نجيب محفوظ وعودة الجدل حول رواية أولاد حارتنا

الليبراليون يوما بعد يوم أنهم الأعداء الحقيقيون للحريات، المصادرون لكل رأي يخالف قناعاتهم وآرائهم، بل ولا يكتفون بهذا، وإنما يشنعون ويكذبون على كل من خالفهم، حدث هذا مع المهندس عبد المنعم الشحات القيادي السلفي المعروف؛ والناطق الرسمي باسم الدعوة السلفية في الإسكندرية، بعد إبداء رأيه في أدب نجيب محفوظ.
حيث قال المهندس عبد المنعم ردا على سؤاله عن رأيه في أدب نجيب محفوظ: “أنه أدب يشجع على الرذيلة، أدب كله داخل أماكن المخدرات، وشرب الحشيش، وبيوت الداعرات، ورواية (أولاد حارتنا) رواية رمزية فلسفية، فيها بُعد إلحادي”، وعن سؤاله عن مصير أدب نجيب محفوظ حين يتولى الإسلاميون حكم البلاد، بين المهندس عبد المنعم أن هذا الأمر يخص مجمع البحوث الإسلامية.
وبعد هذه التصريحات، هاج الإعلام الليبرالي وثارت ثائرته، وظل يعرض في هذه التصريحات، متهما المهندس عبد المنعم بالتشدد وتكفيره لنجيب محفوظ، وهي زوبعة قصد منها التأثير على أصوات الناخبين للإعراض عن ترشيح المهندس عبد المنعم في الانتخابات النيابية التي تجرى في مصر هذه الآونة.
ورغم أن ما قاله المهندس عبد المنعم رأي -له حججه وبراهينه- وكان ينبغي أن يقابل برأي آخر بسعة صدر وحجج أكثر إقناعا، إلا أن اللبراليين سلكوا طريقا آخر وظلوا يشنعون على هذا الرأي متهمين إياه أنه يحجر عليهم ويقيد حرياتهم الإبداعية والأدبية، بل ردد بعضهم مقولة “أن الدين لا دخل له بالأدب والفن”!!
هكذا صار انتقاد نجيب محفوظ لله ورسله والدعوة إلى الانحلال حرية وإبداعا، وفي المقابل أصبح الذب عن حياض الدين ودعاوى الانحلال دكتاتورية وحجر على الحريات!!!
عجيب أمر هؤلاء الليبراليين يقبلون أن يهان الله، ولا يقبلون مجرد النقد لنجيب محفوظ!!!
يقول الباحث الشرعي الدكتور محمد علي يوسف: “قرأت أدب نجيب محفوظ بالكامل تقريبا ومنذ أعوام طويلة، والحقيقة التي يعلمها كل منصف أنه رغم الحنكة الأدبية والقدرة الرهيبة على التصوير؛ إلا أن الفكر الذي يبثه الرجل في طيات هذا الأدب هو فكر علماني قح مناهض للثوابت الإسلامية، وإسقاطاته التي تنتقص من تلك الثوابت في غاية من الوضوح…
لكن العجيب أنه ورغم وضوح الفكر المنحرف التي تبثه روايات الرجل إلا أنه هناك تصميم مريب على امتحان الناس به، وكأنه صار معيارا للثقافة المصرية؛ ونسى أو تناسى واضعو هذا الامتحان قامات أدبية وطنية عظيمة كمصطفى صادق الرافعي مثلا وغيره.
والأعجب أنه رغم أن الأديب الراحل لم يعتبر كثيرا من المقدسات في أدبه ونالها من تطاوله.. يسعى البعض إلى تقديسه هو نفسه أو تقديس أدبه؛ ويملؤون الدنيا عويلا حينما ينتقد أحدٌ هذه المنطقة المحرمة (في نظرهم).
والسؤال هنا ألا يحق للمرء في زمان يتشدق فيه بالحريات واحترام الرأي الآخر أن يكون له رأى حتى في الفكر والأدب؟
وما بالكم لو أن هذا الرأي مبني على معايير كالشمس في رابعة النهار؟
معايير العقيدة والأخلاق المستمدة من الكتاب والسنة، يا لها من ديكتاتورية خلف قناع ليبرالي!!
(مركز التأصيل للدراسات والبحوث؛ بتصرف)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *