حقيقة الزاحف على مدرج المجد الزائف عبد المغيث موحد

لكي تصير أديبا متوجا؛ وكاتبا ومفكرا عبقريا؛ ومسؤولا صحافيا ومدير تحرير مرموقا؛ وعالم اجتماع مشهورا؛ وصاحب عمود مدخون يوزن السطر فيه بمثقال الكبريت الأحمر؛ ما عليك إلا أن تشهر سيف الكلمة وأن تجرد القلم من غمد الحقد والكمد مهاجما الإسلام وأهل الاسلام ونظريات الإسلام في السياسة والاقتصاد والاجتماع والفقه والعقيدة..
وإن أنت رمت النجومية وزيادة فما عليك إلا أن تسلط تلك الكلمة وذلك القلم على السلفية والسلفيين؛ وعلى الوهابية والوهابيين؛ والظلامية والظلاميين؛ وعلى التطرف والمتطرفين؛ وعلى التهريب الديني وعلى المهربين، ثم بين هذا وذلك لا تنسى أن تعرج عن نبز الحجاب والنقاب؛ وسنة حف الشارب وإعفاء اللحية؛ وعن الإسبال وما فوق الكعبين؛ وعن البكرة والختان؛ وعن ذم الاختلاط؛ بل وعن كل شيء فيه رائحة إسلام أو ذوق إيمان..
وبعد هذا وذلك لا تنسى وأنت في غمرة هذا التعاطي المحموم أن تستشرف اللعب بورقة نعرات الجاهلية نعرات الأقليات والقوميات التي شاركناها وشاركتنا الأرض وماءها؛ والأعراض ونسلها؛ والتجارة ودخلها، فاتحا أمام أجيالها المسلمة المنيبة باب التخويف من العروبة وحكم الإسلام، ناصحا مخلصا حائلا بين صمودها وصمود هويتها؛ وبين ذوبانها في حوجلة التعريب والأسلمة وذهاب ريحها أثرا بعد عين.
وحتى لا ينكشف التلبيس ويسفر الصبح عن الغبن والتدليس؛ لا تنسى وأنت تتأبط كراسة مشروعك هذا وتحمل قلمك ذلك وتنبس ببنت شفتك تلك؛ لا تنسى أن تحشر أنفك وحواسك لتشارك أهل الهيكلة والترقيع الديني المدافعة بقوة وعزم وإصرار عن قضية الانتساب بفخر ورجاحة فكر إلى ثلاثية التوفيق؛ ثلاثية مالك والأشعري والسالك.
لا تنسى مدافعة التهريب الديني الذي بات يهدد الأمن الروحي للمغاربة والانتصار لوسطية الإسلام واعتدال مبادئه السمحة التي عنوانها: الركون إلى السلبية في أبشع صورها؛ والانعزال المفرط عن قضايا الأمة؛ وانشغالات الناس الحياتية والحيوية؛ وحصر خبر السماء في شعائر الصلاة والصوم والطواف بالبيت العتيق؛ مع إمكانية إن أتيحت الفرصة وسنحت الخطة في الاستعاضة عن مكرهة هذا الكل بمنامات شيخ مربي سالك وأوراد يأخذها القلب عن الرب بغير واسطة رسول وصحابة وتابعين، ومشقة متن رواية وسند دراية، أو رحلة إلى دفين يبلغك مطلوب القرب ومرغوب الحب بكل يقين.
ولا تنسى أن تحرك عجلة مشروع خلق حوار بنّاء وفعّال بين الأديان فلربما جئت بما لم تستطعه الأوائل، فيكون لك السبق وأنت المفكر والأديب والعبقري في تذليل الفرق وتذويب البون بين قول القائل: “ثالث ثلاثة”، وقول القائل: {قل هو الله أحد}، لربما تيسر بعد هذا التذليل والتذويب إزالة الدين كمعطى تمييزي إقصائي في هذا الباب بالخصوص؛ والانتصار إلى المبادئ الكونية والقواعد الإنسانية التي يدور في فلكها بتمازج رفيع وتحرر نجيع مفهوم الأخوة الإنساني المتسامي عن غطرسة المعتقد الديني وخاصة الإسلامي.
تلك إذا بابتسار واختصار واختزال لعبة تسلق شجرة التوت؛ واعتلاء ربوة المجد؛ ووضع القدم على مدرج الشهرة والمال والنجومية، وقد لا يهم ولا يعني شيئا مع سلك هذا الفج القصير والطريق السيار السريع وجود المؤهلات الفكرية والمعرفية من عدمها، إذ تستطيع وأنت تهرول في هذا المسعى أن تكون أميّا لا تجيد قراءة ولا كتابة.
وقد تكون ممن أخذوا القواعد الأولى في رسم الحروف والتهجي بعي في جمعها وضبطها وذكرها.
وقد تكون من رواد التأسيس والتقنين والانتصار إلى اللغة المغربية الدارجة على حساب اللغة العربية الفصحى التي بات لا يجيدها إلا المتعصبون لعروبتهم المشرقية التي تجاوزها قطار الحداثة وركب القطرية والوطنية.
وقد تكون وأنت المغمور النكرة حتى الأمس القريب فتصبح صاحب القلم السيّال والفكر الكيّال؛ فتنال الشهرة التي ما نالها الفضلاء حتى ركبوا البحر وقطعوا الفيافي والجبال وتحملوا الجوع والعطش وكان منهم من شرب البول المرة تلو الأخرى ليدفع عنه الردى وهو في طريقه لتصحيح حديث أو الحظوة بعلو سند في سلسلة ذهبية الحلقات يجر بعضها بعضا، فكان منهم الترمذي والبخاري ومسلم والنووي وبقي بن مخلد وابن تيمية وابن القيم وابن عبد البر والقرطبي وقائمة الأشراف الفضلاء على الحق والصدق طويلة ضاربة في عمق الحضارة الإسلامية المتسامية.
فكان أن وقع بعد هذا السيل الرفيع المادة مسخ ونسخ وانسلاخ ومروق وإرداد إلى السفل بعد حسنى التقويم، فكان أن خرج من رحم الأمة؛ زمن مرضها وفترة سقمها؛ عصيد والهادف وبوسريف وأمير الديايثة الغزيوي وسيدة الأدب الماجن سناء العاجي وعميد الحائفين الرويبضة حزين الأكحل وشيخه وولي نعمائه البريني وقائمة المارقين المرجفين طويلة مترهلة الحبل متآكلة المسد مدخونة المهد مدخولة اللحد.
إن قيمة هؤلاء المأجورين باتت اليوم توزن في بورصة القيم الجديدة قيم الحرية والتحرر بمدى القدرة والوسع في إمكانية سوق الأجيال المسلمة إلى حلبة الفساد وثغور الفحشاء والمنكر، وهم في جهادهم هذا وفتنتهم بغرنيقهم الغرب وصنمهم الاستغراب عوض الاستفادة من منتوج الحضارة الحديثة في ميادين الصناعة والفلاحة والطب والهندسة نجدهم يسارعون بكل إخبات وإنابة إلى الانغماس في مستنقع متاعها الأنعامي المستدرك عليه بالضلالة والانسراب بكل جراءة وصفاقة؛ مع نزواتها التي إن عرضت على البهيمة لأبتها وتمنعت منها وتفلتت من عقالها هربا من نزقها وتسفلها في النقيصة التي تأنفها فطرة الخلق، ولا نحتاج هنا إلى سوق المثال وضربه عن غيرة ومدافعة ذكران الحيوان عن حمى الأنثى ونقاوة النسل.
وكم يؤسفنا ونحن نرى أن هذا الفكر البغيض والزحف الحائف البليد لا يقر ولا يسمح لفضيلة الإسلام ومكارم الإيمان بحق الحياة إلا عن عجز وغش ومداهنة مع تحيّن الفرصة متى ما واتته دولة الأيام للانقضاض عليه والإجهاز عليه بكل سادية وتهارش.
وهو أسف ينبغي معه ألا يغرب عن البال أو أن يكون من المحال التسليم بحقيقة كون خدّام الاستغراب المارق معتنقو المذاهب المادية الهدامة أهل الحداثة المتفسخة المتهندمة بمسلاخ العقلانية لا يزالون يمارسون نشاطهم الإلحادي بسير علني وسعي سافر وإقعاد فاجر؛ تدعمهم قوى الاستكبار وترفع من شأنهم آلة المسخ الإعلامية، وهو دفع و رفع عادت معه الكثير من الحقائق الإسلامية المشهود لها تواترا بالقطع مجرد خيالات وأساطير؛ بل أضحت العديد من المثل العليا وعرى الفضيلة مجرد أحلام ورؤى وأوهام يرفع لواءها الظلاميون والمتطرفون والرجعيون والسلفيون والوهابيون..؛ ويتصدى لها بشراكة غريبة عجيبة أهل الهيكلة وأبطال الثلاثية مع صناع الحداثة أهل التنوير والحرية الذين يبغونها عوجا؛ لكنهم يرفعون لواء الطهر والاستقامة والوطنية في مزايدة قلّ نظيرها، وفي صفاقة عزَّ مثيلها؛ وفي جراءة كثر دخلها وشكر حجمها واستفحل خبثها.
فإلى الله المشتكى وله الحسبلة وإليه الحوقلة، وهو المستعان على ما يصفون، الماكر بما يمكرون، المستدرج للأخذ بعزة وقهر وغلبة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *