احذروا البدايات فإن لها نهايات عبد المغيث موحد

هكذا هي دائما البدايات، القطرة نستشرف لها الغيث، والسواقي نرجو لها النهر، والحصى سليلة الجبل، والنار الهائلة في الغابة العظيمة مهدها الأول فتيلة عابث، أو موقد نار طعام جاحد وعامد، ولذلك في مضرب المثال كثيرا ما نسمع أن أول الغيث قطرة وأن الجبال من الحصى وهلم جرا، وهكذا كانت هي البداية على ورق وأثير الإعلام العلماني الحاقد خلية إرهابية تخطط لنسف وهدم وترويع وتجويع وتقتيل وإفناء معاني الإنسانية ومباني الإنسان الآمن من كل خوف وجوع، وهكذا كان يضرب العدد في أضعافه والنوايا في تجليات لا يرضاها من أوصاه سيده في دائرة إسلامه وكمال إيمانه بسلامة كل الناس من غيبته وبطشه وخيانته بل وخائنة بصره وحاوية صدره، ويستمر هذا التأميل الخائب في سيره الكاذب فتقرأ عن سلفيين قاموا بتجريد فتاة من ملابسها ووهابيين يهددون الأمن الروحي لمواطنة الجغرافية والحدود وظلاميين يتهمون ثقافة المهرجانات وأصوليين يتوعدون الحريات العامة بمطارق الاستعباد وإسلاميين يتسببون في انتشار مظاهر التخلف والتعسف ورجعيين يريدون أن يتحكموا في محرك سرعة سيارة الركب الحضاري ليعودوا على المكتسبات الحداثية ومظاهر الحرية بالنسف والخسف وآخرين يحجبون العقل بإماتة الاجتهاد والحيلولة بين كائن من كان أن يقرأ النص على ضوء خلفيته فوق مائدة مصالحه المريضة وأهوائه الموبوءة، هذا كله وزيادة والتأميل الخائب لا يزال في سيره الكاذب يرجو بعد بعده عن بدايته قربه من نهايته يوم يتسنى للورق المسطور والأثير المنظور داخل القلعة الخضراء وأرض الإسلام وحاضنة الأوطان نقل أخبار وحقائق بلغت نصاب القبول من قبيل أن المسلمين وليس السلفيين ولا الوهابيين ولا الإسلاميين ولا الأصوليين إنما هم المسلمون باتوا اليوم يشكلون بإسلامهم الخطر المحدق والشر المطبق الذي يتهدد إنسانية الإنسان وكونية أفكار بني علمان أفكار ونظريات جاهزة متطورة قادرة على خلق مناخ التعاون والتعارف كما نص على ذلك صريح القرآن الكريم بل قادرة على خلق التآلف بين بني البشر ذلك التآلف الذي صيّره إسلام السيف إلى أثر بعد عين تلك العين التي كان منشؤها الأول وفلسفتها المسكوكة أن يقول المظلوم للظالم والمغصوب للغاصب وبلغة القوم المازوشي للسادي قول هابيل لأخيه قابيل “لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين” وعند عتبة هذه النهاية المأمولة سيكون من السهل واليسير أن يحصل للإنسان في دائرة كونية إنسانيته الافتتان بالمشيوء العلماني والميل إليه على غير بصيرة والمدافعة عن صنمية فكره بالمال والثمرة والنفس وهو افتتان إذا ما حصل في المناخ المأمول والبيئة المرجوة مناخ اللاديني وبيئة لا غيب ولا عقيدة يمكن أن يحول بين المفتون وامتياز تأمل قبحه ورصد مساويه ونخل زبالة أفكاره فلا تكاد حينها العين المجردة ولا السمع الثاقب الاهتداء إلى حقيقة كون الكثير من العيوب والمقبوحات والمقذورات هي كائنة في لب وقشرة ذلك المشيوء العلماني والمفعول الحداثي: وبين نقطة البداية وبرزخ الدعاية وأماني النهاية كان عين الورق المسطور ونفس الأثير المنظور ينقل معالم الحياة المرجوة بتجلياتها المدنية وتمثلاتها الحداثية فلا تكاد تقرأ ولا تسمع وترى إلا ما يؤثث جنبات هذه المدنية البديلة عن الحواضر الظلامية والتقاليد الرجعية من دعوات حامية إلى فتح آفاق الحريات أمام سعي الإنسان وتخليصه من ربقة الدين والمقدس وإطلاق العنان لملكاته وخصائصه الكامنة فيه من فن وأفن وعفن وعبثية وفوضى وجراءة على كل خلق ورمز طهر وعفة ومروءة وكل هذا باسم المعاصرة والتحرير والتنوير والجمالية والكمالية المفقودة في ظل غطرسة الغيبي وقيوده الاستبدادية، يتم كل هذا وزيادة في ظل هيمنة مدعومة وعمالة مأجورة تستقوي بالقوى الإقليمية المتربصة بمشروع الأمة وناموس حضارتها الراقية إستقواء يجرم المقاومة والاعتراض والمخالفة ويجعل قواعد القوم ومسلماتهم من جنس قول القائل بتصرف: قولي صواب لا يحتمل الخطأ وقول غيري ودوني وسواي خطأ يحتمل الغلط حتى لو كان هذا الغير وهذا السوى قرآن ربنا وسنة نبينا تعالى الله عما يقوله الأفاكون علوا كبيرا وكبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا وإفكا وبهتانا وزورا، ولا شك أن أصحاب هذا الفكر والإتجاه المخبول ليسوا كائنات ذهنية يقوم بها الراوي أحداث روايته التصورية بل إن هؤلاء هم هذا الصنف الذي يتحرك أناء الليل وأطراف النهار حاملا مشعل دعوته الداعية إلى استجلاب الأمن والعافية الوطنية من مجمع دهاقنة الاستعمار العالمي مستعينة به سافرا على دبابته أو مقنعا على قلم ثقافته وسلة معونته الملغومة التي ضيعت منا الكثير وأخافتنا من كل حقير، وحتى نتفادى الانسراب مع هذا الاتجاه والتماهي مع مطالبه الحائفة فنكون من الذين لا تتقلص لهم عضلة ولا يتمعر لهم وجه ولا يشكرون نعمة الانتساب ولا يؤدون صكوك الاقتراب فيستزيد القوم من أنفال المغنم مغنم القيم المهدورة وبريق الضياء الآفل المطموس، علينا ألا نكون مع الخوالف القعدة ذلك أنه لا يقبل الحق ولا ينيب لنوره إلا من طلبه وعاش حريصا على معرفته ومن تم الاستقواء بحجته وبيانه الدامغ لكل باطل الصارع لكل إفك سافل، سيما وأن إسلامنا العظيم لا زال ولم يزل عبر آلية عدالته النصية ينهى المنتسبين إليه مخافة أن تدركهم ذلة في ثوب رحمة وخشية في رطوبة كبد مع من ظلم نفسه وجار وتجنى على دينه وعلى غيره من ذوي حقوق الأخوة في الملة والدم والوطن، هكذا وامتثالا لهذه العدالة النصية يبقى على عاتق كل منتسب إلى الحق والصدق مسؤولية ألا يولي دبره فرارا من هذا الزحف النجس وأن يظل على عتبة الثبات والمرابطة وثغر الصبر والمصابرة متسلحا بالعلم والمعرفة متشربا لعقيدة سلفه حاملا لقلم التصدي ولسان التحدي المضبوط بشواكل الشرع وأن يظل هذا الرباط المقدس وهذا التصدي العزيز معلقا إلى أن يفتح الله بيننا وبين عصبة المعتدين والعاقبة بالاستشراف واليقين لن تكون إلا لمعشر المتقين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *