انتبه يا عبد الله فإنك في بيت الله (14) نور الدين درواش

 

توجيهات وتنبيهات إضافية

مخالفات متعلقة بأوقاف المسجد:

الوقف إعطاء ‌منفعة ‌شيء مدة وجوده لازمًا بقاؤه في ملك معطيه، ولو تقديرًا ()

ما يوضع في المسجد ويوهب له من فراش أو أدوات أو كتب أو مصاحف؛ فهو وقف في سبيل لله أو حبس، لا يجوز التصرف فيه بخلاف إرادة وشَرْطِ الواقف.

وقد تقرر عند الفقهاء أن الوقف لا يجوز الاعتداء عليه ولا تغييره ولا تحويله، ولا الاستفادة منه بخلاف إرادة الواقف؛ لعموم قوله تعالى: ﴿فَمَنۢ بَدَّلَهُۥ بَعْدَ مَا سَمِعَهُۥ فَإِنَّمَآ إِثْمُهُۥ عَلَي اَ۬لذِينَ يُبَدِّلُونَهُۥٓۖ إِنَّ اَ۬للَّهَ سَمِيعٌ عَلِيم﴾ [البقرة:180].

“وسئل (أي؛ ابن حجر الهيتمي) عن الماء المتصدق به للطهور في المساجد عندنا هل يجوز لأحد ‌نقله ‌إلى ‌خلوته وادخاره فيها للطهر به مع منع الناس منه والحاجة إليه في المسجد وهل يجوز مع عدم ذلك أو لا؟

(فأجاب) بأن من تصدق بماء أو وقف ما يحصل منه الطهور بمسجد كذا لم يجز نقله منه لطهارة ولا لغيرها منع الناس منه أو لا لأن الماء المسبل يحرم نقله عنه إلى محل آخر لا ينسب إليه كالخلوة المذكورة في السؤال نعم من دخل المسجد وتوضأ منه لا يلزمه الصلاة فيه وإن احتمل أن الواقف أراد ذلك تكثيرا لثوابه لأن لفظه يقصر عما يفهم ذلك هذا كله إن لم يطرد عرف في زمن الواقف ويعلمه وإلا نزل وقفه عليه لأنه منزل منزلة شرطه”.

وقد نقل الونشريسي عن ابن سراج الأندلسي، أنه سئل عن مسجدٍ حبس عليه أحباس معينة؛ منها للإمام، ومنها للبناء، ومنها للحصر، ومنها للوقود … فأجاب: لابد لمتولي النظر في الحبس من مراعاة قصد المحبس واتباع شرطه، إن كان جائزًا، فما خصه المحبس بنوع لا يصرف في غيره”.

قال ابن حجر الهيتمي: “ولا يجوز استعمال حصر المسجد ولا فراشه في غير فرشه مطلقا سواء أكان لحاجة أم لا واستعمالها في الأعراس من أقبح المنكرات التي يجب على كل أحد إنكارها وقد شدد العلماء النكير على من يفرشها بالأعراس والأفراح وقالوا يحرم فرشها ولو في مسجد آخر، والله ـ أعلم”.

وقال جمال الدين القاسمي: “‌لا ‌يَستعمل ‌الناس حصره وقناديله وسائر ما وقف لمصالحه في مصالحهم كالأعراس والتعزية لأنها لم توقف لذلك، والوقف يصرف للجهة التي عينها الواقف”.

  • أخذ بعض الأغراض الموقوفة على المسجد، كالمصاحف وغيره سواء من قبل المصلين، أو من قبل القَيِّمِين على المسجد كالإمام أو المؤذن أو المنظف أو غيرهم.
  • استعمال بعض الأغراض والأدوات الموقوفة على المسجد كالسُّلَّم أو المكنسة أو الآلات الكهربائية، أو غيرها؛ للأغراض الشخصية والخاصة.
  • استعارة أغراض المسجد كالأفرشة أو المكبرات في المناسبات والولائم فضلا عن الأنشطة الجمعوية أو الاجتماعية الحزبية أو الأنشطة السياسية أو الحملات الانتخابية أو المناسبات القومية….
  • استبدال المصاحف أو الكراسي أو غير ذلك.
  • استهلاك بعض الأمور التابعة للمسجد كالكهرباء في شحن اللوحات الإلكترونية والهواتف وكاستعمال ماء المسجد في الأغراض الخاصة كغسل السيارة وما شابه ذلك.

تنبيهات متعلقة بجمالية المسجد:

  • من الأخطاء ترك الأحذية والنعال متراكمة أمام باب المسجد، ما يسيء للمنظر العام، ويؤذي المصلين بتعريضهم للتعثر.
  • تعليق ملصقات أو ساعات أو شاشات أو إعلانات في قبلة المصلين ما يفتنهم في صلاتهم.

تنبيهات متعلقة بدورات المياه وأماكن الوضوء:

  • جعل المراحيض داخل المسجد كما في بعض المساجد العتيقة.
  • التوسع في تبذير الماء.
  • عدم تنظيف المراحيض بعد قضاء الحاجة.
  • عدم احترام الإرشادات المتعلقة بتخصيص الأدوات والأسطل؛ فتجد من يستعمل وعاء الوضوء في المرحاض خلافا للإرشادات التي يضعها القيمون على المسجد.
  • من الأخطاء أن بعض جيران المسجد يتقصدون الوضوء وقضاء الحاجة في دورات مياه المسجد، ما يشكل ضغطا وزحاما من غير حاجة، مع أن المفترض أن يترك المجال للبعيد والعابر والمضطر وليس لكل أحد.

أخطاء أخرى:

  • المبالغة في زخرفة المساجد، بما يفتن المصلين ويشغلهم، ويخرج بالمساجد عن مقصدها التعبدي العظيم.
  • وضع المصاحف في أماكن ممتهنة، كمن يضعونها على الأرض، أو بحذاء النعال، أو تحت رفوفها.
  • جعل رفوف النعال قبالة المصلين.
  • ومن الأخطاء الجرأة على الإمام والمؤذن وتعريضهما للإهانة أو السب أو التنقص أحيانا وخاصة في المساجد التي ما زالت تتعامل بـنظام (الشرط).
  • التصرف في المسجد وتغيير معالمه دون استئذان ولا تنسيق مع القائمين على المسجد.

خاتمــة:

هذا، وعَنَّ لي -ختاما- أن أورد كلاما جامعا في الباب للإمام أبي عبد الله القرطبي: نقلا عن بعض العلماء جمع فيه  جملة من آداب المسجد سبق تفصيل أكثرها وقد ساقها بعبارة جامعة مختصرة معتصرة.

قال القرطبي أبو عبد الله: “وقد جمع بعض العلماء في ذلك خمس عشرة خصلة، فقال: من حرمة المسجد أن يُسَلِّم وقت الدخول إن كان القوم جلوسا، وإن لم يكن في المسجد أحد قال: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، وأن يركع ركعتين قبل أن يجلس، وألا يشتري فيه ولا يبيع، ولا يَسُلَّ فيه سهما ولا سيفا، ولا يطلب فيه ضَالَّة، ولا يرفع فيه صوتا بغير ذكر الله تعالى، ولا يتكلم فيه بأحاديث الدنيا، ولا يتخطى رقاب الناس، ولا ينازع في المكان، ولا يضيق على أحد في الصف، ولا يَمُرَّ بين يَدَيْ مُصَلٍّ، ولا يبْصُق، ولا يتَنَخَّم، ولا يتمَخَّط فيه، ولا يُفَرْقِع أصابِعَهُ، ولا يعْبَثَ بشيء من جسده، وأن يُنَزَّهَ عن النجاساتِ والصبيانِ والمجانينِ، وإقامةِ الحدودِ، وأن يُكثِر ذكر الله تعالى ولا يغْفَلَ عنه. فإذا فعل هذه الخصال فقد أَدَّى حقَّ المسجِد، وكان المسجد حِرْزًا له وحِصْنًا من الشيطان الرجيم”.

هذا ما تيسر جمعه وإعداده وتعين في هذا الموضوع إيراده، على جهة الاختصار والاقتضاب، حتى يتسَنَّى لعَامَّة المسلمين قراءتها، فإننا في زمن عزف فيه أكثر الناس عن القراءة، وانشغلوا بالجوالات ووسائل التواصل الاجتماعي، نسأل الله أن يصلح هذه الأمة أن يعيدها إلى مجدها ويردها إلى دينها وأن ينفع بهذه الرسالة كاتبها وقارئها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *