فتنة التكفير والتفجير بين الشرع والدليل والواقع الذليل أبو إسحاق نور الدين درواش

– ..فهل يُعقل أن دينا يُحَرِّم مُجَرد ترويع المسلم وإخافته أن يجيز هذا التقتيل الفظيع الذي نشاهده صباح مساء في شرق العالم وغربه؟ َقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (‏لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ ‏ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا) رواه أبو داود و صححه الألباني.
– ..أم هل يُتَصَوَّر من شريعة تحرِّم إيذاء الحيوانات وتتوعد بالنار على ذلك، وتوجب إحسان قتلها إن كانت مما يُقْتل وإحسان ذبحها إن كانت مما يُذْبح، أن تقرّ هذه الهمجية والبربرية التي تلبّس فيها هؤلاء المفسدون في الأرض؟

لقد قضى الله سبحانه وتعالى بأن يحتكم المسلمون عند الاختلاف والتنازع في المناهج والأفكار, إلى الكتاب والسنة فقال: (فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ) النساء 59.
وإعمالاً لهذا الأصل التعبدي الأصيل وبخاصة فيما نشاهده اليوم من فتنة التكفير وما يترتب عليها من تفجير وتخريب وتدمير نجد أن نصوص الوحيين قد جَلَّت هذا الأمر وبيّنته بما لا يدع المجال لاجتهاد أو تخمين، ومن ذلك نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التسرع في تكفير المسلم بغير حق فَعَنْ ‏ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ‏ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ‏ أَنَّ رَسُولَ اللَّه ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ قَالَ َ: (أَيُّمَا رَجُلٍ قَالَ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ فَقَدْ ‏ ‏بَاءَ ‏ بِهَا أَحَدُهُمَا) البخاري ومسلم.
و قال أيضا (وَمَنْ رَمَى مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهُوَ كَقَتْلِهِ) رواه البخاري.
قال الإمام أبو العباس القرطبي: ” وباب التكفير باب خطير, أقدم عليه كثير من الناس فسقطوا, وتوقف فيه الفحول فسلموا, ولا نَعْدِل بالسلامة شيئا ” اهـ ( المُفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم).
ومن ذلك ما ورد في قتل الأنفس المعصومة من التحذير الشديد والوعيد الأكيد كقوله تعالى: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) النساء 93.
وعَنْ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ‏ ‏قَالَ: (‏مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا‏) رواه البخاري.
ولو كان للقوم آذان يسمعون بها، أو أعين يبصرون بها، أو قلوب يعقلون بها، لكفاهم قولُ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (‏‏كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَهُ إِلَّا مَنْ مَاتَ مُشْرِكًا أَوْ مُؤْمِنٌ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا ) رواه أبو داود وصححه الألباني.
ومن ذلك أيضا ما جاء في تحريم الانتحار وقتل النفس, ‏قَالَ النَّبِيُّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ) البخاري ومسلم.
إلى غير ذلك من النصوص الواضحة والأدلة المحكمة المُبَيِّنَة بلا أدنى شك ولا ريبة لفساد ما عليه دعاة التكفير والتدمير من المجانبة للصواب والتَّنَكُب لصراط ربِّ الأرباب ومخالفة السنة والكتاب وإتباع غير منهج السالفين والأصحاب، فهل يُعقل أن دينا يُحَرِِّم مُجَرد ترويع المسلم وإخافته أن يجيز هذا التقتيل الفظيع الذي نشاهده صباح مساء في شرق العالم وغربه؟ َقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (‏لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ ‏ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا) رواه أبو داود و صححه الألباني.
أم هل يُتَصَوَّر من شريعة تحرِّم إيذاء الحيوانات وتتوعد بالنار على ذلك، وتوجب إحسان قتلها إن كانت مما يُقْتل وإحسان ذبحها إن كانت مما يُذْبح، أن تقرّ هذه الهمجية والبربرية التي تلبّس فيها هؤلاء المفسدون في الأرض؟
كما وجد أعداء الإسلام من صهاينة وصليبيين, وأذنابهم من العلمانيين, بسبب هذه الأعمال الطريق مفتوحا لمهاجمة دعوة التوحيد والسنة لما زعموه فيها -كذبا وزوراً- من الدعوة إلى التكفير و التحريض على “العنف” و”الحقد” و “الكراهية” فكم من مدارس للقرآن أُغلقت, ومجالس للسنة مُنعت, وكم من مراكز لدعوة الحق أُوصدت, وكم برامج تعليمة هادفة أُوقفت أو غُيِّرت, وكم من مسلمة صالحة ألزمت بنزع حجابها, وكم من أب مستقيم أكره على ترك عمله بلا ذنب ولا جريرة.
لقد لَبِسَ المفتونون بهذا الفكر الهَدَّام لَبُوس الغيرة على هذا الدين، و السعي لعِزِّ الإسلام.
وبعض المسلمين لَبَّسَ عليهم الشيطان فحسبوا أنهم على شيء من سنة الإصلاح، وهم لعَمْر الله يفسدون بالليل والنهار، العجلة شعارهم، والحماسة دثارهم, والتهوّر لباسهم، والغلو أكبر صفاتهم, والتنطّع أوضح سماتهم, شقوا طريقهم سالكين سبيل الخوارج الأُوَّل، فبدؤوا بتكفير حكام المسلمين، ثم نزعوا أيديهم من طاعتهم معلنين الخروج عليهم، حتى وصل بهم الأمر إلى استباحة دماء الأمة، فحسبوه جهادا مستدلين على صنيعهم بشُبَه هِيَ أَوْهَى من خيوط العنكبوت, لم يستنيروا بنور القرآن والسنة، ولا استجابوا لنداء علماء الأمة، من “تحذير” و”تبصير” و”صيحة نذير”.. حتى لا تؤول الأمور إلى ما آلت إليه، من الواقع الخطير و الحاصل المرير فإلى الله المشتكى.
إن نظرة فاحصة لأحوال العالم، وما ترتب فيه عن هذه الفتن الخطيرة من الشرور المستطيرة, و بخاصة بعد تدمير شاهقتي نيويورك وما أعقب ذلك من الويلات والخطوب على أبناء المسلمين، لكفيلة بأن تُغَيِّر أفكار من لم تُجْدِ معه نصوص القران و السنة.
فَلِمَ هذه الفتن التي اشتعل أوارها في كل العالم, و أُضْرِمت نيرانها في كل أرجائه؟
وما الفائدة المرجوة منها؟
و ما المصلحة المنتظرة من ورائها؟
ثم إننا لو سلمنا جدلاً وتنزلاً أنها من الدين وشريعته لَحُرِّمت لما تُفْضي إليه من الإساءة للإسلام و أهله, والصدِّ عن سبيل الله عز وجل وإلحاق الضعف والهوان بالمسلمين.
لقد شدّ أعداء الإسلام وطأتهم على بلاد المسلمين فاحتلوا بلدين كبيرين بدعوى محاربة ما أسموه بالإرهاب, والتهديدات جارية ومستمرة لإلحاق دول أخرى, وضيّقوا على كثير من دول المسلمين وساموا أهلها سوء العذاب, أما الصهاينة فلا تسأل عن استغلالهم لهذا الواقع للرفع من مذابحهم ومجازرهم في بلاد الأقصى، بل تجاوزوا ذلك معلنين الغارة على بلد مسلم آخر فأبادوا شعبه ودمّروا عمرانه وأجهزوا على منشآته, ومن أنكر أو استنكر من المسلمين فهو من دعاة “ا ل إ ره ا ب” فقبح الله عملا هذه ثمرته ولا بارك الله في زرع هذا حصاده.
كما وجد أعداء الإسلام من صهاينة وصليبيين, وأذنابهم من العلمانيين, بسبب هذه الأعمال الطريق مفتوحا لمهاجمة دعوة التوحيد والسنة لما زعموه فيها -كذبا وزوراً- من الدعوة إلى التكفير و التحريض على “العنف” و”الحقد” و “الكراهية” فكم من مدارس للقرآن أُغلقت, ومجالس للسنة مُنعت, وكم من مراكز لدعوة الحق أُوصدت, وكم برامج تعليمة هادفة أُوقفت أو غُيِّرت, وكم من مسلمة صالحة ألزمت بنزع حجابها, وكم من أب مستقيم أكره على ترك عمله بلا ذنب ولا جريرة، فتراجعت الدعوة إلى الإسلام في العالم الإسلامي والعالم الغربي, إذ بعدما كان الناس يقبلون على هذا الدين إقبالاً عجيباً صاروا يخافون من ذلك فَسُحقاً له من منهج و بُعداً له من سبيل.
فها هو حكم التجربة الواقعية لمن لم يَكْفِهِ الدليل الشرعي, يبيّن أن المتلبسين بهذه الفتن لم يقلّلوا شراً فضلاً عن أن يزيلوه, و لم يكثروا خيراً علاوة عن أن يُثَبِّتوه، فلا هم للحق نصروا, ولا للباطل كسروا, لا للشر دحروا, ولا بالخير بَصَّرُوا, لا على الحكام صبروا, ولا على إزالة من زعموا كفره منهم قدروا. فليتقوا الله في أُمتهم و ليعلموا أنهم موقوفون بين يدي ربهم, ومسئولون عن كل قطرة دم أسالوها, و بغير حق سفكوها, و عن كل نفس رَوَّعُوها، وبالباطل شغلوها وعن كل بلاد خربوها و بالحماسة دمروها (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ) 30 آل عمران.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *