في اليوم الذي شهدت فيه منطقة الحولة بريف حمص مجزرة تخزي الإنسانية جمعاء؛ دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان غي مون إلى منع السلاح عن طرفي الأزمة في سوريا!
كما جاءت دعوته المفضوحة هذه في اليوم التالي لتقرير لجنة تحقيق أممية تابعة لمنظمته رصدت عناوين رهيبة لفظائع النظام السوري في حق شعبه وهو تقرير تزامن دون قصد مع التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية عن عام2011م وقد تضمن ما تشيب لهوله الولدان.
فالتائه يعترف مرة تلو مرة بأن النظام يقترف جرائم إبادة جماعية ويعرف أن المسيطِرين على منظمته متواطئون مع النظام؛ ولذلك يمتنعون حتى عن توقيع عقوبات دولية على جزار الشام، فإذا رفض ما يسمى (المجتمع الدولي) القيام بحماية شعب يتعرض للقتل الممنهج، فهل يكمل جريمته بمنع السلاح عن الضحايا للحيلولة بينهم وبين حقهم المشروع في الدفاع عن أنفسهم على الأقل بحسب نصوص ميثاق المنظمة الفاشلة الظالمة: الأمم المتحدة؟
أم أن الأمين العام للأمم المتحدة يريد تكرار جريمة منظمته سيئة الصيت في حق 8000 من المدنيين المسلمين العزل في سربرنيتشا البوسنية في عام1995م عندما تواطأ أصحاب القبعات الزرق مع المجرمين الصرب لذبح النساء والشيوخ والأطفال بعد خداع الكتيبة الهولندية لهم ثم تسليمهم لسكاكين الوحوش الصربية المسعورة والمتعطشة للدماء؟
وكيف نفسر اضطرابات غي مون الأقرب إلى الهلوسة؛ فها هو يعود إلى الحديث عن منظمات إرهابية محترفة تعمل في سوريا بعد حديث سابق حدد فيه تنظيم القاعدة بالاسم ثم نفى الأمر وتراجع عن تخريفاته؟
وأين مراقبو المنظمة الدولية عن الإدلاء ولو بشهادة أولية موضوعية وليس على طريقة شهادتهم المزيفة في خان شيخون حيث هاجمتهم عصابات بشار وهم بين المتظاهرين السلميين فاضطر المحتجون إلى حماية المراقبين الذين تزعم منظمة غي مون أنهم أتوا لوقف حمامات الدم في الشام؟
وهل تعاطى مون مخدرات أو مسكرات قبل حديثه حتى اختلطت عليه بديهيات الحقيقة؟
وإلا فما من عاقل غير مخمور يمكنه المساواة بين جيش مدجج وجيش منشق عنه لا يملك سوى بنادق فردية وليس لها ذخيرة كافية؟
أليس عجباً أن يقف المراقبون متفرجين على جرائم النظام بل شركاء فيها، فهم ذهبوا إلى منطقة الحولة ورأوا بأعينهم آثار المجزرة الهمجية، ثم أخذوا يتكلمون بلغة باهتة ومنافقة لا تعرف الحق من الباطل، فالمطلوب عندهم أن يمتنع الطرفان عن العنف!!
فهل يعي ضحايا مجزرة الحولة أن الجنرال النرويجي روبرت مود يطالبهم بالكف عن العنف مثلما يطالب قاتليهم الوحوش!!
إنها صورة تدمي القلب لما فيها من استرخاص للدم السوري الطاهر واستغباء للبشرية جمعاء. علماً بأن الجنرال المراوغ اعترف بأن الحولة تعرضت لقصف بالمدافع والدبابات ليلة المذبحة، وهو يعلم علم اليقين أن هذه الأسلحة يحتكرها النظام، الذي تعهد بموجب خطة عنان بسحب أسلحته الثقيلة هذه من المدن والقرى لكنه لم يفعل فكافأه عنان وسادته في مجلس الظلم الدولي بالصمت والتجاهل!!
ثم هل يحترم كوفي عنان نفسه وهو يقرر زيارة دمشق في اليوم المقرر لعرض تقريره على مجلس الأمن؟
أليست هذه مهلة جديدة لنظام القتل السوري لكي يواصل مهمته القذرة المستحيلة: تركيع الشعب السوري وقهر إرادته الصلبة وإعادته إلى بيت الطاعة الصفوي؟
لكن كل ما سلف هو نصف الحقيقة الأقل مرارةً، فالغرب الصليبي مشغول بحماية بشار وعصاباته من السقوط لأنه يتولى حماية العدو الصهيوني حماية لا مثيل لها حتى لدى البلدان المرتبطة باتفاقات “سلام” مع الكيان اليهودي، والغرب مهتم ببقاء التغلغل المجوسي وتسليحه بأسلحة نووية لأنه حليف أثبت “صدقه ووفاءه” لليهود والصليبيين فعدوه الوحيد هم أهل السنة والجماعة.
كل ذلك مفهوم ومعلوم، لكن غير المفهوم هو صمت العرب والمسلمين الذين أتاحت لهم شجاعة الشعب السوري فرصة ذهبية لن تتكرر، بتحطيم الفقرة الأكثر أهمية في العمود الفقري لتحالف الأقليات ضدهم. فهل ينبع هذا الصمت من جهل أم خوف؟
فما أصدق قول الشاعر في مثل هذه الحال:
إن كنتَ لا تدري فتلك مصيبةٌ أو كنتَ تدري فالمصيبة أعظمُ