البداية النشأة
الماسونية تنظيم سري يقوم بإدارة العالم عبر محافله السرية وقياداته وشخصياته في مختلف بلدان العالم، وقد بدأت الماسونية في مصر مع دخول الحملة الفرنسية إليها سنة: (1798م)، وانتشرت محافلها في كافة ربوع مصر، فأنشأت محافل في القاهرة والإسكندرية وفي طنطا والمنصورة والزقازيق وغيرها من الأقاليم المصرية.
وكانت هذه المحافل تضم بين جنباتها عدد كبير من وجهاء ومثقفي مصر، وكذلك الكثير من السياسيين والاقتصاديين والفنانين، حتى بلغ عدد هذه المحافل ثمانين محفلا، والعجيب أنها كانت تحت رعاية رسمية من الدولة.
والتاريخ لم يعرف منظمة سرية أقوى من الماسونية، وهي أقدم منظمة عرفتها البشرية، وكذلك هي من شر مذاهب الهدم التي تفتق عنها الفكر اليهودي.
وقد جاء في البروتوكول الخامس عشر من بروتوكلات حكماء صهيون ما نصه: وإلى أن يأتي الوقت الذي نصل فيه إلى السلطة، سنحاول أن ننشئ ونضاعف خلايا الماسونيين الأحرار في جميع أنحاء العالم وسنجذب إليها كل من يصير أو من يكون معروفاً بأنه ذو روح عامة (pubicspirit) وهذه الخلايا ستكون الأماكن الرئيسية التي سنحملها على ما نريد من أخبار كما أنها ستكون أفضل مراكز الدعاية.
أهم أهداف الماسونية في مصر وغيرها من البلاد الإسلامية
تتحدد أهم أهداف هذه المنظمة الصهيونية فيما يلي:
– العمل على إسقاط الحكومات الشرعية وإلغاء أنظمة الحكم الوطنية في البلاد المختلفة والسيطرة عليها.
– إباحة الجنس واستعمال المرأة كوسيلة للسيطرة.
– العمل على تقسيم غير اليهود إلى أمم متنابذة تتصارع بشكل دائم.
– تسليح هذه الأطراف وتدبير حوادث لتشابكها.
– بث سموم النزاع داخل البلد الواحد وإحياء روح الأقليات الطائفية العنصرية.
– تهديم المبادئ الأخلاقية والفكرية والدينية ونشر الفوضى ولانحلال والإرهاب والإلحاد.
– استعمال الرشوة بالمال والجنس مع الجميع وخاصة ذوي المناصب الحساسة لضمهم لخدمة الماسونية والغاية عندهم تبرر الوسيلة.
وهذا بالفعل ما كان حادثا في مصر قبل ثورة 25 يناير، ثم ازداد هذا النشاط وتوغل وتغول بعد الثورة، فبدأ أتباعها ينتشرون في مصر ويروجون لهذا الفكر عبر منابرهم الإعلامية الصحفية والتليفزيونية، تحت مزاعم عدة، منها: الحرية، والمواطنة، والمساواة، ونبذ التميز والعنصرية، والإخاء، ومحاربة الإرهاب، إلى غير ذلك من المصطلحات البراقة، التي إن فتشت تحتها لا تجد إلا الغدر والمكر والخداع.
وأصبحت الآلة الإعلامية موجهة بشكل كبير وحاد إلى ضرب المبادئ الدينية في مصر، عبر مجموعة من العلمانيين والليبراليين اعتلوا صهوة الإعلام، وأخذوا في استهداف الحركات الإسلامية العاملة في حقل الدعوة والسياسة.
الوجه الآخر للماسونية
يقول الدكتور محمد عمارة: ..بعد أن كانت مصر قد ألغت الماسونية وأغلقت محافلها سنة 1960م، عادت -في عهد مبارك- أندية “الروتري” و”الليونز” -وهي بدائل الماسونية- إلى الانتشار الأخطبوطي في مصر تحت رعاية زوجة مبارك وأخيها؛ الذي كانت الأنوار وشجرة عيد الميلاد تضيء قصره في “الكريسماس”، حتى لكأنه في الفاتيكان!.. ولقد استقطبت هذه الأندية المشبوهة قطاعات واسعة من النخبة المصرية في الثقافة والإعلام والإدارة ورجال الأعمال. (الماسونية في عهد مبارك؛ للدكتور محمد عمارة).
وقد أسس أول نادي للروتاري في مصر سنة 1929م، ويوجد في مصر وحدها 27 نادي روتاري وعدة أندية ليونيز وكلها فروع للمحفل الماسوني العالمي، وبصفة عامة لم تنشط هذه النوادي في مصر إلا بعد توقيع معاهدة السلام مع الكيان الصهيوني، وهي نوادي ماسونية لجأ إليها اليهود عندما أغلقت المحافل الماسونية.
بدأت هذه الأندية في استقطاب الشخصيات الهامة إليها، حتى رجال المؤسسة الدينية، فقد طالعتنا الصحف في 8 مارس 2009م بخبر عن احتفال مفتي الجمهورية علي جمعة بعيد ميلاده مع أعضاء نادي الليونز.
وكان من آثار المد الماسوني العلماني أيام حكم مبارك كما يقول الدكتور عمارة: سيطرة غلاة العلمانيين على المؤسسات الثقافية والتعليمية، واقتصار جوائز الدولة غالبا على المتمركسين، وأشباه الزنادقة وغلاة العلمانيين.
ويضيف الدكتور عمارة أن الدولة هي التي كانت تحمي “ظاهرة الزندقة” ورموزها، وكانت تفرضهم على قاعات الدرس بالجامعات، وعدَّلت قانون الحسبة مرتين لتحميهم من المساءلة القانونية والقضائية.. بل وخصصت لحراستهم وحراسة منازلهم قطاعات من قوات أمن الدولة، التي احترفت قمع المعارضة الإسلامية، وإقامة “سلخانات” التعذيب لخصوم النظام!!
المد الماسوني بعد ثورة 25 يناير
وإذا نظرنا إلى المد الماسوني بعد ثورة 25 يناير نجده قد ازداد شراسة وعنفا وذلك بتحالف قوى كثيرة من العلمانيين والليبراليين والشيوعيين والنصارى، الكل تحالف ضد الإسلام، رغم اختلاف الأيدلوجيات المحركة لهم، فكانوا على رأس الداعمين للمخططات الماسونية الصهيونية.
كما نشطت أندية الروتاري والليونز، بمحاولة توسيع قاعدتها، وعقد ندوات ومؤتمرات لخدمة مطامعها، وما تهدف إليه محافلها الماسونية.
فعملت كل هذه التيارات بكل ما أوتيت من قوة على إفشال الثورة المصرية، فيما يعرف بالثورة المضادة، عن طريق إثارة الفتن والخلافات بين المصريين، وإطلاق الإشاعات والأخبار الكاذبة.
كما سعت إلى تخويف المصريين من الاتجاهات الإسلامية، عن طريق الترويج لكثير من الأكاذيب عبر صحفهم وقنواتهم، كل هذا حتى لا يصل الإسلاميون إلى السلطة في مصر، فتتهدد بذلك أمن ومصالح الكيان الصهيوني في المنطقة.
ومن حين إلى آخر تختلق حادثة هنا وقضية هناك بهدف إثارة الفتنة والطائفية بين المسلمين والنصارى، داعمة هذا بترسانة إعلامية ضخمة، تعمل ليل نهار على بث السموم بين المصريين.
ولذا فإن أذناب الماسونية تسعى الآن إلى تثبيت سطوتها على مصر وفرض أتباعها على الساحة السياسية، للسيطرة على السلطة، ومن ثم تنفيذ ما يريدون من مخططات.
وقد طالعتنا الصحف المصرية بخبر عن افتتاح يحيى الجمل نائب رئيس الوزراء ومنير فخري عبد النور وزير السياحة أول مؤتمر للروتاري في صعيد مصر، وقد شارك فيه 1200 مشارك يمثلون 15 دولة.
ويحيى الجمل هذا علماني عتيد تهجم على الخالق سبحانه أكثر من مرة، وهو دائم السب والهجوم على التيارات الإسلامية، والشعائر الدينية. وحربه ضد الحجاب والنقاب معروفة، ولا أحد يجهل موالاته للنصارى، وصورته وهو يقبل يد شنوده أكبر دليل على ذلك.
حتى الآن لازال في الصفحة المصرية نصف مشرق، لم تدنسه أفعال الماسونية، ولازلت القوى الإسلامية في الشارع المصري تحتفظ بثقلها، لكن السؤال هنا:
هل ستقف الماسونية عند هذا الحد؟
وهل يستسلم أذنابها ويرفعوا أيديهم عن مصر؟
أم أنهم لما يتحينون الفرص، ويستثمرون الأحداث، لفرض رؤيتهم وما يريدون على الواقع المصري؟!
غير أننا نقول: إن مصر قد مرّت عليها العديد من الأفكار والأيديولوجيات، ودخلها الكثير من الغزاة والمستعمرين، فما استطاعوا محو هوية هذا الشعب، ولا استطاعوا فرض أية أيديولوجية عليه، وذلك لكثرة علمائه الذين أوقفوا حياتهم للتصدي لكل فكر وافد يريد النيل من هذا الدين، أو طمس هويته؛ وتمسك شعبه بدينه وحرصه عليه. ( عن مركز التأصيل للدراسات والبحوث؛ بتصرف).