بعد الصحف الأوروبية التي أساءت إلى نبينا محمد ، جاء دور البابا ليروج لنفس الفكرة التي روجت لها الرسوم، ألا وهي تصوير النبي صلى الله عليه وسلم على أنه رجل شرير سفاك للدماء.
و يمكن أن نستخلص من الحادثتين العبر التالية:
– أن العلمانيين والنصارى في بلاد الغرب يكنون في صدورهم حقدا على الإسلام ونبي الإسلام، وإن كانوا يجاملون المغفلين من المسلمين .
– أنهم يستغلون كل مناسبة تتاح لهم ليشوهوا صورة الإسلام ونبي الإسلام صلى الله عليه وسلم عند بني قومهم، مما يدل على أنه يزعجهم جدا انتشار الإسلام في بلادهم.
– أنهم لا يتهيبون من الأمة الإسلامية مما جعلهم يتجرءون على نبيها علنا وهذا لم يكن من قبل.
– أن عند الغرب جهل عميق بحقيقة الإسلام ونبي الإسلامصلى الله عليه وسلم .
هذا هو الواقع الذي تدل عليه الرسوم والتصريحات، فما واجبنا نحن المسلمين تجاه هذا الواقع؟
يتبين من خلال العبر السابقة أن المسلمين يتحملون نصيبا عظيما من الذي جرى تجاه نبيهم وذلك لأمور:
1- أنهم بسلوكهم لا يعطون الصورة الحقيقية للدين الذي ينتسبون إليه، فلا تجد منكرا من منكرات الأقوال والأفعال إلا وهو منتشر في المجتمعات الإسلامية (شرك ،شعوذة، زنا، لواط…) وقد يكون أحيانا بصورة أكثر من المجتمعات الغربية(رشوة، محسوبية، ظلم…)، فلو كان المسلمون متمسكين بدينهم الحق لعلم العالم بأسره عظمة الإسلام ونبي الإسلام.
وليعلم كل مسلم أنه بانحرافه عن أخلاق دينه قد يكون سببا في الصد عن سبيل الله، مما يجعله عرضة لعذاب الله ونقمته، قال تعالى: “وَلاَ تَتَّخِذُواْ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُواْ الْسُّوءَ بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ”(النحل94) ، قال ابن كثير:”… ثم حذر تعالى عباده عن اتخاذ الأيمان دخلا أي خديعة ومكرًا، لئلا تَزلَّ قدم بعد ثبوتها، مثلٌ لمن كان على الاستقامة فحادَ عنها وزل عن طريق الهدى، بسبب الأيمان الحانثة المشتملة على الصد عن سبيل الله؛ لأن الكافر إذا رأى أن المؤمن قد عاهده ثم غدر به، لم يبق له وثوق بالدين، فانصد بسببه عن الدخول في الإسلام؛ ولهذا قال: “وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ”.
2- أن المسلمين لو تمسكوا بدينهم لآتاهم الله ما وعدهم من النصر والقوة والتمكين في الأرض، ولكانت لهم هيبة في العالم تردع الحاقدين عن أن يتجرءوا على نبيهم هذا التجرؤ السافر.
قال تعالى: “وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ” (النور55).
3- أن المسلمين مقصرين في التعريف بدينهم ونبيهم صلى الله عليه وسلم ، ولولا ذلك لعرف الناس قدره وفضله، قال تعالى: “وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ” (آل عمران104).
فعلى المسلمين في العالم أن يقوموا قومة رجل واحد ليصدوا العدوان عن نبيهم ليس بتنظيم مظاهرات يوشك أن تتفرق جموعها، ولا بترديد شعارات يوشك أن تبح أصوات المناديين بها، ولا بإحراق دمى وأثواب لا قيمة لها؛ وإنما برجوع صادق إلى سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ؛ فإنهم بذلك يعاملون هؤلاء الحاقدين بنقيض قصدهم إذ كان غرضهم بالطعن في النبي صلى الله عليه وسلم أن ينفروا الناس عن اتباع ما جاء به .
وكذلك من واجب المسلمين أن يبيِّنوا للأمم الأخرى النور والهدى الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن الله أرسله رحمة للعالمين، قال تعالى: “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ” (الأنبياء 107)، ويدخل في هذا العموم حتى أولئك الذين أساءوا إليه، بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم ، فلينظر هؤلاء الحاقدون كيف يقابلون رحمة الله، وليعلموا أنهم بذلك يتعرضون لعذاب الله ، قال تعالى:” وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ” (التوبة61).