الإسلامفوبيا وقفة مع دلالة المصطلح ذ.محمد الدر داري

إن ظاهرة الإسلامفوبيا رغم قدمها وتجدرها تاريخيا، إلا أن الاهتمام بها لم يأخذ في التنامي إلا في حدود السنوات الأخيرة، حيث احتدم حولها النقاش في مختلف الأوساط العلمية والثقافية والسياسية والإعلامية. وهكذا ظهرت مجموعة من الدراسات والأبحاث حول هذه الظاهرة وأسبابها وتداعياتها وسبل علاجها، كما عقد لأجلها الكثير من اللقاءات والمؤتمرات، كان آخرها المؤتمر الدولي الذي عقد في تركيا (مدينة اسطنبول) بإشراف من اتحاد المنظمات الإسلامية في العالم الإسلامي، ومن أجل فهم أعمق للظاهرة بمختلف أبعادها وتجلياتها، لا بد من فهم دلالتها، أقصد دلالة مصطلح “الإسلامفوبيا”.
الإسلامفوبيا: مصطلح مركب من كلمتين الأولى: “الإسلام” والثانية: “الفوبيا”.
والفوبيا مصطلح ينتمي إلى حقل العلوم النفسية أو السيكولوجية، وهو: “مرض نفسي، ويعني الخوف الشديد والمتواصل من مواقف أو نشاطات أو أجسام معينة أو أشخاص، وهذا الخوف الشديد والمتواصل يجعل المصاب عادة يعيش في ضيق وحرج، فمثلا فوبيا القلق أو الخوف اللامنطقي يكون فيه المريض مدركا تماما أن الخوف الذي يصيبه غير منطقي”.
يقول د أسعد زروق: “إنها أي “الفوبيا” تدل تحديدا على القلق العصبي، أو عصاب نفسي لا يخضع للعقل، ويساور المرء بصورة جامحة من حيث كونه رهبة في النفس شاذة عن المألوف يصعب التحكم فيها؛ ينطوي على طابع مرضي وينشأ عادة من تجارب سابقة غير سارة.. والشخص الذي يعتريه الخوف لا يفهم طبيعة هذا القلق المرضي” .
“وفي الاصطلاح العام تدل لفظة “إسلامفوبيا” على ما تم تكريسه وترسيخه وإشاعته من قلق مرضي وخوف نفسي لا شعوري لدى الغرب من الإسلام أو ما يتصل به” .
أو بعبارة أخرى هو الخوف اللاشعوري ولا مبرر الذي ينتاب الغرب أو بعض مكوناته تجاه الإسلام والريبة من كل ما ينسب إليه، وما يترتب على ذلك من الإجحاف والتمييز العنصري ضد الإسلام.
إن ظاهرة الإسلامفوبيا انبنت في الفكر الغربي على مجموعة من التصورات المشوهة، التي ألصقت بالإسلام وتاريخه ورموزه، وفي ضوئها تشكل موقف الغرب المعادي للمسلمين. وهكذا تحول الإسلام في نظرهم إلى:
ــ دين يقمع الحريات.
ــ دين يغذي العنف ويشجع الإرهاب.
ــ دين انتشر بحد السيف ولا مجال فيه للإقناع وحرية الاختيار.
ــ دين يمثل كتلة واحدة جامدة وغير قابلة للتجديد والمرونة.
ــ دين وحشي وعنصري ومتحيز ضد النساء.
ــ دين لا يعترف بالآخر ويسعى في إقصائه.
إلى آخر هذه التهم التي ترددت أصداؤها في كتبهم ووسائل إعلامهم، وأصبحت في نظر الكثير منهم حقائق ثابتة بنو عليها مواقفهم العدائية للإسلام والمسلمين.
ولعله من المفيد هنا أن أنقل كلام د.أحمد جاء الله إذ يقول: “الواقع أننا عندما ننظر اليوم إلى المجتمعات الغربية، حيث صورة الإسلام مشوهة، وهذه حقيقة ندركها جميعا فهم يعتقدون جميعا أن الإسلام دين همجي، والمسلمون قوم متخلفون، والعالم الإسلامي عالم متخلف، يعيش الفقر ويحكم بأنظمة ديكتاتورية، والصحوة الإسلامية تمثل خطرا إرهابيا على العالم، كل هذه القضايا تلخص صورة الإسلام في الذهنية الغربية” .
وانطلاقا من الرؤى والمفاهيم السابقة، يظهر لنا بجلاء مدى القناعات السلبية والتأثيرات الخطيرة التي يغرسها مفهوم أو مصطلح “الاسلامفوبيا” في نفوس الغربيين تجاه الإسلام، وما يمكن أن يعكسه هذا الخطاب الإقصائي الممنهج من مخاطر على مستوى العلاقة بين الشرق والغرب عموما، وكذا على أمن وسلامة الجالية المسلمة المقيمة في المجتمعات الأوربية والأمريكية على وجه الخصوص.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *