لعاتبك بعنف قائلا: ماذا فعلت بالدم الذي وهبتك إياه..

**كل أسبوع يجبُ أن أتعرّف إلى أصدقاء جُدد! فأجالس هذا.. وأنصت إلى ذاك.. وأسهر مع زيد.. وأفتتح يومي بعمرو! قد لا أنهي حديثي مع بعضهم، فأنتقل إلى آخرين مع بقاء الودّ والوفاء! ..وهؤلاء الأصدقاء قد خصصت لهم غرفتين في منزلي عن طيب خاطر برغم الضيق الذي يطغى على مساحة البيت..

**الشُّهرة ليستْ مقياسًا للعَظَمة كما قلنا سابقًا، وكما علّمنا الشيخ علي الطنطاوي، وقد رأيتُ في المعرض الدولي للكتاب قبلبضعة أشهرٍ شابًّا (فيسبوكيا) ملتحيا جاهلا يلتفُّ حوله جيش من المحبين ليلتقطوا معه صورة للذكرى، لأنّه يصدّر لهم (التهريج الدّيني) عبر سوشيال ميديا! وفي الضفة الأخرى عند دار توبقال يجلس بملل الناقد والكاتب الفحل عبد الفتاح كيليطو وحيدا..

**صرت مقتنعا أنّ من يصدر كتابا أو كتابين في كلّ عام، لن تجد عنده ما يدهشك أو يجعلك تقرأ له بكل حب…فقط يكرّر ويخربش بحثا عن الشهرة بين أرباب الأدب والعلم! حتى وإن كان ليس أديبا ولا طالبَ علم..ورحم الله أبا غُدة الذي استغرق في تأليف كتابه (صفحات من صبر العلماء) عشرين سنة…

**العلاّمة شيخ العربية محمود شاكر -رحمه الله- من عمالقة التحقيق في عصرنا، ومن تواضعه يكتب على أغلفة الكتب التي قام بتحقيقها: قرأه وعلّق عليه أبو فهر محمود شاكر! بخلاف أدعياء العلم والتّحقيق، فإنهم يكتبون بكل وقاحة: حققه وضبطه وعلّق عليه وخرّج أحاديثه أبو فلان الأثري.

**بعضهم يرومُ التّشدق في تغريداته بكلمات خَشنة لا يعرف معناها كثير من أبناء زماننا، ليوهم القارئ العادي أنه متمكن في اللغة ورأس في الإحاطة بكلام العرب! ولا يدري المسكين أنّ من عيوب البلاغة التّحدث إلى العامة بأسلوب الحريري وبديع الزمان..، وقد كانوا يعدون ذلك في عصر الازدهار الأدبي من العِيّ والحَصَر..

**النّاس في نظري عبارة عن كتب تمشي على الأرض، منها الجيد، والرّديء، والتافه، والمُملّ، والممتاز، والممتع، والمفيد.. وما يخلو إنسان من خير، ولا كتاب من فائدة..

**هناك من يقرأ في الشهر عشرات الكتب، ويحمل في صدره القرآن الكريم، وعنده ثقافة عامة لا يستهان بها، ولكنه لا يقوى على رد سهم من سهام إبليس إذا جاءه من امرأة.. فأينَ الخللُ؟

**تزعجني كلمة (المهم هي الأخلاق) حين ينصح بها الأخلاقيون والمثاليون شابا يريد الزواج من فتاة دميمة الخلقة. نعم المهم هي الأخلاق والعقل والدين ولكن الأهم أن تكون كما قال المصطفى صلّى الله عليه وسلّم (وإذا نظرت إليها سرّتك) وما يقال عن الفتاة هنا يقال عن الرجل أيضًا..

ودامتْ لكم المسرات…

يُتبع..

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *