نقلت العديد من وسائل الإعلام الوطنية والعربية في الأيام القريبة الماضية خبر اعتزام الممثل البريطاني ليام نيسون اعتناق الإسلام؛ وذلك إثر سماعه الأذان.
حيث عبر الممثل البريطاني الذي انشرح صدره لاعتناق هذا الدين العظيم أنه يفكر في اعتناق الدين الإسلامي بعد أن تأثر بصوت الأذان خلال تصويره فيلمًا في مدينة اسطنبول التركية.
وأضاف -كما نقلت ذلك صحيفة “ذا صن” البريطانية- ليام نيسون الكاثوليكي الديانة والأيرلندي الجنسية البالغ 59 سنة؛ أنه تأثر بالديانة الإسلامية خلال تصوير فيلم في إسطنبول.
وعبر بعفوية أن: “الأذان يُرفع 5 مرات في اليوم، ففي الأسبوع الأول يصيبك الأمر بالجنون، لكن بعدها يدخل روحك؛ وهو الأمر الأجمل على الإطلاق”.
وقال أيضًا: “يوجد 4 آلاف مسجد في المدينة، وبعضها مذهل، وتجعلني أفكر فعلاً في الإسلام”.
هذه هي حكاية الممثل البريطاني كما نقلتها لنا المواقع الإخبارية البريطانية؛ علما أن التأثر بصوت الأذان لا يقتصر على هذا الممثل البريطاني فحسب؛ بل تأثر به العديد من غير المسلمين حين سمعوه أثناء زياراتهم لبعض بلاد المسلمين؛ وتساءلوا عن سر هذا النداء؟ وما الغاية المرجوة منه؟ وما هو مضمون كلماته؟ ولماذا يتكرر خمس مرات في اليوم؟
كما وقع لإحدى الأمريكيات أثناء زيارتها لدولة عربية حيث سمعت الأذان فأحست -كما عبرت بنفسها- بخشوع يدخل قلبها؛ دفعها ذلك بعد تساءل وبحث إلى إعلان إسلامها؛ والقصص في ذلك كثيرة جدا.
إلا أن هذا الخبر يذكرنا كمغاربة بما سبق أن أحدثته وزيرة التضامن والأسرة المنتهية ولايتها نزهة الصقلي؛ التي طلبت خلال اجتماع وزاري من وزير الأوقاف أحمد التوفيق “البحث عن مبرر شرعي لمنع أذان صلاة الصبح لأن ذلك يقلق راحة السائحين”، كما سبق ونقلت ذلك صحيفة الأسبوع.
وهو ما خلف -حينها- استياء عارما لدى الشارع المغربي؛ الذي شجب هذا التصرف؛ وطلب من الوزيرة أن تنكب على معالجة الوضعية المزرية التي بلغتها الأسرة المغربية خلال ولايتها، وتعمل على إصلاح صورة المرأة المغربية التي بات ذكرها يقرن في العالم أجمع بالدعارة وتجارة الرقيق الأبيض.
لأنه من المفروض فيها كوزيرة للتضامن والأسرة أن تعنى بهذا الشأن؛ لا أن تتدخل في مجالات غيرها؛ وتعد علينا المكاسب السياحية التي سنجنيها من وراء منع الأذان.
فالأذان؛ الذي يرفع في كل دول المسلمين إعلام بدخول وقت الصلاة؛ ونداء للمسلمين كافة ليقيموها؛ وشعار من أهم شعائر الإسلام، فهل يعقل من مسلم أن يفرط في هذه الشعيرة العظيمة من أجل مكاسب مادية مظنونة تدرها علينا السياحة.
إن هذا التصرف اللامسؤول الذي صدر عن عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية؛ نزهة الصقلي ذات المرجعية الشيوعية؛ ما هو إلا حلقة صغير جدا جدا من حلقات الصراع بين الإسلام والعلمانية.
فقد شن العلمانيون –ولازالوا- الهجمات تلو الهجمات للنيل من هذا الدين وأحكامه وعقائده وشعائره، حيث اعتبر العلماني أحمد عصيد أن “الإسلام ليس هو الدين الوحيد الذي ينبغي أن يتبع، ولا دين مقدس حتى يستحيل تغييره ورفض شرائعه”، وأن “ما يحدث في عيد الأضحى يتعارض مع السلوك المدني والدولة العصرية”، و”إخضاع الحياة العامة لاعتبارات دينية هو من خصائص الدولة الدينية القديمة، والتي لم تعد قائمة ومن المستحيل العودة إليها..”.
فالحقيقة التي يجب أن نعلمها جميعا؛ أن الصراع الكبير الذي تشهده جميع الدول العربية دون استثناء؛ بل ينسحب أيضا على كافة الدول الإسلامية هو الصراع بين الإسلامية والعلمانية.
فهذا الصراع الخطير ليس صراعا حقوقيا أكثر مما هو صراع مرجعيات وعقائد، صراع بين من آمن بالوحي وارتضى الإسلام عقيدة وشريعة وسلوكا، وبين من آمن بالعلمانية وارتضاها عقيدة وأحكاما وسلوكا.
فرغم أن الإسلام لا يمثل بالنسبة للعلمانيين سوى موروثا ثقافيا!! ومجرد نصوص ثابتة لا تتغير؛ ولا يمكن الحكم -حسب زعمهم- على مجتمع متغير ومتجدد من خلال ما هو ثابت جامد لا يتغير، إلا أنهم -والحق يقال- يعملون بكل اجتهاد وإصرار للتمكين للعلمانية داخل كل الدول المسلمة التي ترفض مرجعيتها رفضا باتا ما تنصُّ عليه قيم العلمانية المادية اللائكية، وينحتون في الصخر، ويكابدون الصعاب، ويسعون دون عناء إلى تطبيع هذه القيم داخل مجتمعاتنا والعمل على تغيير قناعاتنا الراسخة.
صحيح أنهم يحظون بدعم كبير من جهات خارجية وأخرى داخلية؛ إلا أنهم يواجهون جماهير تَجدَّر الإسلام في أصولها، لكن وفي سبيل تحقيق هدفهم لا يتركون وسيلة مؤثرة في توجيه الرأي العام إلا واستغلوها؛ ولا طريقا تبلغهم مقصودهم إلا سلكوها، وبالمقابل يتربصون الدوائر ويقفون بالمرصاد لكل العاملين في الحقل الدعوي، وكل من يتبنى الشريعة الإسلامية مرجعا له على اختلاف أشكالهم وأطيافهم وألوانهم، ويسلكون في طريقهم هذا أسلوب النفس الطويل من أجل الوصول إلى أهدافهم.
لكن يأبى الله إلا أن يتم نوره ويمكن لدينه؛ فرغم الحملة الشرسة على الإسلام والمسلمين والنقاب والمآذن وغير ذلك؛ التي يقودها الغرب وأزلامه وأتباع ملته من العلمانيين المستلبين في كل مكان؛ إلا أن نور الله تعالى آخذ في الانتشار يوما بعد آخر.
وما على العلماء والدعاة والعاملين في خدمة دين الله تعالى إلا أن يشمروا على ساعد الجد ويستعينوا بالله ويخلصوا العمل له.
والعاقبة بالمتقين.