رغم قلة المادة العلمية كان واجبا علينا الاعتناء بهذه الترجمة وإخراجها للوجود، ليعلم الجميع دور المرأة في عهد المصطفى صلى الله عليه وسلم، والأعمال الجليلة التي قدمتها لدينها، بنفسها ومالها، في مجلات عدة ومن ذلك مجال الطب.
لقد برع في صناعة الطب عدد من النساء حفظ لنا التاريخ بعضهن ووجد في عصر النبوة طبيبات مسلمات، فقد كانت عائشة رضي الله عنها على علم بالطب، كما روى لنا عروة أنه كان يقول لعائشة يا أمتاه لا أعجب من فقهك، أقول: (زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم وابنة أبي بكر ولا أعجب من علمك بالشعر وأيام الناس، أقول: ابنة أبى بكر وكان من أعلم الناس، ولكن أعجب من علمك بالطب، قالت: أي عرية إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسقم عند آخر عمره، فكانت تقدم عليه وفود العرب من كل وجه فتنعت له الأنعات، فكنت أعالجه.
وقد أحببت أن أشارك بترجمة امرأة بألف رجل، امرأة حازت قصب السبق في الطب في الإسلام بالنسبة إلى النساء.
ومن خلال هذه الترجمة سيظهر جليا أن الإسلام لم يمنع المرأة من العمل، لكن عليها أن تختار العمل المناسب واللائق لها بعيداً عن الاختلاط والسفور، وبشرط ألاّ يؤثر عملها على وظيفتها الأساسية، وهي تربية الأطفال وصناعة الأبطال.
هناك نماذج وردت في السنة النبوية حول عمل المرأة، ومنها رفيدة الأسلمية التي راقبت الأسواق بتكليف من عمر بين الخطاب رضي الله عنه، إضافة إلى مشاركة فعلية للصحابيات في المعارك ،
من هي رفيدة؟
رفيدة الأسلمية وقيل الأنصارية ، امرأة من أسلم أول ممرضة في عهد الإسلام، كانت تمرض المصابين والجرحى في الحروب التي كان المسلمون طرفاً فيها.
كان لرفيدة خيمة في المسجد لمداواة الجرحى، ولما أصيب سعد بن معاذ بسهم أطلقه أبو أسامة الجشمي حليف بني مخزوم في معركة الخندق قال النبي صلى الله عليه وسلم: اجعلوه في خيمة رفيدة التي في المسجد حتى أعوده .
وتقديراً من النبي صلى الله عليه وسلم لجهودها في غزوة خيبر في مداواة الجرحى وخدمة المسلمين فقد أسهم لها بسهم رجل مقاتل.
وتعتبر رُفيدَةَ الأسلمية: أشهر طبيبة زمانها كما أن أول مستشفى إسلامي حربي كان ذاك الذي أنشأه المسلمون في غزوة الأحزاب، فقد ضرب الرسول صلوات الله وسلامه عليه خيمة في مسجده الشريف في المدينة، عندما دارت رحى غزوة الأحزاب، فأمر صلى الله عليه وسلم أن تكون رُفَيْدَة الأسلمية الأنصارية رئيسة ذلك المستشفى النبوي الحربي، وبذلك أصبحت أوّل ممرضة عسكرية في الإسلام .
جاء في السيرة النبوية لابن هشام وكان -صلى الله عليه وسلم- قد جعل سعد بن معاذ في خيمة لامرأة من أسلم، يقال لها رُفيدة، في مسجده، كانت تداوي الجرحى، وتحتسب بنفسها على خدمة من به ضيعة من المسلمين، وكان -صلى الله عليه وسلم- قد قال لقومه حين أصابه السهم بالخندق: (اجعلوه في خيمة رفيدة حتى أعوده من قريب..) .
ولم تمتهن رفيدة وحدها هذه المهنة بل كان هناك طبيبات أخريات، ومن الطبيبات أيضًا الربيع بنت معوذ الأنصارية الصحابية، كانت تداوي الجرحى، وكذلك أم سنان وغيرهن كثيرات ، واستمر إسهام الطبيبات المسلمات عبر عصور الحضارة الإسلامية إلى يوم الناس هذا.