منذ أحداث 11 شتنبر وإلى الآن يمكن اعتبار مصطلح محاربة «الإرهاب» من أكثر المصطلحات الغربية غموضا وازدواجية في الممارسة والتطبيق، فمنذ ابتداع هذا المصطلح وحتى الآن لا يوجد تعريف واضح له -رغم مطالبة الدول العربية والإسلامية والأمم المتحدة بإيجاد هذا التعريف- وبالتالي فليس هناك أي حدود أو ضوابط أو قيود للتمييز بين الإرهاب والدفاع عن النفس أو المقاومة.
ولعل من أهم نتائج عدم وجود تعريف دولي «للإرهاب»، هو الانتقائية في توجيه الاتهامات، حيث توجه أصابع الاتهام دائما لفئة معينة من المسلمين بهذا المصطلح -هم أهل السنة- بينما يتم غض الطرف عن فئات أخرى تمارس الإرهاب بكل أشكاله وألوانه، دون أن تتهم بالإرهاب أو تصنف ضمن لوائحه الغربية السوداء.
ولم يتوقف الأمر عند الانتقائية في توجيه الاتهامات بالإرهاب، والتي لا تستند إلى أي مقياس أو ميزان -اللهم إلا ميزان القوي الذي يفرض وجهة نظره على الضعيف- بل تعداه إلى الازدواجية الفاضحة في التعامل مع ذلك المصطلح عسكريا، فبينما تحشد الحشود وتشكل التحالفات الدولية لشن الحروب ضد تنظيمات أهل السنة المتهمة بالإرهاب «القاعدة سابقا والآن تنظيم الدولة»، لا يتخذ أي إجراء عسكري مع من يمارس الإرهاب على شعبه والمسلمين منذ سنوات.
فعلى الرغم من ممارسة النظام السوري أبشع أنواع الإرهاب مع شعبه، وعلى الرغم من التدخل العسكري الرافضي السافر في هذا البلد، من خلال المليشيات الشيعية التي تشارك النظام السوري في ممارسة الإرهاب -حزب الله اللبناني والحشد الشعبي العراقي وغيرها من الأحزاب والمليشيات الشيعية- إلا أن المجتمع الدولي الغربي لم يصنف هذا النظام ومليشياته ضمن لوائح الإرهاب، بله أن يشكل تحالفا دوليا لمواجهته أو القضاء عليه.
وأمام هذه الازدواجية الغربية المقيتة في التعامل مع إرهاب دون إرهاب، ومحاربة واحد منهما دون الآخر، تخشى الدول العربية المشاركة في التحالف الدولي لمواجهة «تنظيم الدولة»، من تبعات وآثار هذه الازدواجية، وتطالب بمواجهة ومحاربة جميع أنواع الإرهاب في المنطقة، بما فيها إرهاب النظام السوري وحزب الله اللبناني.
وفي هذا الإطار دعا وزير الخارجية البحريني إلى القضاء على جميع المجموعات الإرهابية في المنطقة التي تشكل خطرا لا يقل عن خطر ما يسمى بـ«داعش» كحزب الله الإرهابي وغيرها من منظمات إرهابية بالمنطقة.
وأعلن الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة -وزير الخارجية البحريني- عن استعداد بلاده لاستضافة مؤتمر دولي لمكافحة تمويل الإرهاب يشارك فيه ممثلو الدول المتخصصين في هذا المجال.
جاء ذلك خلال كلمته في المؤتمر الدولي من أجل الأمن والسلام في العراق الذي يعقد في العاصمة الفرنسية باريس، ونشرت نصها وكالة الأنباء البحرينية.
وأشار وزير الخارجية البحرينية إلى «أهمية القضاء على جميع المجموعات الإرهابية في المنطقة التي تشكل خطرا لا يقل عن خطر ما يسمى بـ«داعش» كحزب الله الإرهابي وغيرها من منظمات إرهابية بالمنطقة».
وأكد على «ضرورة التصدي لها بكل حزم والقضاء عليها وإيجاد السبل الكفيلة بضمان عودة الأمن والاستقرار في المنطقة».
والحقيقة أن إرهاب المليشيات الرافضية -ومنها حزب الله وغيره- المنتشرة في كل مكان في المنطقة، بدءا بالبحرين من خلال ما يسمى جمعية «الوفاق» الشيعية المعارضة، والتي تقف وراء الاحتجاجات والاضطرابات التي تشهدها البحرين منذ عام 2011م وحتى الآن، وصولا إلى بعض دول الخليج، وليس انتهاء بسورية ولبنان والعراق، يعتبر بلا شك أشد خطرا من إرهاب «داعش»، بل يمكن القول إن جميع الحركات الإرهابية التي ظهرت في المنطقة، إنما انبثقت من المنظومة الإرهابية الإيرانية الرافضية وحلفائها، الأمر الذي يؤكد أن الأخيرة هي رأس الأفعى فيما يسمى «الإرهاب».
فلماذا تشكل التحالفات الدولية لمحاربة «تنظيم الدولة الإسلامية»، ولا يتخذ أي إجراء عسكري تجاه إرهاب النظام السوري والرافضي في المنطقة؟!
مركز التأصيل للدراسات والبحوث