لماذا اخترنا الملف؟
في سنة 1973 أعلن الخبير في الدراسات المستقبيلة الدكتور المهدي المنجرة أن أكبر قنبلة تنتظر العالم الإسلامي هي قنبلة ثقافية حضارية، وأن حروب المستقبل ستكون حضارية فقط، وأن الغرب سيسعى إلى فرض نموذجه على كل الدول الأخرى، ومنه فعلى كافة الشعوب أن تدافع عن نفسها وقيمها أمام هذه العولمة الحضارية.
وهي النظرية نفسها التي توصل إليها بعد 20 سنة (1993) مدير الدراسات المستقبلية بجامعة هارفورد صمويل هنتجتون، ونشر بحثه الشهير الذي يقع في 49 صفحة (تطاحن الحضارات:The clash of civilizations) بمجلة فورين أفيرز Foreign Affairs .
وها نحن اليوم نقف على مصداقية دراسة الراحل المهدي المنجرة رحمه الله بعد أن تبنت رسميا الجمعية العامة للأمم المتحدة عقب الفترة الممتدة بين 25 و27 شتنبر أجندة التنمية المستدامة 2030.
وهي أجندة تتضمن 17 هدفا و169 غاية منها ما هو نافع كمحاربة الفقر ومعالجة المناخ..؛ ومنها ما هو ضار كالمساواة المطلقة بين الجنسين والعلاقات الجنسية خارج إطار الزواج وحقوق المثليين في الزواج والمعاشرة..
وقد جرت العادة في أجندات ومواثيق سابقة للأمم المتحدة وغيرها أن النافع لا يتحقق منه شيء؛ لأنه يمس بمصالح شركات ودول كبرى متسلطة، أم الضار والمخرب للمجتمعات والبشرية فيتم فرضه قسرا على الدول الضعيفة.
غير أن الجديد في أجندة التنمية المستدامة 2030 أنه رصد لتزيلها ميزانية ضخمة تقدر بما بين 3500 إلى 5000 مليار دولار سنوياً، واتفق أعضاء الجمعية العمومية أن هذه الوثيقة يجب أن يتم تطبيقها بصورة كاملة في فترة أقصاها 15 عاما، أي بالوصول إلى متم سنة 2030.
وفي كلمة لبان كي مون خلال افتتاح قمة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة قال: «جدول أعمال 2030 يحتم علينا النظر إلى أبعد من الحدود الوطنية والمصالح قصيرة الأمد، والعمل معا في تضامن على الأمد الطويل»، وشدد أنه «لم يعد بإمكاننا التفكير والعمل في عزلة».
كما هو معلوم فهيئة الأمم المتحدة تتحكم فيها الدول القوية والمتسلطة؛ وعبرها تسعى إلى عولمة نموذجها الحضاري والثقافي، والغرب يدرك جيدا أن انتصاره في هذه الحرب سيمكنه من تطويع المارد الأخضر والقضاء على حضارته ومقاومته وتميزه بأقل تكلفة.
وقد خصصت مجلة البيان التي تصدر عن المنتدى الإسلامي ملف عددها السابق لما يمثله برنامج التنمية المستدامة من خطر على المجتمعات المسلمة وبنيتها العقدية والاجتماعية والثقافية، ودقت ناقوس الخطر بأن الأمم المتحدة تجر العلام نحو الهاوية، ونحن بدورنا في هذا العدد نسهم في نشر الوعي بالتحذير من خطورة ما يتضمنه هذا البرنامج المشبع بحمولة فكرية غربية إلحادية، ونعيد في هذا الملف نشر بعض المقالات التي وردت في ملف البيان مع إضافات أخرى.