“(أنا وأمثالي) لم نولد وحوشا، نحن أبناؤكم وأزواجكم، تربينا في بيوت محافظة، ولكن المواد الإباحية يمكنها اليوم أن تمد يديها داخل أي منزل فتخطف أطفالهم”..
هذا تصريح سفاح اختطَف وعذَّب وشوَّه وقتل قريباً من 40 امرأة، وقد اعترف في اليوم السابق لإعدامه بقوله: “أشد أنواع المواد الإباحية فتكا تلك المقترنة بعنف أو بالعنف الجنسي، لأن تزاوج هذين العاملين -كما تيقنت جيدا- تورث ما لا يمكن وصفه من التصرفات التي هي في منتهى الشناعة والبشاعة”.
وقال قبل ساعات من إعدامه: “لقد عشت الآن فترة طويلة في السجون وصاحبت رجالا كثيرين قد اعتادوا العنف مثلي، وبدون استثناء فإن كلهم كان شديد الانغماس في الصور الإباحية وشديد التأثر بتلك المواد ومدمنا لها”.
وقد صرح مجرم أمريكي آخر قام باغتصاب خمسة أولاد وقتلهم وتشويه جثتهم قبل إعدامه: “لو أن مواد الدعارة والإباحية قد مُنعت مني في صباي لم يكن شغفي بالجنس والشذوذ والإجرام ليتحقق”.
كما قال واصفا تأثير مواد الدعارة عليه: “إن أثرها علي كان شنيعاً للغاية فأنا شاذ جنسياً ومغتصب للأطفال وقاتل، وما كان كل ذلك ليتحقق لولا وجود مواد الدعارة والإباحية وتفشيها”.
فتعريف المادة الإباحية كما يرى الكُتَّاب الغربيون هي: “مصطلح يعرَّف عـادة بـ (البورنو) أو (البورنوجرافي)، وهو في أصله كلمة مشتقة من كلمة يونانية تعني: الكتابة إلى البغايا”.
ولعل التعريف الجامع هو: “كل مادة تحتوي على جنس فاضح أو ضمني، بدءاً من الصورة العادية الكاشفة للعورة، وانتهاءً بالفيلم الذي يصور العلاقة الجنسية الكاملة بين أطراف متماثلة أو متغايرة، أطفالاً كانوا أو كباراً، وتهدف أساساً إلى إثارة الشهوة الجنسية عند القارئ أو المستمع أو المشاهد، أياً كانت الوسيلة التي تُعرَض بها”.
وقد تعرضت عدة دراسات غربية لتأثير هذه المواد الإباحية على الفرد والمجتمع، ومن الأسئلة التي طُرحت في إحداها:
“ما هي الخصائص الشخصية للشباب الذين يشاهدون الأفلام الإباحية؟
فكانت النتيجة أن من بين الخصائص الشخصية للذين تعرضوا لهذه المواد الإباحية: (الكحول، والتبغ، والمخدرات، والمزاج الاكتئابي وحالات الانتحار، والهروب من الواقع).
هل هناك مخاطر معينة تتعلق حقيقة بمشاهدة الأفلام الإباحية؟
فكانت النتيجة: بالنسبة للفتيات المخاطر الحقيقية هي: (زيادة كبيرة في محاولات الانتحار، والتدخين اليومي، والعنف، والكحول، والحشيش).
وبالنسبة للأولاد: السكر في كثير من الأحيان، وتعاطي الحشيش بانتظام، والسلوك العنيف، والتغيب كثيرا عن الدراسة”.. (نشرة وكالة الفضاء الكندية رقم 178).
كما قامت الاستخبارات الأمريكية (FBI) بمقابلة واستجواب 24 مجرما في السجون، كلهم قد اغتصب وقتل عددا كبيرا من البالغين أو الأطفال فوجدوا أن 81% منهم كان يعرض نفسه بكثرة للمواد الإباحية ثم يقوم بتطبيق ما شاهد على الآخرين بطرق شنيعة وفظيعة تفوق الوصف.
وقد توصل عدد كبير من الباحثين إلى أن تأثير الإدمان على مشاهدة المواد الإباحية على الدماغ مثل الكوكايين، فما بالك إذا أضيف إلى هذا الإدمان قطعة حشيش، أو كأس خمر، أو حبة “قرقوبي”، فستكون النتائج مضاعفة وخيمة وكارثية، ولعل ما تتناقله وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة خير دليل على هذه النتائج.
فإن تواجد المواد الإباحية في متناول عموم الناس عبر القنوات الفضائية والأقراص التي تباع في السوق السوداء، والشابِكة (الانترنت)، وكذا المجالات، ومؤخرات بعض الجرائد، حتى إن إحداها ترجمة كلمة hot الإنجليزية ذات الحمولة الجنسية واتخذتها عنوانا لإحدى صفحاتها الإباحية المعنونة بـ(الساخنة)، من غير حجب أو تصفية أو مراقبة أو امتثال لقانون، وهو ما يشكل إغراء شديدا يصعب على الأفراد مقاومته خاصة مع غياب الوازع الديني الذي يمنعهم من الانغماس في هذه الموبقات، “فما دام الذنب مستوراً، فمصيبته على صاحبه خاصة، فإذا ظهر ولم ينكر، كان ضرره عاماً، فكيف إذا كان في ظهوره تحريك غيره إليه”. الفتاوى 28/215
فإن على الساهرين على حماية الأمن الأخلاقي والمسؤولين الذين يحملون على عاتقهم تدبير الملف الأمني الذي يزداد تدهورا يوما بعد يوم، ألا يغفلوا أو يتغافلوا المسببات الحقيقية للجريمة، وأن يستفيدوا من تجربة الغرب الذي وصل إلى قناعة مفادها أن: المواد الإباحية=الجريمة، أن المواد الإباحية=الاغتصاب، أن المواد الإباحية=الانتحار، أن المواد الإباحية=الإدمان، أن المواد الإباحية=زنا المحارم، أن المواد الإباحية=الخيانة الزوجية، أن المواد الإباحية=الهدر المدرسي، أن المواد الإباحية=…الخ
وأن يقوموا قدر استطاعتهم وفي حدود صلاحياتهم بحجب وحضر ومصادرة كل المنتجات والجرائد والمجلات والأقراص الخليعة، ومنع كل ما يعتبر مواد إباحية حتى يعينوا الفرد على نفسه، وعلى مقاومة إغراءات شياطين الإنس والجن.