يقتلون القتيل ويمشون في جنازته، وفي رواية يبكون مع المعزين، هذا ما ينطبق على شرذمة بني علمان وهم يملئون أرجاء الوطن زعيقا وصراخا امتد صداه إلى العالم، كل ذلك زعموا من أجل التنديد بالاغتصاب وتزويج القاصرات بعد الذي تعرضت له المسماة على قيد الحياة “أمينة الفيلالي”، حيث تقول الرواية أنها انتحرت لأنهم زوجوها لمن اغتصبها قصرا، وفي رواية أنها سُممت من لدن الزوج الذي تزوجته برضاها، ولا زال التحقيق جاريا بشكل طبيعي، لكن ما ليس طبيعيا هو هذه الضجة التي فاقت الحد وتعدت المد وصلت إلى مطالب لا تحد، وكأن القوم كانوا يتحينون الفرصة لينقضوا على القيم والمبادئ الأخلاقية تحت ذريعة تجريم الاغتصاب وتزويج القاصرات، وهذا الأمر يثير الغرابة وأكثر من علامة استفهام؟؟ لأنه لا أحد في هذا الوطن يبيح الاغتصاب لكن ما سر ربطه بتزويج القاصرات؟! في الحقيقة هذا الذي يريدون وعليه يدندنون، أما الضحية فهي الطُعم الذي انتظروه بفارغ الصبر ليصطادوا به مكاسب مشبوهة ظلت عصية على التحقيق للممانعة المجتمعية، ممانعة لا زالت قائمة رغم التعتيم عليها وتبييض وجه هذه الجمعيات النسوانية العلمانية إعلاميا، ومن تتبع خرجات بني علمان منذ تاريخ المدونة التي سمحت بزواج من يسمونه قاصرا وهم ينددون بهذا الأمر فكيف يفوتون هذه الفرصة، إنها ذهبية؟، وعليه فقد تجاوز النقاش مسألة الاغتصاب واستقر عند تزويج القاصرات مربط الفرس عندهم.
لقد طالبوا وطالبن بتشديد العقوبة على المغتصب شفقة على المغتصبة دون المتواطئة، وإن كانت قاصرا! ولن يكون في الكون أردع لمجرم من قانون الله وحدوده المقدرة على أنواع الجنح التي يرتكبها الناس ومنها الزنا عموما، أيحسبون أنهم أشد غيرة ـ وهذا غير وارد ـ على أعراض المغتصبات دون غيرهن فالله أشد غيرة لذلك حرم الفواحش ما ظهر ومنها وبطن، الفواحش التي يدافعون عنها باسم الحريات الفردية حتى إذا أفرزت واقعا محرجا صرخوا في وجهه بانتقائية فجة، لأن الاغتصاب لن يتوقف ما دام كل ما يحيط بنا يدعوا إلى الفاحشة ويدافع عنها، وسيستمر ما دام بنو علمان جاثمين على صدور هذه الأمة يحولون بينها وبين العودة لدينها الضامن لكل استقرار وأمان في الأعراض والأموال والأرواح والأفكار….
لقد اقتنعت أنه عندما تحصل قضية وتقيم لها الصحافة والإعلام ضجيجا ومأتما وعويلا فوق المعتاد أدرك أن الأمر ليس مواكبة وإنما أمر دبر بليل، وأن من في الواجهة مجرد كراكيز تحركها أياد خفية داخلية وخارجية تهدف إلى مسخ هوية الشعب، وما قضية دور القرآن عنا ببعيدة.
وذلك أن المطالبة بإلغاء قانون تزويج المغتصب بالمغتصبة وتشديد العقوبة على المغتصب ما هي إلا فقاعة صابون تخفي تحتها مياها آسنة من المطالب النسوانية التي تمتاح من القوانين الكونية المصادمة لدين الأمة، والتي تروم تقويض دعائم المجتمع المسلم بتخريب نواته ألا وهي الأسرة.
القانون لا قيمة له ولا قوة له على المنع إذا لم تسبقه تربية على القيم والفضائل وتصاحبه حتى النهاية، ومن تم فإن من قتل الطفلة المغتصبة ليس زواجها من مغتصبها، ولكنه مجتمع تماهى مع الانحراف الخلقي الذي ترعاه المؤسسات الرسمية والجمعيات المدنية، فمن ينشر الميوعة والتفسخ ويشجع على العلاقات الغرامية الجنسية صراحة وعن طريق المسلسلات الهابطة والمهرجانات العفنة وترسيخ مبادئ الحرية الفردية المرتبطة أساسا بالتحلل من القيم المجتمعية الإسلامية، كثيرات هن الموسومات بالقاصرات يقمن علاقات زوجية كاملة مع الخلان ينقصها العقد الشرعي فقط، وستبقى علاقة مقبولة وحرية فردية عند الجماعات النسوانية العلمانية ما دامت لم تصبغ بصبغة شرعية إسلامية لحساسية القوم من كل ما هو إسلامي، هؤلاء القاصرات عن الزواج الراشدات لممارسة الفاحشة يرى منهن ما لا يرى ممن هن فوق السن القانوني واللواتي ربما كن دون وعي ورشد وقد تجازون العقدين، فلماذا يسكتون عن هذا وأعراض القاصرات والراشدات تنتهك بالجملة والتقسيط في كل مكان على شواطئ البحار وبين صخورها وعلى ضفاف الأنهار وبين أشجار الغابات وعلى كراسي المنتزهات وأمام المدارس والمنازل وبين الأزقة والدروب … إنها الحرية الفردية ما لم تكن علاقة شرعية مبنية على الحلال وإلا تدخل القانون الجائر، وعندها يبدأ التحايل وتضيع الحقوق؛ لأن الناس لن يتنازلوا عن حقوقهم الطبيعية والشرعية وستتزوج القاصرات رغما عن إرادة الجمعيات العلمانية، وعند تطبيق القانون يكون الادعاء بأنها خليلة وليست زوجة جاهزا، فيسقط العقاب ويتراجع القانون كما تراجعوا عن معاقبة من ادعى أن زوجاته الثلاث عشيقات والرابعة زوجة فخلوا سبيله!!!. ويتحول الزوج من ذئب يفترس زوجة قاصرا إلى شخص رومانسي إذا احتضنها في الحرام!!! أي منطق هذا ينم عن حقد دفين على هذا الدين والفضائل، وعلى الوطن الغالي على نفوسنا الذي لن نتركه لأياد آثمة متمولة من الأعداء ليخربوا بنيانه ويهدوا أساسه ويشربوا الأنخاب على شتاته.
أية علاقة بين مطالب الشعب وبين نساء مخمليات يعشن في بروج عالية لا تكفيهن الساعات في صالونات التجميل لكي يظهرن على القنوات منددات بزواج القاصرات في مناطق من المغرب أهلها غارقون في مشاكل تفقدهم الإنسانية لا يتذكرهم هؤلاء بشيء إلا أن يقولوا لهم لا تزوجوا بناتكم، وما العمل إذن؟!
إننا نعيش حالات غريبة من المواقف والمطالب، ففي وقت يبحث الناس فيه عن الخبز والأمن يبحث هؤلاء عن “جوا منجل”. مطالبهم لا تعدوا أن تكون من أجل حماية مكتسباتهم على حساب المستضعفين والمحرومين ومعاناتهم، فمنع زواج من هن دون الثامنة عشرة مشروع مذر للدخل عندهم ويتلقون عنه المقابل بالعملة الصعبة فكيف سيتنازلون عنه؟.
الإباحية والمجون ومن يرعاه هم من قتل الفيلالي، والكثير مثلها قتلت فيهن الكرامة والعفة والحياء فأصبحن كالخشب المسندة يعشن بلا إحساس ويأكلن كسرة خبز ملطخة بدم العرض، ألهذا الحد هُنَّا وهانت علينا كرامتنا؟؟؟.