وزارة الثقافة أية رسالة في بلد مسلم؟ إبراهيم بيدون

إن أخطر أنواع الغزو على ديننا وهويتنا الإسلامية الغزو الثقافي الذي تشنه جيوش المد العلماني على أمتنا ذلك أنه يُبدل المفاهيم والقيم ويستلب الإرادة والفكر ويسلخ الفرد عن هويته وتاريخه وكل ما يعتز به في مقابل الانغماس في وحل الحرية المطلقة للفرد والمجتمع من قيود التشريعات الربانية.

الاتحاد الاشتراكي ووزارة الثقافة
منذ تولي محمد الأشعري منصب وزير الثقافة وهو يشهر سيف التحيز الإيديولوجي لمرجعيته الاشتراكية العلمانية في وجه كل عمل أدبي إسلامي, بل تعدت حربه أكثر من ذلك حيث طالت مصادر الشرع الإسلامي من خلال منعه للنشر المصحف برواية حفص عن عاصم ونشر الكتب الإسلامية (بما فيها دواوين السنة) في المعارض الثقافية وخصوصا المعرض الدولي للكتاب.
لقد اعتبر وزير الثقافة أن هدف المعرض (معرض الدار البيضاء فبراير 2007م) هو الانفتاح على كل الثقافات للحفاظ على التنوع الثقافي واللغوي والتعامل مع دور النشر المعروفة من مختلف أنحاء العالم، فمما قاله بهذا الخصوص: “ولهذا فكل ما نعمله اليوم في المجال الثقافي مرتبط بهذا الاختيار وهو المحافظة على التراث في إطار إعادة الاعتبار للتنوع الثقافي المغربي واعتماد هذا التنوع أساسا لتقديم صورة مغرب مختلف، مغرب غني بتعدده، مغرب قوي بإرثه الحضاري والثقافي”.
إن المنع الذي طال الكتاب الإسلامي من قبل الوزير الاشتراكي محمد الأشعري قابله انفتاح كبير (انفتاح ذو وجه علماني) في اختار ضيوف المعرض، فالضيوف هم عبارة عن ثلة من مشاهير الحداثيين المغاربة والأجانب كأدونيس والعروي وكليطو, بل حتى “أدباء” الجنس والشذوذ كالمغربي عبد الله الطايع (الذي تقدمه الصحافة الفرانكفونية ككاتب متحرر وثائر على التقاليد والمتجرئ على اقتحام الطابوهات)، والفرنسية “كريستين أنغو” (التي اشتهرت بكتابها “زنا المحارم” والذي تذكر فيه مغامراتها الجنسية مع والدها)…
فما بال الوزارة المعنية بثقافة الشعب المغربي المسلم لا تنتقي ضيوفها؟ أم أن الأدب الجنسي سيكون من ضمن الألوان التي ستسيطر على الأدب في المغرب؟
هذا بالإضافة إلى تشجيع الوزارة لكل أنواع الموسيقى قديمها أو جديدها حتى أضحت مدن المغرب حافلة بمهرجانات الرقص والغناء, فما أن ينتهي مهرجان حتى يبدأ مهرجان آخر، بل تعتبر الوزارة والوزير كثرة المهرجانات حالة تنبئ عن وعي المغاربة بموروثهم الثقافي الفني وانفتاحهم على الثقافات الأجنبية.
بالإضافة إلى المهرجانات الموسيقية كمهرجان فاس للموسيقى “الروحيةّ!”, ومهرجان الرباط وموازين, ومهرجان الصويرة .., نرى الوزارة تشجع أشكالا جديدة من الموسيقى الصاخبة (الهارد روك” “الهارد ميتال”) التي ظهرت بظهور فرقة عبدة الشيطان، حيث سمحت بتنظيم مهرجان “البولفار” الذي ضم الكثير من المخالفات بين جنباته وفعالياته من جنس وشذوذ ومخدرات وخمر وكلام فاحش (خاسر), كما أن مهرجان أنغام السلام الذي نظم صيف 2006م بأصيلا كان كذلك مناسبة لاجتماع عبدة الشيطان المغاربة بإخوانهم الأجانب. فهل المنع الذي طال الكتاب الإسلامي والانفتاح الذي تعرفه هذه المهرجانات من قبيل الوزارة دليل على الإيديولوجية الإشتراكية العلمانية التي ينطلق منها الوزير ورفاقه في الحكومة لتسيير الشأن المغربي؟ فأي مستنقع ستهوي فيه الهوية المغربية الإسلامية من طرف العلمانيين الحداثيين؟!
أما الثقافة السينمائية المغربية الجديدة فهي من قبيل فيلم “ماروك” لليلى المراكشي، وفيلم “ملائكة الشيطان” لأحمد بولان اللذان تظهر فيهما الثقافة الجديدة التي يراد للمغاربة سلوكها (تلميع صورة اليهودي كخطوة للتطبيع مع الصهيوني المحتل, والاستهزاء بالإيمانيات والمقدسات..).
إن وزارة الثقافة من شأنها أن تشجع الأدب الملتزم المسئول عن قضايا أمته, لكن للأسف فمثل هذا الأدب ليس ذو أهمية عند الوزارة.

ما هي الثقافة التي نريد؟
إن الثقافة الإسلامية هي الحصيلة العلمية والفكرية الناتجة عن دراسة وفهم النصوص الشّرعية المتعلقة بالعقيدة والشّريعة والأخلاق الإسلامية.
وأما الصلة بين الثقافة والأخلاق والسلوك الإنساني فهي صلة وثيقة لا انفصام لها، فالمثقف هو الذي يتصرف تصرفاً مثقفاً مهذباً، لكن لابد فيها من اللجوء إلى التجارب الإنسانية وهذه تحتاج لمقاييس ومعايير، فما المقياس والمعيار؟ ما لم ترتبط هذه المسألة بالوحي فإن الإنسان يخبط خبط عشواء ويضيع، لأن مسألة الأخلاق والسلوك العملي للإنسان لا تستطيع أن تفصلها عن منشئ الكون.
والثقافة الإسلامية لها مصادرها ولها تاريخها ولها رجالها، فليس بالمثقف في نظر الإسلام من لا يعرف قرآناً ولا سنة ولا أقوال السلف مهما ادَّعى، فهناك قدر معرفي لابد من توافره ليطلق على الإنسان أنه مثقف, لأن مصادر الثقافة الإسلامية تتمثل في القرآن والسنة الصحيحة وفي اجتهاد المسلمين فيما بعد لفهم هذين المصدرين، ولهذا نجدهم يقولون بالإتباع لا الابتداع (مستفاد من حوار مع الدكتور الحبر يوسف حول “الثقافة الإسلامية ومصادرها”).
فهل يا ترى تعمل وزارة الثقافة المغربية على نشر ثقافة تخدم الإسلام والهوية المغربية؟ أم قد أشغلها الطبل والدف والكلام الخاسر فلم تجد وقتا لذلك؟!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *