العاصمة طهران هي المدينة الوحيدة في العالم التي لا يوجد فيها مسجد لأهل السنة، رغم أن تعداد المسلمين السنة فيها أكثر من مليون مسلم سني، وبالمقابل يوجد في طهران أكثر من 76 كنيس يهودي، لما لا يزيد عن 25 ألف يهودي فقط.
رغم ممارسة الشيعة في إيران وغيرها لمبدأ التقية، الذي يظهرون فيه خلاف ما يبطنون ويضمرون لأهل السنة، ورغم المحاولات المتكررة للشيعة إظهار الود والتقارب مع أهل السنة والجماعة، والحرص على إقامة علاقات طيبة متبادلة مع الدول السنية وعلى رأسها دول الخليج.
ورغم الشعارات الكاذبة الخادعة الماكرة التي رفعوها لدغدغة مشاعر الشعوب الإسلامية السنية، كشعار مقاومة الاحتلال الإسرائيلي المزعوم، وأكذوبة معاداتهم الظاهرة لأمريكا والغرب، إلا أن حقدهم وبغضهم وعداءهم لأهل السنة أبى إلا أن يظهر ويفضحهم، خاصة بعد قيام الثورة السورية، التي زادت من كشف الاضطهاد والتعذيب السني على أيد هؤلاء.
لقد لقي المسلمون السنة في إيران من الاضطهاد والتضييق والتنكيل الشيء الكثير، وخاصة بعد الثورة الخمينية عام 1979، فقد نشر موقع ويكيلكس وثيقة تؤكد الاضطهاد المستمر لأهل السنة في إيران من قبل الحكومة الإيرانية الشيعية.
وتنوعت الاضطهادات التي يمارسها النظام الإيراني الشيعي ضد المسلمين السنة هناك، حيث يقوم النظام الإيراني باعتقال واغتيال علماء السنة خصوصا المشهورين وأصحاب التأثير، ومن أكثر الأمثلة التي تدل على غدر قادة الشيعة، انقلاب الخميني على من ساعده من علماء السنة في الثورة، وهو الشيخ أحمد مفتي زاده، فكان مصيره الاعتقال الذي استمر طيلة عقدين من الزمان، كذلك تلفيق القضايا المختلفة لأهل السنة في إيران، ومن أهمها العمالة والاتجار بالمخدرات لإعدامهم ورميهم في غياهب السجون.
ومن مظاهر الاضطهاد كذلك عدم تمثيلهم سياسيا بشكل يتناسب مع حجمهم، مع العلم بأن عددهم يتراوح بين 14-19 مليون مسلم، بما يشكل 20-28% من الشعب الإيراني، إضافة إلى توجيه الإهانات للصحابة الكرام وأمهات المؤمنين رضي الله عنهم ليل نهار، في أجهزة الإعلام المختلفة، رغم شكوى كبار دعاة أهل السنة وتشدق المراجع الشيعية باحترام الصحابة وأمهات المؤمنين، إلا أن الإهانات ما زالت مستمرة دون رادع وهو ما يثير حفيظة أهل السنة ويصيبهم بالأسى والحزن.
كما يتم منع كبار علماء أهل السنة من السفر للخارج للالتقاء بإخوانهم ومناقشة القضايا المشتركة معهم، كما تم مؤخرا مع الشيخ عبد الحميد إمام وخطيب أهل السنة في زاهدان، كذلك تشن المرجعيات الشيعية حملات لتشييع أهل السنة ويستخدمون في ذلك كل الأدوات من ترغيب وترهيب.
أضف إلى ذلك هدم مساجد أهل السنة ومدارسهم بحجة أنها بنيت بدون ترخيص، وهي نفس الحجة التي يستخدمها الاحتلال الصهيوني لهدم بيوت ومساجد الفلسطينيين، هذا في الأماكن والمدن التي توجد فيها مساجد أصلا، فمن أغرب ما يمكن أن يعرفه القارئ الكريم، أن طهران العاصمة هي المدينة الوحيدة في العالم التي لا يوجد فيها مسجد لأهل السنة، رغم أن تعداد المسلمين السنة فيها أكثر من مليون مسلم سني، وبالمقابل يوجد في طهران أكثر من 76 كنيس يهودي، لما لا يزيد عن 25 ألف يهودي فقط.
قال زعيم الثورة (الخامنئي) في إحدى الحفلات: إني لا أسمح للسنة أن يبنوا مسجدا لهم في طهران ما دمت حياً، مما اضطر أهل السنة أن يواصلوا إقامة الجمعة في مدرسة للباکستانيين وفي السفارة السعودية، حتی أجبر الحقد الدفين بعض المسئولين في الآونة الأخيرة، أن يحولوا دون عبادة الله تعالی في عاصمة إيران؛ وصار أهل السنة حيارى من تلك الممارسات الطائفية.
وبعد 34 عاما من الثورة الإيرانية الشيعية، ما يزال الاضطهاد والتنكيل بأهل السنة مستمرا، بل ومتزايدا مع تكشف العداء الصفوي الشيعي الإيراني لأهل السنة.
وبمناسبة ذكرى الثورة التي أحيتها إيران مطلع هذا الشهر، والتي كان لأهل السنة أثر فاعل في نجاحها وإسقاط الديكتاتورية والاستبداد، فتم تهميشهم واضطهادهم بعد ذلك، تحدث الشيخ عبد الحميد إمام أهل السنة في مدينة زاهدان بمحافظة سيستان وبلوشستان جنوب شرق إيران، متسائلا عما إذا كان الشعب ما زال مع النظام بعد مرور 34 سنة على الثورة الإيرانية، مطالبًا المسؤولين بالاهتمام بمطالب المواطنين.
وتابع إمام أهل السنة قائلا: إنه بعد مرور 34 عامًا على عمر النظام، على المسؤولين استكشاف هل ما زال الشعب في الميدان أم لا؟
وهل حقَّق مطالبه المشروعة أم لا؟
وهل نال أهل السنة مطالبهم المشروعة وحققوا آمالهم أم لا؟
وأشار الشيخ عبد الحميد أن أهل السنة في إيران ما زالوا يواجهون اضطرابًا وقلقًا، ومشكلات أساسية، داعيًا المسؤولين إلى اكتشاف أسبابها.
وأضاف الشيخ أنه يجب أن يتنبَّه المسؤولون إلى المطالب المشروعة لأهل السنة، ولو نظروا إلى رئاسة الإدارات والوزارات والقوات المسلحة، لرأوا أن مشاركة أهل السنة شبه معدومة فيها.
وشدد على وجوب ألا يرى أهل السنة مستقبلاً مظلمًا لأنفسهم وأولادهم، معتبرًا أن على النظام أن يرسم أفقا مضيئا لهم، مشيرا إلى إبطال جنسية كثيرين في سيستان وبلوشستان، بشكاوى أو تقارير كاذبة.
ولعل اللغة التي تكلم بها الشيخ لغة دبلوماسية بامتياز، نظرا لما يمكن أن يترتب على كلامه من المسؤولية والملاحقة، ومن المؤكد أن ما لم يفصح عنه الشيخ من الاضطهادات والاعتداءات أدهى وأمر، ولكن كما يقال: (إن اللبيب بالإشارة يفهم).
مركز التأصيل للدراسات والبحوث