حفنة من الشاذين عن الدين والأخلاق والقانون والدستور والجغرافية والتاريخ والواقع والسياق العام والسواد الأعظم من الشعب، تصنع الحدث في المكان والزمان الذي تريد، بغطاء أمني وإعلامي، وتمويل داخلي وخارجي، تصول وتجول مكفولة الحريات والحقوق، تجس النبض في كل خرجة، وترفع السقف في كل مرة، حتى بلغت بها الوقاحة والدناءة حد المطالبة بحرية التصرف في الجسد، ورفع القيود والحدود عن الحق في التمتع بهذا الجسد جنسيا بالطريقة التي يرغب بها صاحبه، ودعت صراحة إلى حرية ممارسة الجنس بين العشاق والخلان، بين الإناث فيما بينهن وكذا الذكران؟!!
خديجة الرياضي
اعتبرت خديجة الرياضي، أن العديد من الحريات الفردية أضحت بمثابة مطالب رئيسة لدى قطاع معتبر من الشباب خاصة؛ ومن ضمنها الحرية الجنسية، وحرية التصرف في الجسد، وحرية العقيدة، وحرية الإجهاض.
عبد الصمد الديالمي
ومن جهته شدد عالم الاجتماع العلماني عبد الصمد الديالمي على أنه لا ينبغي اعتبار ممارسة الجنس بين رجل وامرأة راشديْن بالتراضي والتوافق بينهما جريمة فساد، لأن ذلك من صميم حرياتهما الفردية التي يجب أن يكفلها القانون، مادام أن الواقع المعاش يفرض وجود العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج.
عبد الحميد أمين
أما عبد الحميد أمين، نائب رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فقد قال: إن الشباب المغربي يمارسون علاقاتهم الجنسية خارج إطار مؤسسة الزواج، مضيفا في تصريحات لهسبريس بأن “الجدل الدائر حول الحريات الجنسية هو نوع من النفاق، باعتبار أن المجتمع يسير في واد والقانون في واد آخر”.
واعتبر عبد الحميد أمين أن الجمعية طالبت على الدوام بملاءمة القوانين المحلية مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، ومنها الفصل 490.
أحمد عصيد
ومن جهته قال الناشط الحقوقي العلماني أحمد عصيد أن المعيار الوحيد للحد من أية حرية هو مسها لحرية الآخرين، وليس أشياء أخرى من قبيل الخصوصية المغربية، فعندما تتم علاقة جنسية في نظره بين طرفين راشدين بالغين وبرضاهما فهي تندرج في إطار حريتهما ولا يوجد ما يستوجب معاقبتهما.
وتابع المتحدث بأن ممارسة الجنس قبل الزواج كانت في جميع المجتمعات، بل حتى في مجتمع الخلفاء الراشدين، والمطلوب حاليا -في نظره- هو أن تصير قوانيننا مطابقة لمجتمعنا وليس للنفاق، أو ما يقال عنه إسلامية الدولة في الدستور، والتي لا تعني تطبيق الشريعة الإسلامية التي لا يعرفها المغرب سوى في جوانب قليلة من الأحوال الشخصية.
وفي جواب له على مناصرة الأكثرية في البلاد لمثل تلك القوانين، قال عصيد إن هذه الأكثرية تربت على ثقافة النفاق، بحيث تمارس الجنس قبل الزواج لكنها لا تستطيع التصريح به، لافتا إلى أن سبب هذا النفاق يكمن في السياسات العمومية التي نهجتها الدولة منذ عقود لتجهيل المواطن المغربي وتكريس تخلفه، حتى صار ضد جميع حقوق الإنسان بما في ذلك حقوق الطفل”، وفق تعبير المتحدث.
المختار لغزيوي
ولو أنه لا يستحق الذكر فقد ذهب إلى أبعد من ذلك، حين أجاب على سؤال مذيعة في قناة تلفزية حول ما إذا كان سيسمح بهذه الحرية لأخته، فأجاب أنه يسمح بها حتى لأمه وابنته إن رغبتا بذلك!
ربما لأنه لا يستحق الذكر أراد لفت الأنظار إليه ولو على حساب عرض وكرامة أقرب الناس إليه، وكان سبق لهذا الشخص أن تحدث في أحد شخبطاته بلغة عامية سوقية وقحة عن “البرتوش” وأشاد بكثرة البيوت التي يخصصها العزاب للمارسة ما أسماه حميميتهم أو جريمة الحب كما ينظر لها المجتمع المتخلف والمنافق حسب تعبير هذا الكائن غير الحي.
هذه أمثلة على جلد الفاجر وجرأته ووقاحته وإقدامه وتحديه لشعب بكامله، حيث نراه ينبري للدفاع عن أفعاله رغم قبحها، وتوجهه رغم دناءته، عن قيم موغلة في الفساد والإفساد، موغلة في الظلامية والتخلف والرجعية والبهيمية، قديمة قدم الإنسان البدائي، تحييها أوجه جديدة بعد موات، وترمم ما تفتت من أعظمها الرفات، وتدعي أنها جديدة وحديثة وتعبير عن مطالب حثيثة.
بالمقابل نرى عجزا وإحجاما وخجلا وترددا، ممن يفترض أنهم حصن الدفاع عن هوية ومقومات ودين وأخلاق البلد، وبالمثال يتضح المقال كما يقال، حيث تميزت الردود بضعفها الشديد كما وكيفا، فاقتصر الرد على خمسة أصوات محسوبة على الحركة الإسلامية وصوت يمثل المؤسسة الرسمية.
فعدا رد كل من الدكتور أحمد الريسوني والأستاذ أبو حفص اللذان تميزا بجرأة وخطاب شرعي واضح، فإننا يمكن أن نميز في الردود الأخرى بين خطاب سياسي أو جنوح إلى التكلف والفلسفة أو انتقاء العبارات والمفردات خوفا من تهمة التصنيف والإقصاء واللاتسامح.
المقرئ الإدريسي أبو زيد
كما قال المقرئ الإدريسي أبو زيد، المفكر الإسلامي والقيادي في حزب العدالة والتنمية، إن الدعوة إلى الحرية الجنسية والمطالبة بعدم تجريم العلاقة الجنسية بين رجل وامرأة خارج العلاقة الزوجية، ليست إبداعا ولا استنباطا من الواقع المغربي، بقدر ما هي تقليد حرفي ممسوخ للعقلية والقيم الغربية.
ووصف أبو زيد الدعوات إلى ضمان الحرية الجنسية في المجتمع باعتبارها حريات فردية، بكونها عبارة عن استنساخ للقيم الغربية في جانبها المُفلس والمظلم، لافتا إلى أن من ينادون بهذه المطالب إنما يدعون إلى طريق لا يمكن التحكم فيه ولا كبح جماحه.
الدكتور مصطفى بنحمزة
أما الدكتور مصطفى بنحمزة، رئيس المجلس العلمي المحلي لمدينة وجدة، ففي أول رد فعل شخصي من أحد أعضاء المؤسسة العلمية الرسمية بالمغرب، وصف دعوات حقوقيين مغاربة بضمان الحرية الجنسية في البلاد، بكونها نوع من “الطيش والتطرف الذي لا يقبله المجتمع”، فهي مطالب -يتابع بنحمزة- مرفوضة شرعا وعقلا ومنطقا ولا سند واقعي ترتكز عليه”.
وقال إن الدعوة إلى الحرية الجنسية خارج إطار الزواج هو “رِدَّةٌ إلى الوراء”، باعتبار أن مشاعة الجنس مرت بها البشرية في تاريخها، لكنها وجدت فيها العديد من المشكلات والمعضلات، فاهتدت في الأخير إلى القبول بنظام الأسرة.
وتساءل عضو المجلس العلمي الأعلى عن القيمة المُضافة التي يمكن أن يقدمها تطبيق الحرية الجنسية إلى البلاد والعباد، مبرزا أن هذه الحرية محفوفة بالمخاطر الكثيرة التي لا يمكن توقع مآلاتها وتداعياتها، ومنها تفشي الأمراض الجنسية التي قد تصيب المرأة خاصة لإباحتها الجسد لمن هب ودب، وأيضا تنامي ظاهرة الأطفال المشردين.
الدكتور أحمد الريسوني
من جهته قال أحمد الريسوني، عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، إن الحرية الجنسية التي تنادي بها تلك الأقلية تعني في المجتمع المسلم الإباحية وإشاعة الفاحشة وثقافة السفاح وإباحة الزنا، وتعني أيضا إباحة زنا المحارم والشذوذ.
واعتبر أن من يقومون بتلك الأعمال ويطلقون تلك الدعوات إنما يستهدفون الدين الإسلامي والمجتمع والأخلاق و”هم أقلية لا تتعدى العشرات أمام مجتمع بملايينه متمسك بدينه وقيمه” ودعواتهم في تضاد مع الفطرة البشرية ومع قيم المغاربة كما أنها ممقوتة ومستهجنة.
واستغرب الدكتور الريسوني كون المجتمع المغربي أصبح مرتعا لاستنبات والدفاع عن كل ما هو شاذ وبذيء وقذر، وخلص الريسوني إلى أن المجتمع المغربي في حاجة إلى المزيد من التحصين الثقافي والخلقي والاجتماعي لكون معاول الهدم والفساد تخترق هنا وهناك.
محمد رفيقي
من جهته قال الشيخ أبو حفص محمد عبد الوهاب رفيقي، إن الدعوة إلى الحرية الجنسية وشرعنة الزنا دعوة خطيرة، وتطرف في الطرح، وتنكر لتاريخ هذه الأمة وقيمها وثوابتها ومُسلَّماتها، وهدم لأهم أركان المجتمع.
وشدد على أن الدعوة إلى هذه الحرية المزعومة “ليست تمردا على التقاليد والأعراف، بل هي تمرد على الإسلام، دين الدولة ودين أهلها عشرات القرون”.
وخلص إلى أن المجتمع المغربي له قيمه العليا التي يعتز بها ويحفظها ولا يريد الخروج عليها، وله مرجعيته التي تحكم حياته وتحدد اختياراته وتضبط نمط عيشه، مشددا على أن هذا واقع شاء أولئك أم أبوا، وإنْ خالفت بعض السلوكيات هذه القيم، فليس من باب النفاق كما يزعمون، وإنما للضعف أمام المغريات والشهوات.
مولاي عمر بن حماد
مولاي عمر بن حماد، النائب الأول لرئيس حركة التوحيد والإصلاح اعتبر أن هذه الدعوات شاذة وشاردة ضخمت من طرف الإعلام في وقت كان حقها الإهمال والإغفال، وأن هذه الدعوات تصادم إجماع المغاربة الذين عبروا عنه من خلال دستور 2011.
كما وصف امحمد الهلالي نائب رئيس حركة التوحيد والإصلاح، الداعين إلى إلغاء الفصل 490 من القانون الجنائي الذي ينص على معاقبة جريمة الفساد وإقامة علاقة جنسية بين رجل وامرأة لا تربط بينهما علاقة الزوجية، بفلول الفساد والاستبداد.
وكما أسلفت فقد اتسمت ردود أفعال المنتسبين إلى الحركة الإسلامية؛ باستثناء القليل منهم؛ بالاحتياط والبعد عن التحليل الشرعي للموضوع، والتحدث بلغة العقل والمنطق مع دعوات خارج العقل والمنطق والإجماع.
مواقف عبرت بالنسبة للعديد من المتتبعين عن ضعف المؤمن وعجز الثقة الذي تحدثنا عنه، عجز يترجمه الكثير من أهل الصلاح والثقة حين يتولون مناصب أو مراكز قرار أو تناط بهم مسؤوليات، ففي الوقت الذي يرجى منهم خدمة عقيدتهم ومجتمعاتهم، يكونون أقرب إلى التردد في اتخاذ القرارات الحاسمة منهم إلى القيادة القوية.